تفصلنا ايام عن يوم 9 ايلول، يوم البدء بالحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري والذي اكتملت التحضيرات له بشرياً ولوجستياً وفنياً.
مبادرة الدعوة «اختمرت» بعد سلسلة اتصالات محلية وخارجية، كما هو معلوم، قام بها بري لانجاحها، ولو بالحدّ الادنى، مما يعني ان الخارج ايضاً يريد الحوار لتهدئة الاجواء اللبنانية نسبياً على وقع الشارع، الى حين نضوج ظروف افضل قادرة على بلورة تسويات واضحة بدءاً من رئاسة الجمهورية.
ولكن، هذا الحوار سينعقد على وقع الحراك الشعبي الذي حدّد يوم 9 ايلول ايضاً للتظاهر، ولم يسلم الرئىس بري في البيان الذي اصدره الحراك مساء امس، اذ اشار البيان الى ان «رئىس مجلس النواب الممدد لنفسه يضع جانباً كل هموم المواطنين، ويضع جدول اعمال خاصاً بمصالح رؤساء اللجان النيابية للحوار خارج الاطار الدستوري للمؤسسات، بهدف اعادة ترتيب صفوف الطبقة السياسية وشركاء المحاصصة».
وبين مواضيع الحوار التي حدّدها بري دون الرجوع الى المدعوين، ان انتخاب رئيس للجمهورية يمكن تأجيله لفترة من الوقت، وبين ما قيل في جلسة مجلس الامن الاسبوع الماضي عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن، وما صدر في البيان الختامي للقمة الاميركية ـ السعودية التي انعقدت في واشنطن ونقلته السفارة الاميركية في بيروت على «الاهمية القصوى المتمثلة بانتخاب مجلس النواب رئىساً جديداً للجمهورية استناداً الى احكام الدستور المعمول به»، يطرح اكثر من علامة استفهام.
و اذا كانت غالبية القوى السياسية قد اعلنت مواقفها العلنية عن المشاركة في جلسات الحوار ما عدا رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي اكد انه لن يشارك وان الحوار مضيعة للوقت، فان رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بعث برسائل داخلية وخارجية من خلال التظاهرة الكبيرة التي اقامها في ساحة الشهداء بانه لا يزال الاقوى على الساحة المسيحية، وانه لا يمكن تخطيه في اي مسألة دون الاخذ برأيه.
ما هو رأي الاحزاب والقوى بعدول جعجع عن حضورجلسات الحوار:
ـ الرئيس نبيه بري كان يتمنى ان يكون جعجع الى طاولة الحوار الا انه سيحرجه بموضوع سلاح حزب الله.
ـ العماد ميشال عون ليس مرتاحاً لانه يعتبر ان جعجع يعرف متى وكيف «يقطفها».
ـ حزب الكتائب منغمس بالحكومة ويعتبر وجود او غياب جعجع عن الحوار لا يقدم ولا يؤخر.
ـ المسيحون المستقلّون ارتاحوا ايضاً لعدم وجود جعجع لان سقفه أعلى من سقفهم.
ـ فريق 14 آذار مرتاح لانه يعتبر ان جعجع يزاحمه.
ـ جعجع ـ
جملة من المواقف أعلنها رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في قداس شهداء القوات اللبنانية الذي أقيم في معراب، أولها تأكيد ما سبق وتم تسريبه أن القوات اللبنانية لن تشارك في الحوار المزمع عقده في التاسع من الجاري باعتبار أنه «سيكون مثل الحوارات التي سبقته، وبالتالي مضيعة للوقت». والإشارة إلى أن «الذهاب الى الحوار الآن يحرف الأنظار والاهتمام عن الخطوة الأساسية المفصلية الوحيدة، التي ممكن أن تشكل باب فرج وخلاص في الوقت الحاضر، والتي هي انتخاب رئيس».
وأعلن جعجع «ثورة جمهورية كاملة على كل شيء إسمه فساد بمعزل عن فريقي 8 و 14 آذار»، مؤكدا : «لن تنقضي الأمور معنا بعدم المشاركة بأي حكومة سوف تتشكل كالعادة، على أسس غير واضحة وبتقاسم مغانم، بل سوف نكون رأس حربة بمعارضة هكذا حكومات»، منتقدا الوضع الحالي، ومشيرا إلى أن «الحكومة الحالية يجب أن ترحل، لكن شرط مجيء حكومة مكانها، لا عاجزة ولا فاشلة ولا فاسدة. وحتى تكون لدينا إمكانية تغيير هذه الحكومة بواحدة أفضل منها، نحتاج الى رئيس جمهورية، وأن ينتخب المجلس النيابي رئيسا جديدا، ولكن شرط أن لا نتراجع عن معركة الفساد، التي نخوضها الآن».
ـ تباينات في 14 آذار ـ
وفي هذا السياق، اشارت المعلومات الى ان اللقاء الموسع الذي ضمّ مكونات 14 آذار منذ ايام اظهر تباينات واضحة بينها في ما خصّ الحوار الذي اعتبر البعض : ان لا لزوم له وهو مضيعة للوقت وهو يُضعفنا، بينما رأى آخرون انه يجب المشاركة لان لغة الشارع تتصاعد ويجب احتواءها، وهؤلاء هم من مؤيدي الرئىس سعد الحريري.
وتشير المعلومات الى ان اتصالاً جرى بين الرئىس نبيه بري والحريري بقيَ بعيداً عن الاعلام وتمحور حول ضرورة الحوار في هذه المرحلة الخطرة التي يمرّ بها لبنان.
ـ الوطني الحرّ ـ
مصادر في التيار الوطني الحرّ رأت ان العماد ميشال عون نجح في تحقيق الهدف السلمي من التظاهرة واظهر للجميع انه يتحرك بطريقة ديموقراطية ومن دون فوضى او مواجهة مع القوى الامنية.
ونفت المصادر اي علاقة بين التظاهرة وطاولة الحوار، بدليل ان الدعوة للتظاهرة اتت سابقة للدعوة للحوار كما يعلم الجميع، ولكن لا تنكر المصادر ان التيار وجّه من خلال حراكه رسائل بالجملة للمتحاورين كافة، اولها فرض «اولويات» هذا الحوار، عبر الاشارة الى ان بحث قانون الانتخاب يجب ان يكون الاولوية المطلقة التي لا تعلو عليها اولوية، لانه يشكل المدخل الذي لا بد منه للتغيير المنشود.
واكدت المصادر ان التيار من خلال التظاهرة اعاد رسم الاولويات ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة، ولفتت المصادر الى ضرورة التوافق خلال جلسات الحوار التي يفترض انها ستستمر لعشرة ايام متواصلة، لا ان يفصل بين الجلسة والاخرى شهر على غرار ما يجري بالنسبة لجلسات انتخاب الرئىس.
ـ النفايات ـ
وفي موضوع النفايات، تقول المعلومات ان النائب وليد جنبلاط يتعرض لضغوطات وتمنيات من رئىس الحكومة تمام سلام والرئىس فؤاد السنيورة لفتح مطمر الناعمة لمدة خمسة اشهر عبر اتصالات مباشرة يجريها الوزيران اكرم شهيب ووائل ابو فاعور لامتصاص نقمة الشارع، الا ان مصادر مقربة من جنبلاط تؤكد انه متخوّف ايضاً من النقمة الشعبية التي طالته خلال الحراك الشعبي.
هذا وعلم ان رئيس الحكومة تمام سلام وافق على الاقتراحات التي قدّمها وزير الزراعة اكرم شهيب مساء امس الاول على ان تعرض على مجلس الوزراء في جلسة خلال اليومين المقبلين، للموافقة على هذه الاقتراحات، وبالتالي لم يعرف حتى الآن ما اذا كان الرئىس سلام سيدعو الى الجلسة قبل مؤتمر الحوار يوم الاربعاء المقبل او بعده.
وتقول المعلومات ان الاقتراحات التي قدمها شهيب تقوم على مرحلتين : الاولى انتقالية والثانية مستدامة وتهدف الى تكريس مبدأ لامركزية الحل واعطاء البلديات الدور الاساس في موضوع النفايات.
ولم تستبعد المعلومات ان يتم فتح مطمر الناعمة لمدة خمسة اشهر لاحتواء النفايات المتراكمة، كما ان هذه الاقتراحات تتناول نقل نفايات العاصمة الى معمل صيدا لفرزها واعادة تدويرها.