يسلّم وزير الزراعة أكرم شهيب اليوم رئيس الحكومة تمام سلام تقرير لجنة الخبراء البيئيين الذين طلب استشارتهم لحل أزمة النفايات. مقترحات شهيب تبدو «جذرية»، في مرحلتها النهائية. فهو، سيقترح على مجلس الوزراء إلغاء الديون المترتبة للدولة على البلديات، والبالغة أكثر من ألفَي مليار ليرة، وتحويل المبالغ المستحقة للبلديات لدى الدولة الى الصندوق البلدي المستقل، والتي تفوق أيضاً ألفي مليار ليرة.

ويتوقّع أن يثير هذا الاقتراح اعتراضات سياسية كبيرة، خصوصاً من تيار المستقبل الذي يرفض فكرة شطب ديون البلديات، ويرى أنها «تحمّل الخزينة أعباءً لا تستطيع تحمّلها». فحتى اليوم، لم يرفع التيار الازرق صوته معترضاً على تحويل أموال البلديات إليها، لأن هذا القرار يعني في الوقت الحالي عدم تحويل أي مبالغ ذات قيمة، في حال طُلِب من البلديات تسديد ديونها إلى الدولة، إذ إن الديون تعادل المستحقات تقريباً. لكن اقتراح إعفاء المجالس البلدية من الديون، يعني دفع الدولة مبلغاً يراه المستقبليون هائلاً، فضلاً عن ضرورة تأمين «حوافز» للمناطق التي ستقبل بإقامة مطامر للنفايات فيها في المرحلة الانتقالية.


تحويل الأموال إلى
البلديات من دون شطب الديون سيكون بلا معنى

 


كذلك ينص اقتراح شهيب على تحويل ملف إدارة النفايات كاملاً إلى البلديات واتحاداتها، لكن بعد انقضاء فترة انتقالية يرى فيها وجوب تأمين «مطامر صحية» لنفايات منطقة عمل سوكلين (بيروت وجبل لبنان). وتحدّث شهيب أمس عن أن حل أزمة النفايات يحتاج إلى «قراءات جريئة»، فيما لفتت مصادر وزارية إلى أن المرحلة الانتقالية ستتضمن إقامة مطامر صحية في عكار والسلسلة الشرقية، فضلاً عن الاستعانة بمعمل معالجة النفايات في صيدا.
على صعيد آخر، بادرت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى لبنان سيغريد كاغ، أول من أمس، إلى عرض تقديم إحاطة إلى مجلس الامن الدولي (نيويورك ــ نزار عبود) عن الأوضاع المتوترة في لبنان جراء أزمة النفايات. واطّلعت «الأخبار» على إحاطتها التي نسبت إلى الدبلوماسي الاميركي جيفري فلتمان، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، وفيها أن كاغ تريد حلحلة المأزق السياسي بمنح الحكومة اللبنانية أنياباً سياسية تمكّنها من اتخاذ القرارات الحساسة، أو التعجيل بالتوافق على رئيس جديد. مطلب يبدو بريئاً في الظاهر، لكنه حمّال تأويلات كثيرة في الباطن.
بعد إثارة سيغريد كاغ للمخاطر الناجمة عن الفراغ الدستوري في لبنان المحاصر بالمشاكل من الداخل والخارج، بما في ذلك احتمالات حدوث أعمال شغب وعنف بسبب أزمة النفايات وغيرها، قالت لأعضاء مجلس الأمن إن لبنان يحتاج إلى «مؤسسات تعمل، وبالأخص الحكومة والبرلمان»، لكي يسهم ذلك في نجاح الدعم لاستقرار البلاد على المدى البعيد، «وهذا يقتضي بدوره سد الشغور الرئاسي».
ورأت كاغ أن مبادرة الحوار التي أطلقها الرئيس نبيه بري جاءت إيجابية. وعزت الفضل في طرحها إلى التظاهرات التي قام بها المجتمع المدني. وأكدت ترحيبها بالحوار من أي جهة أتى كمخرج من التوتر الحاصل، وهو موجه نحو نتيجة محسوسة على شكل «حكومة عاملة قادرة على اتخاذ قرارات أساسية في هذا الظرف، حتى في ظل غياب الرئيس»، حسب تعبيرها.
ورحّبت المبعوثة الشخصية بوجود شارع «غير طائفي» يمثل «أوسع شريحة ممكنة من السكان والطبقات والمناطق». وهذا يعدّ في رأيها «حافزاً للتغيير في البلاد». وأكدت أنها شجعت «كل التجمعات السياسية بغرض إيجاد سبيل مناسب للتقدم في (تلبية) عدد من المطالب الفورية المبررة، فضلاً عن اغتنام الفرصة نحو حل ذي مغزى».
مع ذلك، أعربت عن تخوفها من حدوث أعمال عنف محلية «يمكن رؤيتها في الاحتجاجات الأولية مع احتمال أن تكبر لتتمخض عن نتائج أكثر جدية». وتوقعت أن يستمر «تفاقم فشل الحكومة في اتخاذ القرارات ما لم يتم إيجاد حل من المأزق الحاصل».
واستبعدت كاغ التوصل إلى حل للطريق المسدود الذي وصلت إليه الأمور بالنسبة إلى اختيار الرئيس، «بالرغم من أهمية المبادرات السياسية والاجتماعية المطروحة».
ولفتت إلى وجود نحو مليون ومئتي ألف لاجئ سوري في لبنان، معبّرة عن مخاوف «من انتقال النزاع السوري إلى داخل الأراضي اللبنانية جراء المذهبية اللبنانية والاستقطاب الحاصل». وحثّت على دعم الجهود من أجل «إيجاد حل عاجل لأزمة الرئاسة اللبنانية»، في إطار عملية داخلية لبنانية خالية من التدخل الخارجي. وطلبت من المجلس اعتماد رسالة إلى اللبنانيين بأن يعرب المجلس عن القلق حيال الأزمة الحالية ومضاعفاتها على مؤسسات الدولة الدستورية وما يعرقل قدرة الدولة على تلبية احتياجات المواطنين.
وأخيراً، طلبت دعوة المجلس القادة اللبنانيين إلى «الارتقاء فوق اهتماماتهم ومصالحهم الشخصية والعمل نحو تحقيق المصالح الوطنية بإظهار المرونة وروح الاستعجال في انتخاب رئيس بدون تلكّؤ».