لا صوت يعلو فوق صوت الشارع هذه الأيام. فالشارع أصبح شوارع والحراك المطلبي يتناسل تحركات وحملات تزاحم بعضها في ميادين الصراع مع السلطة رفضاً للواقع السياسي والمعيشي والاقتصادي والمالي والبيئي والصحي الموبوء بمختلف عوارض الفساد والإفساد والاستبداد بالبلاد والعباد التي تضخها دويلة «حزب الله» في عروق الدولة ومؤسساتها لتعطيل أجهزتها الحيوية ومناعتها الوطنية طمعاً بإعلان موتها السريري على فراش «كارتيل» سلاح الغدر ومعامل الكبتاغون وتزوير الأدوية وتبييض الأموال على مختلف خطوط الموانئ البحرية والبرية وعلى كافة جبهات عصابات القتل والخطف والابتزاز والسلب وسرقة السيارات التي تديرها شبكات «حزب الله» وأشقاء «إخوانه» المسؤولين المحاضرين بالفضيلة وبمكافحة الفساد على امتداد المنطقة والوطن من «إيران غايت» إلى «عزالدين غايت» وغيرها من صفقات وسمسرات «المال النظيف». لكن بعيداً عن محاولة الحزب خرق الشارع المطلبي والاستيلاء على شعارات الناس بادعاء العفة «الصفراء» سواءً عبر بيان كتلته البرلمانية أو على ألسنة بعض «أصابعه» الصغيرة المرفوعة على المنابر، وبمعزل عن لعبة ركوب الأمواج المطلبية التي ستكون اليوم على موعد مع تظاهرة «برتقالية» دعا إليها النائب ميشال عون تحت شعار المطالبة بقانون انتخابات جديد متعمداً بذلك محاصرة «حوار الإنقاذ» وشقلبة أولوياته الانتخابية من رئاسية إلى نيابية، يتسارع «عدّاد» الشارع وتتفاعل تحركاته الاحتجاجية على أكثر من صعيد ميداني متخذاً أمس أشكالاً ثلاثية الأبعاد: «إضراب عن الطعام» أمام وزارة البيئة، تعطيل عدادات «الباركميتر» أمام وزارة الداخلية، واعتصام مركزي موجّه ضدّ وزارة العمل. 

وكان نهار العاصمة المطلبي قد انطلق أمس على محور «الرصيف البحري» مع إقدام مجموعة تابعة لحملة «بدنا نحاسب» على تنظيم تظاهرة رافضة لتطبيق نظام عدادات الدفع المسبق لركن السيارات هناك حيث عمد بعض المتظاهرين إلى تخريبها وتعطيلها ما اضطر عناصر من المفرزة الاستقصائية إلى توقيف اثنين منهم بتهمة التعرض للممتلكات العامة ثم ما لم لبث أن تداعى الناشطون في الحملة إلى الاعتصام مساءً أمام وزارة الداخلية للمطالبة بإطلاق سراحهما، ولم يفضّوا الاعتصام حتى صدرت الإشارة القضائية بإطلاق الموقوفين بالتزامن مع إصدار محافظ بيروت زياد شبيب قراراً طلب بموجبه من الشركة المشغلة لعدادات «الباركميتر» وقف العمل بها فوراً.

وأمام وزارة البيئة، نصب عدد من ناشطي الحراك المدني خيمة في محيط مبنى اللعازارية وبدأوا إضراباً عن الطعام، مؤكدين أمام وسائل الإعلام أنهم مستمرون في إضرابهم حتى «استقالة الوزير محمد المشنوق». بينما تولى «تحرك 29 آب» تنظيم اعتصام مركزي أمام مقر وزارة العمل ما استدعى حضور الوزير سجعان قزي لمواكبة الإجراءات الأمنية في محيط الوزارة، بينما دعا المعتصمون في ختام تحركهم إلى أوسع مشاركة في تظاهرة 9 أيلول الرافضة للحوار في مجلس النواب.

عون يحاصر الحوار

سياسياً، لم يكد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون يتسلم نهاراً الدعوة الرسمية من رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار وفق جدول أعمال تتصدر أولوياته «رئاسة الجمهورية واستعادة عمل مجلسي النواب والوزراء»، حتى قفز عون مساءً إلى رابع بنود الجدول مقدّماً مسألة سنّ قانون انتخابي جديد على أولوية انتخاب الرئيس، وفق ما جاء في دعوته المتلفزة لمناصري «التيار الوطني الحر» إلى المشاركة الكثيفة في تظاهرة اليوم باعتبارها «لحظة تاريخية»، متوجهاً إليهم بالقول: «أتأمل أن تقترعوا غداً (اليوم) بأقدامكم وتعبّدوا الطرق كي تصلوا إلى الاقتراع السليم في صناديق الاقتراع».

تقرير النفايات

أما في مستجدات ملف أزمة النفايات، فقد اجتمع وزير الزراعة أكرم شهيب المكلف متابعة الملف أمس مع رؤساء بلديات المناطق وممثلي الاتحادات البلدية الذين طالبوا بتحرير فوري للأموال المستحقة للبلديات من عائدات الخليوي والصندوق المستقل البالغة نحو 2000 مليار ليرة إفساحاً في المجال أمام تمكينها من معالجة النفايات كل منها ضمن نطاقها الجغرافي، في حين أمل شهيب الوصول «قريباً» إلى الحلول اللازمة للأزمة على قاعدة «نقل الملف من مركزية العمل إلى لا مركزية الحل»، مطالباً في هذا السياق بإلغاء كل الديون المترتبة على البلديات بالإضافة إلى دفع مستحقاتهم الموجودة لدى الدولة.

وإذ يزور وزير الزراعة ظهر اليوم السرايا الحكومية لتسليم الرئيس تمام سلام التقرير الذي أعده بالتعاون مع اللجنة المختصة وبالتشاور مع البلديات والجمعيات البيئية وممثلي المجتمع المدني حول سبل معالجة أزمة النفايات، أوضحت مصادر اللجنة لـ»المستقبل» أنّ «التقرير يتمحور بشكل أساس حول لا مركزية الحل ودور البلديات في معالجة النفايات»، مشيرةً إلى أنه «من المفترض أن يُصار في ضوء هذا التقرير إلى دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد لبحثه وإقراره».