استضاف ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان ( وهي فرع الأخوان المسلمين في لبنان) الأستاذ ابراهيم المصري في حوار صريح وشفاف حول تجربة الحركات الإسلامية في المعارضة والحكم ومستقبل المشروع الإسلامي والتحديات التي تواجهها الحركات الإسلامية اليوم في ظلّ تنامي العنف والتطرف والحروب والأزمات المتنقلة في العالم العربي والإسلامي وتنامي الفتنة المذهبية .
وقد كشف المصري في هذا الحوار الكثير من المعلومات والمعطيات حول تجربة الحركات الإسلامية في الحكم ومواقفها من مختلف التطورات ، لكن من أهم ماقاله المصري : إنّ معظم الحركات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم في عدد من الدول العربية لم تكن مهيأة للحكم ولم تكن تريد الوصول إلى السلطة ولم يكن لديها البرامج الكاملة لإدارة البلاد ممّا أوقعها في الأخطاء والإشكاليات ، مع أنّه أكد أنّ عدداً من الدول الخليجية عملت لإسقاط تجربة حكم الإخوان المسلمين في مصر لأنّها كانت خائفة على مستقبلها ومصيرها في حال نجحت هذه التجربة .
فإذا كان دقيقاً ما قاله الشيخ إبراهيم المصري( وهو من أهم قيادات الحركات الإسلامية اليوم في العالم العربي والإسلامي ويمتلك معلومات ومعطيات مهمة حول التجارب الإسلامية ) من أنّ الحركات الإسلامية ليس لم يكن لديها برنامج كامل للحكم رغم أنّها تأسست منذ حوالي التسعين عاماً ( حركة الإخوان المسلمين تأسست عام 1928) ولدى هذه الحركة وقياداتها مئات المؤلفات حول الحكم الإسلامي والقوانين الإسلامية وكان شعارها الدائم : الإسلام هو الحل ، فلماذا لم تمتلك هذه الحركات البرنامج الكامل للحكم؟ ولماذا ترشحت للرئاسة والنيابة وعملت لتشكيل الحكومات والوزارات؟
وإذا كان دقيقاً ما قاله الشيخ المصري في هذا الحوار: من أنّ هدف الحركات الإسلامية كان فقط تشكيل قوة معارضة تعمل لتصويب الأداء ، فلماذا لم تتعاون هذه الحركات مع بقية القوى السياسية والحزبية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية؟ ولماذا رفضت إعادة النظر بأداء الحكومة والرئاسة وإجراء انتخابات جديدة في مصر؟ ولماذا يتمسك الرئيس عمر البشير بحكم السودان؟ ولماذا تحرص حركة حماس على الإمساك بالسلطة في قطاع غزة وترفض التخلي عنها رغم كل المشكلات التي تواجهها ؟ ولماذا يتمسك حزب الدعوة الإسلامية بالسلطة في العراق؟ ولماذا يسعى حزب التحرير لإقامة الخلافة الاسلامية؟
صحيح أنّ أداء حركة النهضة في تونس يختلف عن أداء بقية الحركات الإسلامية في العالم العربي وكانت الحركة حريصة على المشاركة والتعاون مع بقية القوى السياسية وهذا ما ساهم في حماية التجربة الديمقراطية في تونس وقد يكون هناك أسباب داخلية وخارجية قد ساهمت في كل ذلك.
وبالإجمال يمكن القول أنّ ماقاله الشيخ ابراهيم المصري في هذا الحوار مهم ويستحق التوقف عنده ولذلك يجب على كل الحركات والأحزاب الإسلامية إعادة النظر بالنظر بأدائها وإجراء مراجعة شاملة لتجربتها إن في الحكم أو في المعارضة، لأنّ ما نشاهده اليوم في العالم العربي والإسلامي من مآسي وخراب وعنف وتطرف خطير، وإنّ الحركات الإسلامية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عمّا جرى ويجري، ونحن بحاجة للمزيد من هذه الحوارات الصريحة والشفافة والجريئة.