بينما لا تنفك الأولويات الوطنية المُلحّة تتعرض يوماً بعد آخر لمزيد من التمييع والتسويف لحسابات شخصية فئوية وأجندات إقليمية تعطيلية، وضع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الإصبع على الجرح الرئاسي النازف باعتباره الداء والدواء في البلاد معيداً ترتيب سلّم هذه الأولويات: «الخطوة الأولى والوحيدة التي بإمكانها إخراجنا من الوضع الذي نحن فيه الآن هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية يُشكّل حكومة جديدة فور انتخابه ثم تنظّم هذه الحكومة انتخابات نيابية على أساس قانون جديد». أما «حوار الإنقاذ» فهو بنظر جعجع «مضيعة للوقت» وسيكون مثل الحوارات التي سبقته، ولهذا السبب، أعلن أمس قرار «القوات» مقاطعة الحوار المزمع عقده في التاسع من أيلول في المجلس النيابي، في وقت دعت لجنة «التنسيق بين هيئات المجتمع المدني» أمس إلى تظاهرة مناهضة لهذا الحوار «في زمان ومكان» انعقاده.

وفي الخطاب الذي ألقاه في مهرجان «شهداء المقاومة اللبنانية» في معراب، شنّ جعجع هجوماً مركّزاً على الفساد في السلطة مشيراً إلى أنّ «تقاسم الحقائب والحصص أوصلنا إلى حكومات فاشلة وعاجزة وفاسدة»، ومعلناً إطلاق «ثورة جمهورية كاملة على كل شيء اسمه فساد بمعزل عن 8 و14 آذار». وإذ لفت الانتباه إلى أنه «حتى تكون لدينا إمكانية تغيير الحكومة الحالية بواحدة أفضل منها نحتاج إلى رئيس جمهورية»، قال جعجع: «من دون رئيس يمكننا أن نتظاهر بقدر ما تشاؤون ولكن لن نصل إلى أي نتيجة»، مشدداً في الوقت عينه على أنّ «أحد أهم أسباب كل الواقع المتردي الذي نعيشه والشلل والفساد والضياع هو وجود سلطة خارج السلطة ودويلة إلى جانب الدويلة» لأنّ ذلك في واقع الأمر «يعطل الحياة السياسية الطبيعية في لبنان ويمنع المساءلة والمحاسبة».

وفي معرض توضيح موقفه المقاطع للحوار، أكد جعجع أنّ «المطلوب واحد في الوقت الحاضر: النزول إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية»، غير أنه اشترط في سبيل إعادة «القوات» النظر بقرار المقاطعة أن يُصار إلى حصر الحوار بمسألة انتخاب الرئيس وإعلان «حزب الله» إقلاعه عن مقاطعة جلسات الانتخاب وتعهده مسبقاً بالمشاركة في الجلسة الرئاسية المقبلة في 30 الجاري.

وعن أوضاع المسيحيين في المنطقة، شدد جعجع على كون «المواجهة الحالية في دول الشرق ليست بين المسيحيين والمسلمين بل بين الديكتاتورية والديموقراطية وبين التطرف والاعتدال وبين منطق الدولة والمنطق الآخر»، مؤكداً أنّ «المسيحيين لا يمكنهم إلا أن يخوضوا المواجهة ضد التطرف والقيام بكل ما يلزم لدعم الاعتدال، ومصيرهم في هذا الشرق مرتبط بتصرّفهم مهما كانت التحديات التي تواجههم إن كان اسمها بشار الأسد أو داعش أو غيره».

مشاورات النفايات

في مستجدات أزمة النفايات، أوضحت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ «رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ينتظر اكتمال عقد المشاورات الجارية حول التقرير الذي أعدته اللجنة المختصة برئاسة الوزير أكرم شهيب تمهيداً لدعوة الحكومة إلى الانعقاد لدرس وإقرار مقترحات التقرير لحل الأزمة»، مشيرةً إلى أنه فور تسلّم سلام التقرير من شهيب انطلقت مشاورات سياسية مكثفة خلال اليومين الماضيين حول سبل إنهاء أزمة النفايات على أن تُستكمل هذه المشاورات اليوم مع القوى السياسية المعنية بالموضوع.

بدورها، كشفت مصادر بيئية شاركت في اجتماعات اللجنة المختصة لـ«المستقبل» أنّ «مجموعة خيارات اقترحت للمعالجة» خلال هذه الاجتماعات، مشيرةً إلى أنّ هذه الاقتراحات خلصت في أبرز نتائجها إلى «تحديد 3 مطامر للنفايات تراعي الشروط البيئية والصحية وتقع ضمن نطاق جغرافي يتوزع على ثلاث محافظات بشكل يؤمن العدالة والتوازن في تحمّل هذه المسؤولية الوطنية». وهو ما يأتي في سياق متقاطع مع ما كانت قد أوردته «المستقبل» مطلع الأسبوع لناحية الاتجاه نحو وقف الطمر العشوائي للنفايات في المناطق وحصره في مطمرين أو ثلاثة كحد أقصى.