نجج التيار الوطني الحر في «الامتحان الشعبي» واختبار الشارع واثبت العماد ميشال عون انه ما زال قادرا على الحشد والتعبئة والكريزما العونية ما زالت تفعل فعلها في الجمهور العوني الذي اثبتت تظاهرة امس انه ما زال يتمتع بالحيوية والنشاط والدقة في التنظيم الحضاري حيث لم تسجل اية حادثة لا بل على العكس قامت قوى الامن الداخلي بتسهيل وصول المواطنين عبر تنظيم السير فيما كانت تعليمات قائد الجيش العماد جان قهوجي واضحة لجهة عدم حصول اي «احتكاك» او تماس بين الجيش والمتظاهرين ولا شك ان تظاهرة امس شكلت محطة لافتة للعونيين في ظل الحشد الشعبي الذي فاق عشرات الالاف وهذه المحطة كان العونيون بحاجة اليها بعد موجات التشكيك من 14 آذار واطراف من 8 آذار ان العماد عون فقد القدرة على الحشد والتيار الوطني خف بريقه بسبب سياسات العماد عون الجديدة وتحالفه مع حزب الله وموقفه من الاحداث في سوريا.
والسؤال هل ستشكل تظاهرة العماد عون مقدمة لحرب الساحات والحشود والاحجام في ظل معلومات بأن منظمات الحراك المدني وفي كل اتجاهاتها بدأت بعقد الاجتماعات وعمليات التنسيق لتأمين حشد شعبي في تظاهرة 9 ايلول، كما دعت هيئة التنسيق النقابية الى المشاركة وبالتالي فإن الحراك المدني سيحاول توجيه رسالة في 9 ايلول بأنه قادر على الحشد أكثر من العماد عون. واذا استطاع الحراك المدني تأمين هذا الحشد سيكون ذلك تحدياً للعماد عون، خصوصا ان الساعات الماضية ظهرت وكأن حراك العماد عون موجه الى الحراك المدني الذين عبّر الناشطون فيه عن استيائهم من هجوم التيار الوطني عليهم واستغربوا هذه الهجمات وكأن الحشد العوني موجه ضدهم.
الحشد الشعبي العوني فاجأ الجميع وتحديدا تيار المستقبل حيث اشارت قناة «المستقبل» الى ان الحشود عائدة لانصار حزب الله كما ان صورة الحشد لن «يهضمها» الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط اللذان خاضا حربا «خفية» ضد العماد عون وترشحه لرئاسة الجمهورية واحيانا بالواسطة.
علما ان مشهد امس ربما سيكون مصدر ازعاج للقوات اللبنانية التي ستقيم اليوم مهرجاناً شعبياً في ذكرى الشهداء في معراب حيث سيلقي «الحكيم» كلمة بالمناسبة، حتى ان سيئي النية تجاه الجنرال والممتعضين تحديدا القوى السياسية المشاركة في الحكومة من حراك عون وفي مقدمهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي سأل عون ضد من تتظاهر والتيار الوطني شريك في هذه الحكومة وفي الحكومات السابقة هل ستتظاهر ضد انقطاع الكهرباء وغيرها وانت المسؤول، فيما العماد عون اعلن بوضوح انه يتظاهر ضد الجميع بمن فيهم المشاركون على طاولة الحوار باستثناء حزب الله الذي اصابته الدهشة بعد ان اثبت حليفه الاساسي العماد ميشال عون قدرته الشعبية فيما تيار المردة عبّر عن ارتياحه لتظاهرة العماد عون والحشد الشعبي.
من الطبيعي ان ما جرى امس بالنسبة للعونيين لن يكون كما بعده ولن يستطيع اي فريق سياسي اقناع العماد عون بالانسحاب من رئاسة الجمهورية لا بل سيصعد من مواقفه ورفضه مجيء رئىس «خشبي» كما قال الوزير جبران باسيل.
رسالة العماد ميشال عون الشعبية وصلت الى الجميع وبأنه على استعداد لتكرار تظاهرة امس في وجه كل من يعرقل خطواته الاصلاحية وان انكساره عام 1990 كان بسبب الدبابات السورية اما اليوم فلا دبابات سورية ولا غيرها، كما ان تظاهرة امس ستشكل اكبر ضغط على الرئيس تمام سلام وعمل الحكومة ولن يكون مسموحا ان تأخذ القرارات من دون تعديل الآلية كما يريد العماد عون واذا حاول الرئىس سلام الخروج عن الشراكة سيكون الشارع العوني جاهزا للتصدي والتظاهر وصولا الى السراي الحكومي.
لا شك ان الرسالة يريد العماد عون استثمارها في رئاسة الجمهورية وسيذكر الرئيس سعد الحريري بوعوده السابقة في ايطاليا لجهة الموافقة على العماد عون رئىسا للجمهورية وتنفيذه الوعد الذي تراجع عنه الحريري في بيروت وبالتالي هل تكون التظاهرة رسالة للحريري للعودة الى «طاولة الحوار الثنائىة» مع العماد عون كما يطالب حزب الله.
العماد عون وجه ايضا رسائل خارجية من خلال اعلام العونيين المتراصة في ساحة الشهداء امس الى واشنطن والرياض وسفارات دول كبرى انه ما زال الاقوى في الشارع وانه اللاعب الاساسي على الساحة اللبنانية وانه الزعيم الاقوى عند المسيحيين. خصوصا ان التظاهرة اعطت معنويات للمسيحيين وستكبر معنوياتهم بشكل اكبر وكيف كانت ستكون صورة المسيحيين اذا نزل جعجع والكتائب والمردة الى جانب عون وبالتالي عندما يستطيع المسيحيون استعادة كل الحقوق وفرض شروطهم وصولا ربما الى تعديل الطائف واستعادة صلاحيات رئىس الجمهورية.
وبالرغم من الرسائل العديدة الذي سيحاول ايصالها العونيون من خلال تظاهرة امس لكن عليهم ان لا يعيشوا على سكرة انتصار امس ويراهنوا بأن المعطيات انقلبت لصالحهم لان حجم القوى المعارضة للتيار الوطني كبير جدا ومن قال ان بري والحريري وجنبلاط سيأخذون المعطيات الجديدة التي اقرها الشارع العوني لا بل على العكس سيتجاهلون ما حصل ولن يدخلوا بأي سجالات مع العونيين لكن الاقطاب الثلاثة ما زالوا على مواقفهم الرافضة لوصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية فيما العماد عون سيتمسك اكثر واكثر بالرئاسة وهذا هو ما يريده من تظاهرة امس وبالتالي سيكون حوار 9 ايلول بلا نتيجة على صعيد الملف الرئاسي واقصى ما سينتج عنه عودة التشريع وتفعيل الحكومة مع مناقشة قانوني الانتخاب والجنسية دون الوصول الى نتيجة لان على العماد عون ان يدرك ان قانون الانتخاب الذي يطالب بتحقيقه على اساس النسبية لتنظيف الشارع من خلال الانتخابات النيابية من الفاسدين امر صعب المنال وهناك اقطاب في الطبقة السياسية يعتبرون قانون الانتخاب حالة حياة او موت بالنسبة اليهم وقانون الانتخاب كان المشكلة الاساسية في البلاد ولم يزل والجميع يعرف ان السوريين قاموا باجراء الانتخابات النيابية على قياس جنبلاط لانه يرفض اي قانون ليس على قياسه وقياس طائفته وهناك الكثير من القيادات تتناغم مع جنبلاط في مواقفه، فالنسبية لن تقبل بها الطبقة السياسية ولن تكتب ورقة نعيها بيدها، لذلك المواجهة ليست سهلة في ملف قانون الانتخاب كما ان ملف استعادة الجنسية تعارضه قيادات اسلامية ولن تسمح بتمريره لذلك فان الحوار سينتج عنه ما يريده بري والحريري وجنبلاط والامور الاخرى ستكون للنقاش الشكلي ومن دون قرارات.
بعد 4 ايلول المواجهة الى تصاعد والساحات ستكون مفتوحة للتظاهرات وعرض القوة والاحجام والبداية كانت امس مع الخطاب الاول لرئىس التيار الوزير جبران باسيل والذي وجه رسائل في مختلف الاتجاهات منتشيا بالحدث العوني المميز الذي دشن فيه خطوته الاولى برئاسة التيار.

ـ ملف النفايات ـ

سلم وزير البيئة اكرم شهيب رئىس الحكومة تمام سلام تقرير لجنة خبراء البيئة لمعالجة ملف النفايات واكد شهيب انه سيقدم استقالته من رئاسة اللجنة في حال لم يتم الموافقة على التقرير لكنه عاد واكد ان قرار الاستقالة هو لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.
وعلم ان الرئىس تمام سلام سيدعو الى عقد جلسة للحكومة نهار الخميس وبعد جلسة الحوار الذي دعا اليها الرئيس نبيه بري الاربعاء.
واللافت ان تقرير الوزير اكرم شهيب يتضمن التخلي عن المركزية في معالجة الملف واعطاء الدور الاساسي لاتحاد البلديات في المعالجة على ان يتم الطمر خلال الفترة الانتقالية في صيدا وعكار ويتضمن تقرير شهيب اعفاء البلديات من الرسوم الموجبة عليها للدولة والمقدرة بـ 2000 مليار ليرة سنويا واعطاء اموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل لكن بند اعفاء البلديات من الرسوم يواجه بمعارضة من كتل اساسية وتحديدا تيار المستقبل والرئيس سلام وستحسم كل هذه النقاط في جلسة الخميس.