بعدما افتتح الرئيس سعد الحريري سجلّ الترحيب بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد طاولة حوار وطني، كرّت سبّحة المواقف السياسية المرحبة بالدعوة لعلها تجسد خشبة الخلاص المرتجى وطنياً وباعتبارها «فرصة جدية لحلحلة الكثير من القضايا العالقة» كما رأى «حزب الله»، بينما أكدت مصادر الرابية لـ«المستقبل» أنّ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بصدد إعلان «ترحيبه المبدئي» بدعوة بري بعد اجتماع التكتل» اليوم، لافتةً إلى أنّ عون «ينتظر تسلم الدعوة رسمياً ليطّلع على مضمونها ويتبيّن شكلها والمستوى التمثيلي للكتل في الحوار»، مع إشارتها في الوقت عينه إلى وجود تساؤلات عونية حول «وضع مجلس الوزراء ربطاً بهذه الدعوة وما إذا كان انعقاده مرتبطاً بنتائج الحوار أم لا». وفي الغضون، نقل زوار بري لـ«المستقبل» أنه طلب أمس من الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر «تحضير الطاولة» على أن يتم البدء اعتباراً من اليوم بالتواصل مع رؤساء الكتل النيابية تمهيداً لتحديد موعد انعقادها قبل العاشر من أيلول الجاري. بينما كشفت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تمنى على بري تقديم موعد الحوار قدر المستطاع توخياً للسرعة في إيجاد الحلول الآيلة إلى إعادة تفعيل عمل المجلس، مؤكدةً في هذا السياق أنّ سلام لن يبقي جلسات الحكومة معلّقة بانتظار انتهاء الحوار بل هو استعجل تقرير اللجنة الوزارية الخاصة بملف النفايات لكي يدعو بموجبه مجلس الوزراء إلى الاجتماع لإقرار المقترحات التي ينص عليها.

وكان سلام قد كلف أمس وزير الزراعة أكرم شهيب متابعة مهام اللجنة الوزارية بعد انسحاب وزير البيئة محمد المشنوق منها، طالباً منه الإسراع في تحريك الأمور. وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ شهيّب سيشكل «لجنة مختصّين» لوضع تقرير علمي حول سبل معالجة الأزمة مرحلياً، على أن ترفع اللجنة تقريرها خلال 72 ساعة إلى رئيس الحكومة إيذاناً ببتّ الملف وتحديد المطامر الصحية للنفايات، لافتةً الانتباه إلى ضرورة حصر المطامر المناطقية باثنين أو ثلاثة مطابقة للمواصفات الصحية والبيئية بدل الاستمرار في العشوائية السائدة راهناً على صعيد عمليات طمر النفايات في عدد من المناطق.

أموال البلديات

من ناحيته، علّق وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب على قرار تنحي المشنوق عن اللجنة المكلفة متابعة ملف النفايات ربطاً بتحميله من قبل متظاهري رياض الصلح مسؤولية الفشل في معالجة الأزمة، فقال لـ«المستقبل»: «من الظلم أن يُحمّل الوزير المشنوق مسؤولية ملف عمره 25 سنة»، مؤكداً أنّ «من ينتقد وزير البيئة يكون بذلك ينتقد الشخص الخطأ ويساهم في التعامي عن المسؤولين الفعليين عن الأزمة».

على صعيد منفصل، وفي حين علمت «المستقبل» أنّ مختلف أعضاء مجلس الوزراء وقعوا مرسوم تحرير أموال البلديات من عائدات الخليوي الصادر عن الحكومة الأسبوع الفائت باستثناء وزيري «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وبوصعب اللذين رفضا التوقيع على الرغم من أخذ وزارة المالية بعدد من الملاحظات العونية حول الموضوع، أكد بوصعب صحة الخبر موضحاً أنّ «المرسوم المطروح أقر 400 مليار ليرة من أصل مبلغ مليار ومئتي مليون دولار مخصصة للبلديات، بينما «التيار الوطني» يطالب بإقرار باقي المبلغ حتى ولو تم دفعه لاحقاً، وعدم الاكتفاء بإقرار 400 مليار».

من جهتها، أكدت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ رئيس مجلس الوزراء سيعقد اجتماعاً مع وزير المالية علي حسن خليل خلال الساعات المقبلة للتباحث معه في سبل معالجة الموضوع في ضوء الرفض العوني، تمهيداً لإيجاد الصيغة الأمثل لإدخال المرسوم حيّز التنفيذ وتحرير أموال البلديات.

قمة بكركي تدعم الحكومة: الرئاسة أولاً

تزامناً، برزت أمس مقررات القمة الروحية المسيحية التي انعقدت في بكركي بدعوة من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ومشاركة مختلف رؤساء الطوائف المسيحية وحضور السفير البابوي غابريال كاتشيا، بحيث طالب البيان الختامي للقمة «الأطياف السياسية كافة بالإسراع في اعتماد خارطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية» وحث في هذا المجال جميع أعضاء المجلس النيابي على «الحضور إلى المجلس لانتخاب الرئيس، ومن ثم تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة كافة القضايا السياسية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية، بدءاً من قانون جديد للانتخاب»، مؤكداً «على وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى»، مع التشديد على ضرورة «دعم ومؤازرة ما يقوم به رئيس الحكومة بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي» في هذا السياق.

وإذ لفت البيان إلى كون الفراغ الرئاسي يقف وراء الأزمة السياسية والوضع الاقتصادي المتردي والشلل المؤسساتي، أكد في المقابل على وجوب «إيجاد ضوابط دستورية وآلية جديدة» تحول دون تكرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، محذراً في ما يتعلق بالحراك الاحتجاجي الحاصل من «خطورة اللجوء إلى الشارع» وتهديد الاستقرار، ومنبّهاً إلى ضرورة الحرص على عدم خرق التظاهرات السلمية من قبل «مندسين يحاولون تخريبها من خلال شعارات استفزازية وهتافات معادية والاشتباك مع القوى الأمنية» وسط إبداء المجتمعين استنكارهم «لما حصل في وسط بيروت من أعمال تخريب واعتداءات على الأملاك الخاصة والعامة».