هذه المرة جاءت "الثالثة ثابتة" في سياق "الحراك" العوني السابق والموازي للتحرك الشبابي الاحتجاجي، فشكلت تظاهرة 4 ايلول العونية استجابة كبيرة لنداء الزعيم المؤسس لـ"التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون في جعل هذه التظاهرة نقطة مفصلية في اثبات قوته الشعبية داخل تياره على رغم الهزات الحادة التي تعرض لها إن في تسلم رئيسه الجديد الوزير جبران باسيل رئاسة التيار، وإن في ضمور حجم التظاهرتين السابقتين. والواقع ان ساحة الشهداء شهدت في أقل من أسبوع حشدا كبيرا يضاهي تقريبا تظاهرة 29 آب لحملات التجمع المدني في ايحاء ناطق بأن البلاد تعيش تصاعد حمى التحركات الشعبية وان اختلفت اختلافا واسعا منطلقات كل من الحشدين اللذين تعاقبا على الساحة بين السبت الماضي وامس الجمعة باختلاف المضامين والاهداف والتوجهات.
فالحشد البرتقالي، وان سمع خطابا سياسيا من الوزير باسيل تماهى في الكثير من أدبياته مع خطاب التحرك المدني، بدت قبلته الواضحة "قصر الشعب" في بعبدا استنادا الى النقطة المركزية التي استنفر العماد عون أنصاره من مختلف المناطق على أساسها، اي انتخاب رئيس "قوي". كما لم تخف دلالات الاسناد الرمزية لوفود من مناطق الحلفاء سواء من الضاحية الجنوبية او الهرمل او حضور رموز حليفة كرئيس حزب الطاشناق النائب أغوب بقرادونيان عن المشهد الرئاسي للحشد فيما لم يتأخر خطيب التظاهرة في تحديد هذا الهدف بقوله: "اليوم دعونا مناصري التيار الى ساحة الشهداء وغدا جميع اللبنانيين الى قصر الشعب، اليوم "تحماية" وغدا سيعود التسونامي". واذا كانت إصابة العماد عون بالرشح حرمت حشده خطاب في المناسبة فانه في الكلمات القليلة التي توجه عبرها الى المتظاهرين اعتبر بدوره ان "اللقاء المجيد سيكون بداية اصلاح لوطننا وعودة الى تاريخه".
14 آذار والحوار
وتتجه الانظار الى مشهد حزبي آخر مساء اليوم في معراب، حيث تحيي "القوات اللبنانية" الذكرى السنوية لشهداء المقاومة اللبنانية، ويحدد رئيسها سمير جعجع موقف الحزب من دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار في 9 ايلول. وعلمت "النهار" في هذا الإطار ان اجتماعاً قيادياً عقدته قوى 14 آذار مساء اول من أمس في بيت الوسط واستمر نحو ساعتين وربع ساعة، شارك فيه رئيس "كتلة المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، ونائب رئيس المجلس فريد مكاري، ورئيس كتلة "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميٰل، والوزيران بطرس حرب وميشال فرعون. وكان سبق هذا الاجتماع لقاء ثنائي جمع السنيورة وعدوان في مجلس النواب لتنسيق المشاركة في الحوار وجدول أعماله. ولم يفرج حزب "القوات" عن قراره النهائي في هذين الاجتماعين ولا أمام النائب ميشال موسى الذي حمل الدعوة الى معراب وسلٰمها الى جعجع، على ان يعلن الموقف بالمشاركة وأسبابها، او بالمقاطعة وموجباتها، في الاحتفال القواتي اليوم.
وعلم ان المجتمعين في بيت الوسط تداولوا أولويات الحوار، وكان التوجه العام أن يقتصر النقاش حصراً على رئاسة الجمهورية. وهذا ما يلتقي عليه "المستقبل" وحزب الكتائب الذي سيعلن هذا الموقف في اجتماع لمكتبه السياسي هذا الأسبوع عشية الاجتماع الأول لطاولة الحوار، كما ان الوزيرين فرعون وحرب ليسا بعيدين من هذا التوجٰه، لكنهما فضلا اتخاذ القرار في ضوء النقاش على الطاولة.
أما في المواقف من الاوضاع الناشئة أخيرا، فاسترعى الانتباه أمس كلام لوزير الداخلية نهاد المشنوق جاء فيه ان "المطالبين باسقاط النظام ما كانوا ليصلوا الى هذا المستوى من الغضب والانفعال لولا ان النظام معطل بفعل قوة وهج السلاح الخارج عن الشرعية". ولفت الى "شهادة حق لسعد رفيق الحريري" قائلا انه "لم يرث بيتا سياسيا فقط، بل تميز بشجاعة مسؤولة جعلته يتخذ أصعب القرارات والخيارات وان كانت غير شعبية لحماية أهله وبلده ولبنان وأمنه واستقراره".
السفارة الأميركية
وسط هذه الاجواء وفي ظل ما يتردد باستمرار عن دور للسفارة الاميركية في لبنان في التحركات الاحتجاجية، قال امس مصدر في السفارة لـ"النهار": "إن الشعب اللبناني يستحق حكومة فاعلة ومسؤولة، وبينما تدعم الحكومة الاميركية مبدأ حرية التعبير والتجمع السلمي، ليس لها أي دور لا من قريب ولا من بعيد في التظاهرات. ونكرر دعمنا لاستقلال لبنان واستقراره قويا كما دائما".
باريس تحيي بري
وفي أول موقف رسمي لفرنسا من التظاهرات الشبابية الاخيرة، صرح امس الناطق باسم وزارة الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية رومان نادال: "نحن دائما في غاية الانتباه الى الوضع في لبنان والى تطورات المجتمع اللبناني، ونحن متمسكون دائما بالاستقرار في لبنان ونتابع باهتمام هذه التطورات". وذكّر بالبيان الصادر عن مجلس الامن في 2 ايلول والذي أكد فيه دعمه للحكومة اللبنانية ولرئيس الوزراء تمام سلام، وكذلك لضرورة انعقاد مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت. واضاف الناطق الفرنسي: "تحيي فرنسا المبادرات لتشجيع الحوار بين اللبنانيين بغية تقديم الحلول الملموسة للأزمة السياسية والصعوبات التي يواجهها اللبنانيون ونحيي في هذا الصدد مبادرة رئيس المجلس نبيه بري".
تصوّر حل
في سياق آخر، أطلع وزير الزراعة أكرم شهيب مساء امس الرئيس سلام على نتائج اعمال اللجنة التي يرأسها لتقديم تصور حل لازمة النفايات. واوضح شهيب عقب الاجتماع الذي شارك فيه عدد من اصحاب الاختصاص ان الخطة المقترحة تتضمن "اجراءات المرحلة الانتقالية التي تكفل انتظام خدمة النفايات الصلبة ورفع ما تكدس منها في كل المناطق. أما المرحلة الثانية فمستدامة وتهدف الى تكريس لامركزية الحل واعطاء السلطات المحلية الدور الاساسي. وتم التوافق على استمرار الاتصالات لتأمين الوصول الى قرار نهائي يضمن نجاح مكونات الخطة تمهيداً لإقرارها في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء".