مهلة الـ 72 التي اعطاها منظمو الحراك المدني للطبقة السياسية تنتهي عصر اليوم دون ان تبادر الحكومة او اي من اركان الطبقة السياسية الى تنفيذها او الدعوة الى درسها، بل غضوا النظر عنها وقابلوها بالهرب الى الامام عبر الدعوة الى الحوار حول اسس النظام السياسي مع تجاهل مطالب «الحراك المدني» بمعالجة النفايات والقيام بخطوات اصلاحية ومحاسبة كل من اطلق النار على المتظاهرين وصولا الى استقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق اذا اثبت تورطه باعطاء الاوامر دون ان ننسى استقالة وزير البيئة محمد المشنوق الذي «تهرّب» امس من المسؤولية واعلن ان لا علاقة له بالنفايات لانه لا يرى اتجاها حكومياً واضحاً للمعالجة من دون النفايات السياسية، وهنا يطرح السؤال، لماذا لا يبادر وزير البيئة الى الاستقالة، وبرر الرفض بان استقالته تخل بالتوازنات الطائفية في الحكومة.
الطبقة السياسية «جمعت كل قواها» وشدت العزم على مواجهة «الحراك المدني» وباي طريقة وبدأت بالاتهامات لقادة التحرك عن ارتباطات بالسفارات والالحاد، وغيرها من الاوصاف، وكأن هذه الطبقة السياسية اللبنانية «تاريخها مشرف» فيما سرقاتها تسجل في «كتاب غينس» واخذت الدرجة الاولى بامتياز دكتوراه جيد جداً بالسرقات والهدر والفساد، حتى انهم عادوا الى المماطلة في ملف النفايات وكيف سيتخلون عن مليار دولار من الارباح السنوية لهم ولاولادهم، وحاشيتهم.
وفي ظل تعنت «الطبقة السياسية» وعدم الاستجابة للمطالب، فان الشارع لن يتراجع والمواجهة حتمية بين شعب يريد الحياة الحرة الكريمة، وطبقة فاسدة تتمسك بامتيازاتها، والنصر لن يكون الا للشارع وللناس الفقراء الطيبين، والتاريخ لم يسجل في كل محطاته انتصاراً لقوى الشر على قوى الخير ابداً، والمتظاهرون سينتصرون والفساد الى زوال، والربيع اللبناني، سيكون مختلفاً عن الربيع العربي بنقاوته وتحقيقه للمطالب الشعبية، وصيانة الانجازات التي تحققت في مواجهة العدو الاسرائيلي والتي كادت الطبقة السياسية ان «تضيعها» في سرقاتها وسمسراتها.
فهذه الطبقة السياسية التي «كابرت» طوال السنوات الماضية ضد الناس ومارست كل انواع «الموبقات» عليها ان تتواضع وتلتفت للمطالب الشعبية، لان الناس وحتى جمهور هذه الطبقة لن تبقى على الحياد وستنحاز الى «لقمة الخبز».
وفي ظل هذه الاجواء التصعيدية من الطرفين، وانسداد افق الحل فان منظمات الحراك المدني من «طلعت ريحكم» الى «بدنا نحاسب» الى «حلو عنا» عقدوا اجتماعاً مشتركا ونظموا صفوفهم وقرروا خطواتهم التي ستبقى سرية، حتى انتهاء مهلة الـ 72 ساعة لكن الرد على تعنت الحكومة سيكون عبر تحركات ضخمة اليوم وخطوات تصعيدية وقطع طرقات فيما اكد منظمو الحراك المدني ان دعوة الرئيس بري للحوار لا تعنينا وجاءت بعد ان احست الطبقة السياسية بالسخن وما على هذه الطبقة السياسية الفاسدة الا الرحيل.
كيف كانت التحركات السياسية؟
ـ هجوم عوني على الحراك المدني ـ
واللافت ان التيار الوطني الحر شنّ هجوماً عنيفاً على قادة «الحراك المدني» ووصف القيمين على تظاهرات وسط بيروت بانهم «مرتزقة» يعملون لدى السفارات الخارجية، ولفت الى انه لا يجب ترك الشعارات لاناس يريدون بيع قضيتهم الى السفارات الاجنبية.
ورد طلاب التيار الوطني الحر على دعوات الحراك المدني الى التظاهرات الى الاعلان عن تنظيم مسيرة سيارات غداً تنطلق من «ميرنا شالوحي» كما دعوا الى المشاركة في تظاهرة التيار الوطني الحر الجمعة.
واللافت ان مقدمة نشرة O.T.V انتقدت ايضاً بيان القمة المسيحية - المسيحية في بكركي وحملت الراعي مسؤولية التفريط بحقوق المسيحيين عبر مطالبته بالاسراع في اعتماد خريطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية وفقاً للاصول الدستورية دون العودة الى الشعب الذي هو مصدر كل السلطات من اجل تنصيب مرشح النفايات لرئاسة الجمهورية.
ـ ملف النفايات ـ
وبالنسبة لملف النفايات نقل زوار الرئيس سلام عنه انه مستعد لحل مشكلة النفايات لو كان الامر عائداً اليّ، واعلن عن اسفه لان كل طرف يحاول اخذ هذا الموقف الى زاروبه السياسي الضيق، ومن هنا اتت عبارة «النفايات السياسية».
ودعا سلام اصحاب الحراك الشعبي الى توجيه رسائلهم للمعطلين داخل مجلس الوزراء وليس الى رئيسه.
وايد سلام المطالب الشعبية لكنه حذر من المصطادين بالماء العكر الذي قد يسعون الى «حدث» دموي وعندها تفلت الامور عن السيطرة ويتحول الامر الى كارثي.
واللافت ان منظمي الحراك المدني رفضوا استقالة وزير البيئة من رئاسة اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة ملف النفايات واصروا على استقالته لانه فشل في المعالجة، حتى انه برر استقالته من رئاسة اللجنة بانه لم ير وجود اتجاه جدي لحل مسألة النفايات، كما ان النائب مروان حماده اجل اجتماع لجنة البيئة الذي كان مقرراً غداً، وقد كلف الرئيس سلام الوزير اكرم شهيب برئاسة اللجنة وبالتالي عاد ملف النفايات الى نقطة الصفر وعادت النفايات الى التراكم في شوارع العاصمة.
ـ تفاؤل حذر بدعوة بري ـ
وتوالت المواقف المؤيدة لدعوة الرئيس نبيه بري لحوار لرؤساء الكتل النيابية، وقد صدرت مواقف عن كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وحزب الله والنائب سليمان فرنجية والطاشناق بالدعوة للحوار فيما اعلن حزب الكتائب انه يشجع اي مبادرة من شأنها ازالة العوائق امام الشغور الرئاسي واعلن وزير العمل سجعان قزي تأييده للحوارخصوصاً انه يصدر عن الرئيس بري، كما ان العماد عون اعلن استعداده للحوار لكن الموقف النهائي يصدر بعد اجتماع التكتل اليوم فيما رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يدرس المبادرة لكن نواب في كتلة القوات اللبنانية اعلنوا حذرهم من مثل هذا الحوار، خصوصاً لجهة ما اتفقنا عليه في السابق لم ينفذ، لذلك نخشى ان يكون الحوار الجديد مضيعة للوقت وصرف الاهتمام عن انتخاب رئيس للجمهورية.
وقالت اوساط سياسية عليمة انه من الصعب ان يوصل الحوار الذي سيدعو اليه الرئيس بري الى توافق حول انتخاب رئيس للجمهورية! وحتى قانون جديد للانتخابات، فعلى صعيد الملف الاول فهو مرتبط بالمعطيات الاقليمية وهو ما كان اكد عليه بري بنفسه منذ فترة بسيطة وربط الحلحلة في انتخاب الرئيس بحصول توافق ايراني - سعودي واما بما خص الملف الثاني فالخلاف كبير جداً بين الكتل النيابية حول مقاربة قانون الانتخابات خصوصا بما يتعلق بالتقسيمات الانتخابية، واعتماد الدوائر الصغرى او الكبرى بما في ذلك موضوع النسبية، مشيرة الى ان تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط يعارضان بشدة اعتماد النسبية، والى حدود معينة كل من القوات اللبنانية وحزب الكتائب.
واعتبرت الاوساط ان اقصى ما يمكن ان يتواصل اليه الحوار التوافق على حلحلة الوضع الحكومي واطلاق تشريع الضرورة في مجلس النواب. ورأت ان يكون امام المتحاورين وقت قصير للاتفاق على هاتين النقطتين. وهذه الفرصة ستكون متاحة حتى تشرين الاول موعد احالة العميد شامل روكز الى التقاعد حيث يفترض ان يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية قبل هذا التاريخ لتأجيل تسريح بعض الضباط انطلاقاً من المبادرة التي عمل عليها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
ـ قمة بكركي واعتذار المرجعيات الاسلامية ـ
كل التحضيرات كانت قد انجزت في بكركي لعقد القمة الروحية الاسلامية - المسيحية وكان رؤساء الطوائف المسيحية - الاسلامية اعطوا الموافقة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على حضور القمة حتى ان البيان الختامي انجزت مسودته في الخطوط العريضة وحضر الاعلاميون لتغطية القمة، وقبل ساعة من موعد القمة تلقى البطريرك الراعي اتصالاً من نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ابلغه اعتذاره عن حضور القمة لاسباب صحية.
لكن المعلومات اشارت الى ان اتصالات جرت بين القيادات الروحية الاسلامية وتحديداً بين مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والشيخ قبلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن افضت الى موقف اسلامي موحد بعدم حضور القمة، وهذا الموقف جاء بقرار من بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط بعد مشاورات بين القادة الثلاثة والطلب من القادة الروحيين عدم الحضور، وتم تبرير عدم الحضور نتيجة عدم التواصل والتشاور مع المشاركين في الوقت المناسب وبسبب مبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية حيث رأى رؤساء الطوائف الاسلامية ان القمة قد تضعف الدعوة الى طاولة الحوار، كما ان حراك الشارع المدني وتعدد المطالب والتباين بين الافرقاء المسيحيين حول انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما ادى الى اتخاذ موقف بعدم حضور القمة الروحية.