بعبوة ناسفة وضعت في أسفل سيارته على طريق ضهر الجبل في الأطراف الشرقية لمدينة السويداء ، اغتال نظام الأسد الشيخ المثير للجدل وحيد البلعوس ،هذا الشيخ الدرزي المقلب "بشيخ الكرامة" والرافض لأبناء طائفته الإنخراط في الجيش ومقاتله أهلهم وأشقائهم ...
هو المعارض للهيمنة الأسدية ولشبيحة النظام والمتصدي بجرأة للتطاول على السويداء ودروزها ، مواقف الشيخ البلعوس لم تكن تعرف الخوف أو التردد فالكرامة والعيش المشترك هما نهجه الأول ، فحينما تطاول ضابط سوري على مجموعة من الدروز ليتداعى الأمر لهجومهم على الحاجز كردة فعل ، صرّح الشيخ منتقداً بشار الأسد ومتهماً اياه ببيع البلاد للإيرانيين والسعي إلى التقسيم والطائفية ...
تصريحاته لاقت العديد من ردود الفعل المعارضة حتى من أبناء جبله وطائفته ، ليصدر بياناً عن مشيخة العقل يقضي بتوجيه «البعد الديني إلى وحيد البلعوس وأتباعه» ، معلنين أنهم يرفضون أي إساءة لقائد الوطن والجيش العربي السوري حامي حمى الأوطان .
قرار الإبعاد ، شكّل من الشيخ وحيد حالة شعبية وطنية ، فإلتف حوله المشايخ المعارضون لسياسة النظام كما حظي بدعم شعبي واسع ، مبادىء الشيخ الدرزي واضحة ولا تقبل التجزئة ولا المساومة ، فهو المعارض للنظام السوري والداعي إلى مقاطعة الخدمة العسكرية في صفوف جيشه ، وهو زعيم مجموعة "مشايخ الكرامة" الهادفة إلى حماية المناطق الدرزية من تداعيات النزاع السوري المستمر منذ أكثر من أربع سنوات.
كما و قد لعب الشيخ البلعوس دوراً هاماً في حل خلافات وقعت بين الدروز وفصائل في المعارضة السورية، خاصة الناشطين في مدينة درعا المجاورة للسويداء.
المنطقة الدرزية بعد الشيخ البلعوس لن تكون كما كانت بحضوره ، ومنذ لحظة الإغتيال بدأت التداعيات تفرض نفسها على الساحة السورية لا سيما في السويداء ومحيطها ، فعقب الإغتيال قامت مجموعة من مناصري الشيخ بمهاجمة مراكز للشرطة تابعة للنظام ، كما خرج عشرات المواطنين في تظاهرات أمام مقرات حكومية عدة وقاموا بتحطيم تمثال الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في السويداء، و قاموا أيضاً بإحراق عدد من السيارات ..
ويبدو أنّ ظن بشار الأسد أنّه بإغتيال الشيخ وحيد سوف يقضي على صوت الكرامة المعارض له في الجبل ، قد خاب ، فبإغتيال البلعوس سوف تشهد السويداء ظهور حالات كثيرة مشابهة له ومعارضة بشدة لسياسة النظام ، لأنّ الشيخ لم يكن حالة فردية أو "شخص" بل هو نهج وفكر ثوري سيؤسس امتداداً أوسع وأقوى بعد رحيل الشيخ الجريء ...
تداعيات الإغتيال لم تنحصر سورياً أو في السويداء ، بل امتدت إلى لبنان وإلى زعيم الجبل وليد جنبلاط المتفاعل مع دروز السويداء ، فوليد بك قد سبق وأعلن دعمه للشيخ البلعوس منتقداً المشايخ الذين اصدروا قرار الإبعاد بحقه ومعتبراً أنهم بهذا القرار أبعدوا عن أنفسهم النخوة والكرامة بتوجيه من المخابرات ..
جنبلاط لم يتردد فور شيوع خبر الإغتيال من توجيه إصبع الإتهام إلى دمشق وبشار الأسد ، معللاً أنّ الموضوع في سوريا حاليا هو فرز وطني، فمن يقف بمواجهة النظام هو الوطني، وغيرهم إما مغرر بهم وإما عملاء للنظام .
فهل يؤدي اغتيال الشيخ وحيد البلعوس إلى انقسام في الجبل اللبناني ، ما بين وليد بك الداعم للمعارضين من أهل السويداء ، وسائر الأطراف السياسية الدرزية الموالية للنظام والتي لم تعلن حتى الآن موقفها من الإغتيال ؟