ما أقسى البحر ، الذي إغتالك ، الذي سرقك من ألعابك الصغيرة ، الذي لم تمسك أمواجه بيديك ،ولم يرحم سواد مياهه ، صوتك بكائك الأخير ...
أخبرني يا صغيري ماذا قالت لك الشمس حينما أشرقت وأنت على رمال الموت غافياً ، هادئاً ، وكيف بكتك السماء ، وتلبدت الغيوم في غصة الطفولة المسروقة ؟
قل لي ، كيف استقبلتك ملائكة الرب ، وألم يسألك من في السماء ، بأي ذنب أنت قتيلا !
أخبرني يا صغيري ، كيف حاربت الموج ، وبحثت عن أمك عن أبيك عن أخيك ، أخبرني كم بكيت ؟
وكيف واجهت سكرات الموت ؟!
وماذا تراءى لك في حينها وأنت الذي لم تعلم بعد لماذا أنت مهاجراً ؟ لماذا أنت مشرداً ؟ لماذا غادرت وطنك ، بيتك ، مهدك ...
أخبرني يا صغيري ، ماذا قالت لك الصخور ، وكيف صرختك أحياء البحار ، محاولة إنقاذك ، رد الروح إليك ، حمل أنفاسك الأخير ومنعها من السقوط من الإنهيار ...
أخبرني تفاصيل تلك اللحظات ، وكيف للموت أن يقترب من الأطفال أن يسرق ضحكاتهم ، أن يشدهم إلى أعماق الظلمات ...
وجهك يا طفلي سوف يظل فوق تلك الرمال على ذلك الشاطىء البارد الكافر ، وعلى كل بحارنا الدموية ، سوف نراه أينما اتجهنا ينظر إلى أعيننا ، يعاتبنا بنظرة الإنكسار ويسائلنا ، لماذا تركتموني أموت ؟
وجهك ، باقٍ ، في كل طفل ، في كل صغير يقتل بالبرميل بالرصاص بالبحار ...