لا يمكن، حتى لخصوم التيّار الوطني الحر، أن ينكروا نجاحه أمس في حشد عددٍ كبير من مناصريه في ساحة الشهداء التي تحوّلت الى أشبه برقعة جغرافيّة برتقاليّة. إلا أنّ اليوم الحاشد والفرحة العظيمة التي سادت الجمهور الذي ملأ الساحة، تعرّضا لنصف خيبة...
بعد أن اعتلى منبر التظاهرة أكثر من وجهٍ فنّي وإعلامي وأكاديمي، وسمعنا أغنيات وشعراً وشعارات وأسئلةً عن غياب الكهرباء عن اللبنانيّين (!)، اعتلى المنبر بيار رفول فصدح صوته هدّاراً من مكبّرات الصوت الضخمة المنتشرة في الساحة. بدا واضحاً أنّ إطلالة رفول تمهّد لإطلالة العماد ميشال عون، من الساحة أو عبر الشاشة. تأهّب الجمهور، رفعوا بيارقهم عالياً، أعدّوا أكفّهم للتصفيق وحناجرهم للهتاف. إلا أنّ الصدمة وقعت على الجميع حين أنهى رفول تقديمه بقوله: الكلمة الرئيسة في المهرجان لرئيس التيّار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
كان الحضور في الساحة ينتظر إطلالة عون، للمرة الثانية من جوار تمثال الشهداء بعد السابع من أيّار من العام 2005، تاريخ عودته من المطار الى الساحة. كان الحضور يمنّن النفس بأن يخطب "الجنرال" فيه، كأنّ السنوات العشر لم تمرّ، كأنّ "التيّار" لم يشهد خلافات ولم يبدّل تحالفات ولم يسقط على الدرب الذي اختاره مناصرون شاؤوا الابتعاد أو أُبعدوا...
إلا أنّ باسيل هو من أطلّ، وهو من سعى لأن "يقطف" ثمار الحشد الشعبي. فخطب ورفع الشعارات، ومن أبرزها أنّ من يحرمنا من حقوقنا سنحرمه من الوجود، من دون أن يشرح ما هو السبيل الى تنفيذ هذا الحرمان. وكان لافتاً أنّ تفاعل الجمهور مع كلمة باسيل كان متواضعاً، ولا يقارن بالتأكيد مع ما كان ليكون عليه لو أطلّ عون على المنبر.
لكنّ "الجنرال" أطلّ من الرابية، من بعد "الكلمة الرئيسة"، بصوتٍ مبحوح وبكلمة مقتضبة لم تشفِ غليل رافعي الأعلام والشعارات و... المكانس. فبقيت الخيبة، من دون أن تختفي الحماسة وشعور الفخر لدى البرتقاليّين الذين محوا أمس مشاهد التظاهرات الخجولة السابقة.
يبقى أن "إتيكيت التظاهر"، الذي كان حديث الناس في اليومين الماضيين، خُرق على يد باسيل أمس. فالمتظاهرون أجمعوا على أنّهم "نزلوا من أجل عون"، فأطلّ عليهم باسيل!