الازمة مفتوحة على كل الاحتمالات، والافق مسدود، والفراغ السياسي يعبئه، الشارع عبر تصاعد تحركات المجتمع المدني التي لن تتوقف، وستتواصل يومياً في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وسيتمدد الحراك اليوم الى الشمال وطرابلس بالتحديد وغداً في عدلون والنبطية لـ«طلعت ريحتكم» وللعونيين غداً ايضاً في رياض الصلح وصولاً الى التظاهرة الكبرى في 9 أيلول بالتزامن مع دعوة الرئيس نبيه بري الى طاولة الحوار، وهذا ما جعل الرئيس بري «متوجساً» من الدعوة، داعياً الجميع الى الالتفات الى الحرائق المتنقلة من حولنا والخوف من امتداد «الحريق» الينا، محذراً من استغلال البعض داخلياً وخارجياً لهذه التحركات.
صورة التظاهرات اليومية «للحراك المدني» اصبحت مثار اهتمام العديد من الدول الخارجية في ظل تغطية وسائل الاعلام العالمية للحدث اللبناني ووصف محطة C.N.N. الاعلامية لما يجري في لبنان بـ«الربيع العربي اللبناني».
المتابعة الدولية لما يجري في لبنان دفعت بمساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان للدعوة الى عقد جلسة طارئة لمجلس الامن حول الوضع في لبنان. وتزامنت هذه الدعوة مع جولة لممثلة الامين العام للامم المتحدة «سيغريد كاغ» على المسؤولين للاطلاع على ما يجري، واعداد تقرير تقدمه لمجلس الامن تردد انه سيكون عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، كما استوضحت كاغ المسؤولين ما اذا كانت لديهم اقتراحات او تصورات للحل في شأن الازمة الرئاسية. وقد اجتمعت «كاغ» امس الاول في بيروت مع مساعد وزير الخارجية الايراني لشؤون الشرق الاوسط حسين امير عبد اللهيان، وتطرق اللقاء الى الملف الرئاسي وضرورة بذل ايران جهوداً اكبر من اجل العمل عبر حلفائها لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية. وتشير المعلومات الى ان الخطوة بعد الحوار الذي دعا اليه الرئىس نبيه بري ستكون عبر اجتماع لمجلس الامن الدولي وسيصدر عنه بيان رئاسي يطالب بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. وهذا الاجتماع سيعقد بناء على دعوة فيلتمان وتقرير ممثلة بان كي مون في لبنان سيغريد كاغ والدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً ان ممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان كان قد عمل على المساعدة لانتخاب رئىس للجمهورية وزار طهران والرياض لبحث الموضوع كمدخل للاستقرار وتحصينه في ظل السقف الدولي الراعي لهذا الاستقرار...
ومن هنا فان التوجس لدى بعض السياسيين اللبنانيين من هذا الحراك وتحديداً لدى العماد ميشال عون ربما يعود للمعلومات التي يملكها حول الرعاية الخارجية لهذا الحراك وان ينتج عنه انتخاب رئيس للجمهورية مغاير لتصور العماد عون وتوجهاته لانتخاب الرئيس من الشعب. هذا ما دفع العماد عون ايضاً لانتقاد دعوة البطريرك الراعي لانتخاب رئيس فوراً وخارج الارادة الشعبية.
وفي ظل هذه الاجواء، فان المواجهات بين السلطة والشارع ستستمر في ظل نهج «سلطوي» لن يتغير باستخدام القوة والقمع ضد المتظاهرين، وهذا ما اكد عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق، «بأن احتلال اي مرفق عام سنواجهه بالقوة للحفاظ على المؤسسات العامة للدولة»، وهذه تحركات غير ديموقراطية وفوضوية.
في ظل هذه الاجواء فان المواجهة بين السلطة والحراك المدني ستكبر وستتدحرج خصوصاً ان قادة «الحراك المدني» لم يتجاوبوا بعد مع دعوات الحكومة للتهدئة في ظل عدم ثقتهم بالمسؤولين.
ـ لا حل الا بفتح مطمر الناعمة ـ
وفي ظل هذه الاجواء، جدد الوزير محمد المشنوق التأكيد على رفضه للاستقالة، مشيراً الى ان المتظاهرين صوبوا في اتجاه الشخص الخطأ بملف النفايات وقد تضامن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس مع محمد المشنوق، مؤكداً على الاستقالة اذا استقال زميله وزير البيئة. وقد جدد الرئيس تمام سلام عبر اوساطه انه يرفض استقالة المشنوق وهو مستمر في عمله وان سلام اعطى جرعة دعم معنوية لوزير البيئة خلال اللقاء بينهما.
وعلم ان اتصالات يجريها الرئىس سلام على كافة المستويات لايجاد حل سريع وآني لملف النفايات بسحب بعض التشنجات من الشارع عبر جمع النفايات سريعاً وطمرها في عكار والناعمة. وينتظر الرئيس سلام انتهاء لجنة الخبراء من وضع تصوراتها وتقديمها للوزير اكرم شهيب. وربما دعا الى جلسة للحكومة لمناقشة هذا الملف، خصوصاً ان الرئىس سلام ما زال يعول على موقف النائب وليد جنبلاط بفتح مطمر الناعمة مجدداً ولستة أشهر حتى تأمين الحل الجذري لملف النفايات. ويعوّل أيضاً على رئاسة الوزير شهيب للجنة التي ربما سمحت بفتح مطمر الناعمة خصوصاً ان جنبلاط أكد نه سيدعم شهيب في الوصول الى حل لملف النفايات وسيقود تحركاً شعبياً لانجاح الحل الذي سيطرحه وزيره. وكلام جنبلاط عن التحرك الشعبي ربما كان باتجاه الشبان المعتصمين امام مطمر الناعمة لاقناعهم بفتح المطمر موقتا، رغم ان جنبلاط اكد للاهالي ان هذا الامر غير مطروح حتى الآن، لكن الرئيس سلام يجزم بأن لا حل الا بفتح مطمر الناعمة كمدخل لسحب فتيل التشنجات من الشارع.
ـ استعدادات لتظاهرة العونيين الجمعة ـ
وفي المقابل، فان التيار الوطني الحر يواصل استعداداته لتظاهرة الجمعة من اجل اقرار قانون انتخابي عادل على اساس النسبية واجرى امس «بروفة» لتظاهرة الجمعة عبر مسيرات سيّارة في منطقتي المتن وبعبدا انطلقت من ميرنا شالوحي في حضور الوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب والنائب ابراهيم كنعان.
واشارت مصادر التيار الوطني الحر الى ان التظاهرة قائمة ولا اتصالات مع احد لتأجيلها. ونفى المصدر وجود اتصالات يقوم بها حزب الله او سواه لاقناع العماد عون بالعودة عن قرار التظاهر وان حزب الله متفهم للتحرك العوني.
ـ لا علاقة لدعوة بري بحوار حزب الله ـ المستقبل ـ
على صعيد آخر، اكدت مصادر سياسية ان لا علاقة للحوار الذي دعا اليه الرئيس بري بحوار حزب الله ـ المستقبل، لان لكل منهما اجندة مختلفة عن الآخر وبالتالي حوار حزب الله ـ المستقبل سيستمر على نفس الوتيرة المعتمدة.
ـ مجلس الامن يمدّد عمل قوات اليونيفيل ـ
وفي سياق متصل، تبنى مجلس الامن الدولي، امس، قراراً بتمديد ولاية قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان الـ«يونيفيل»، لمدة عام كامل تنتهي في 31 آب 2016.
واكد القرار الذي صاغته فرنسا ان «الحالة في لبنان لا تزال تشكل خطراً يهدد السلم والامن الدوليين». وحث قرار المجلس، كلاً من «لبنان واسرائيل على «التقيد الصارم باحترام سلامة افراد اليونيفيل، وكفالة الاحترام التام لحرية افراد القوة في التنقل وعدم اعاقتهم، وذلك وفقاً لولاية القوة الاممية وقواعد الاشتباك الخاصة بها».
وادان القرار جميع المحاولات الرامية الى تهديد امن لبنان واستقراره، مشدداً على «ان اي تهديدات لن تحول دون تنفيذ ولاية اليونيفيل وفقاً لقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 الصادر عام 2006».