اختلفت صورة التحركات الاحتجاجية في الساعات الاخيرة، فاتخذت شكلاً زاد طابع المباغتات التي يبدو ان هذه التحركات تتجه إليها ولو ان عاملاً آخر برز في تحركاتها وتمثل في تشتتها وتكاثر جماعاتها الامر الذي يعقد امكان انضوائها في اطار تنسيقي موحد. ورسم هذا الواقع تساؤلات عما يمكن ان تؤول اليه الدعوة التي وجهتها "لجنة المتابعة لتحرك 29 آب" للاعتصام الحاشد يوم بدء الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في المجلس، علماً ان برنامج الاعتصام وآلياته والهيئات المنظمة له والمنخرطة فيه لم تتحدد بعد في ظل عدم التوصل الى اتفاق على اطار العمل التنسيقي بين الحركات الشبابية المدنية.
ولعل اللافت في هذا السياق ما أبلغته مصادر متصلة بالتحضيرات لتظاهرة المجتمع المدني في 9 أيلول الجاري الى "النهار" أمس من أن القضية المركزية ستكون موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومطالبة النواب بالبقاء في مجلس النواب الى حين انتخاب هذا الرئيس. وقالت إن التظاهرة التي ستتزامن مع انطلاق أعمال طاولة الحوار النيابية ستكون بمثابة خطوة نحو فرض بقاء النواب في البرلمان الى أن يؤدوا واجبهم الدستوري وعدم القبول بمنطق التأجيل السائد حتى الآن.
وأمس كان المقر الرئيسي لوزارة العمل في الشياح هدفاً للمتظاهرين للمرة الاولى. وبناء على معلومات تحركت فرقة لمكافحة الشغب تابعة لقوى الامن الداخلي لحراسة المبنى بعد الظهر، كما توجه الى المقر وزير العمل سجعان قزي لتفقده وللاطلاع على الاجراءات المتخذة لحمايته. وصرّح لـ"النهار" ليلاً: "أهلاً وسهلاً بكل متظاهر. لكن الأمور المطروحة ليست في وزارة العمل التي ميزتها أنها وزارة لكل الناس وأن أي اعتداء عليها هو اعتداء على مصالح الناس".
وفي المقابل، برز تحرك مباغت لحملة "بدنا نحاسب" التي استهدف ناشطوها آلات "الباركميتر" على الكورنيش البحري بدءاً من عين المريسة حيث عمدوا الى تعطيلها باعتبارها ملكاً للشعب ولا يجوز تكبيد المواطنين دفع بدل توقيف السيارات على امتداد الكورنيش. ونجحت الحملة في تحركها بعد توقيف اثنين من ناشطيها ثم اطلاقهما بفعل اعتصام أمام وزارة الداخلية كما استجاب محافظ بيروت زياد شبيب للحملة وأصدر قراراً بوقف عدادات "الباركميتر" على طول الكورنيش البحري. وتزامنت هذه التحركات أيضاً مع بدء ناشطين آخرين صوماً عن الطعام امام وزارة البيئة مطالبين باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق.
التظاهرة العونية
في المقابل، ستكون ساحة الشهداء مساء اليوم على موعد مع التظاهرة التي دعا اليها العماد ميشال عون أنصار "التيار الوطني الحر" تحت عنوان المطالبة بانتخاب رئيس " قوي" للجمهورية وقانون انتخاب على قاعدة النسبية. وقد حشد "التيار" كل امكاناته التنظيمية والاعلامية والدعائية هذه المرة سعياً الى مشهد حاشد في التظاهرة التي برز تعويل العماد عون على ثقلها الشعبي من خلال توجيهه نداء مفاجئاً مساء أمس الى انصاره للمشاركة الكثيفة فيها. وإذ عاد عون الى مراحل سابقة من الحرب اللبنانية معتبرا ان انتخابات التسعينات "كانت باطلة واسست الجمهورية الثانية على باطل وهي باطلة " قال: "سنجتمع غداً (اليوم) لنزيل الباطل الذي حكمنا عشرات السنوات... غداً لحظة تاريخية وعلى جميع اللبنانيين ان يكونوا صوتاً واحداً ومضموناً واحداً من اجل قانون انتخاب عادل ورئيس منتخب دون تزوير ولعب على القانون". وشدد على قانون انتخابات على قاعدة النسبية قائلاً: "غدا تقترعون بأقدامكم لنصل الى قانون أفضل وسنعبد الطرق حتى نصل الى الاقتراع السليم في صناديق الاقتراع".
هيل
الى ذلك، برز في اطار المتابعات الديبلوماسية للوضع الناشئ في لبنان موقف جديد للسفير الاميركي ديفيد هيل بعد زيارته امس للسرايا، إذ شدّد على "الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي والاحتجاج السلمي اللاعنفي"، لافتاً الى ان "على المواطنين في كل مكان مسؤولية ممارسة حقهم بطريقة سلمية مسؤولة". كما نوه بتأكيد أعضاء مجلس الامن أول من امس "أن الآن هو الوقت لمجلس النواب ليجتمع وينتخب رئيسا للجمهورية في اقرب وقت".
الحوار
وعلى الصعيد المتصل بالاستعدادات للحوار الذي انجزت عملية ابلاغ المدعوين اليه الدعوات من الرئيس بري، علمت "النهار" ان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لم يعط النائب ميشال موسى الموفد من بري اي جواب شاف سلباً أو ايجاباً عن موقفه من الدعوة، إذ ان جعجع سيحدد هذا الموقف في احتفال "القوات" السبت بذكرى شهداء المقاومة اللبنانية. وقال بري امام زواره في هذا الشأن: "اذا اتخذ الدكتور جعجع موقفا بعدم المشاركة في الحوار اتفهم موقفه لانه لم يشارك في الاجتماعات الاخيرة لطاولة الحوار في قصر بعبدا برئاسة الرئيس السابق ميشال سليمان كما ان جعجع ليس مشاركا في الحكومة. أما اذا اتخذ قرارا بالمشاركة فسأكون في مقدم المسرورين لاكتمال لوحة جمع الافرقاء على الطاولة".
تقرير شهيب
على صعيد آخر، علمت "النهار" أن وزير الزراعة أكرم شهيّب سيرفع اليوم تقريره عن أزمة النفايات الى رئيس الوزراء تمام سلام على أن يقرر في ضوئه سلام ما إذا كانت ثمة حاجة لدعوة مجلس الوزراء للانعقاد استثنائياً أم لا. كما علمت "النهار" ان عملية رفع النفايات باتت قريبة.