بعد أقل من 24 ساعة على تظاهرة بيروت، وقبل 48 ساعة من انتهاء المهلة التي حدّدها المتظاهرون، دخلت البلاد في منعطف جديد مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه برّي الدعوة الى الحوار و«ملاقاة» الرئيس سعد الحريري له في هذه الخطوة لمناقشة «البنود التي أوردها في خطابه»، مع تأكيده النظر «بإيجابية لهذا الموضوع عندما نتلقّى الدعوة، وعلى أن الاتفاق على بت موضوع رئاسة الجمهورية يشكّل المدخل السليم للبحث في القضايا الأخرى»، معتبراً في تغريدة عبر «تويتر» أن إعلان التمسك بالحكومة وتفعيل عمل المجلس النيابي «قاعدتان للاستقرار المطلوب في هذه المرحلة».

وسبق دعوة برّي الحوارية تأكيد من عضو كتلته النائب ميشال موسى على أن هذه المبادرة «لن تحلّ مكان المؤسسات، أي الحكومة أو رئاسة الجمهورية، بل ستشكّل لقاء تشاورياً يختصر طريق التواصل بين القيادات ورؤساء الكتل»، نافياً أن تشكّل طاولة الحوار «تمهيداً لمؤتمر تأسيسي».

برّي

وكان الرئيس برّي دعا بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لتغييب الإمام موسى الصدر من النبطية الى حوار «يقتصر هذه المرة بالإضافة الى رئيس الحكومة على قادة الكتل النيابية»، محدّداً جدول الأعمال «حصراً» بـ: البحث في رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، عمل مجلس الوزراء، ماهية قانون الانتخابات، ماهية قانون استعادة الجنسية، مشروع اللامركزية الإدارية ودائماً موضوع دعم الجيش اللبناني».

وأكد برّي «تمسّك حركة «أمل» بالحكومة وبتنشيطها»، معتبراً أن بقاءها «يشكّل ضرورة وطنية على الجميع إدراكها»، مشدّداً على أن للتغيير «باباً واحداً هو باب المجلس النيابي وإلا الفوضى التي نشاهد بعضها». وردّ على المتظاهرين في وسط بيروت بالقول: «العلّة في هذا النظام ليست في ما يطالب به عامة، العلّة في الطائفية والحرمان»، داعياً إياهم الى المطالبة بالدولة المدنية وبقانون انتخابي على أساس النسبية.

تحرك دولي

في الغضون شهدت عطلة الأسبوع سلسلة مشاورات قاد الرئيس برّي جزءاً منها مع القوى السياسية تمهيداً لطاولة الحوار، فيما قام رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط باتصالات موازية من أجل تعبيد الطريق لإنضاج ملف ترقية الضباط العشرة «من دون الحاجة الى تعديل قانون الدفاع الوطني» كما ورد في المشروع المعدّ لهذا الغرض.

ومن الخارج عادت الى الكواليس مجموعة اتصالات ديبلوماسية تستعجل انتخاب رئيس للجمهورية منعاً لتفاقم حال الشلل والفوضى التي طالت المؤسسات الشرعية والشارع.

وكشف مصدر وزاري بارز لـ«المستقبل» أن الحركة الاحتجاجية الشعبية التي انتقلت الى الشارع شكّلت جرس إنذار للقوى السياسية المحلية وكذلك للمجتمع الدولي، مشيراً الى تحرّك عدد من العواصم الغربية وخصوصاً دول الخمس زائد واحد ولا سيّما منها موسكو من أجل «لملمة» الوضع في لبنان من خلال الضغط في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية «قبل رأس السنة».

وفي الإطار نفسه أمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي «ألاّ تنحرف التظاهرات الشبابية والشعبية المحقّة من المجتمع المدني عن هدفها الأساسي وهو المطالبة برجال دولة»، وأكد أنه من أجل بلوغ هذه الغاية «يجب الدخول من الباب المؤدّي إليها وهو انتخاب رئيس للجمهورية فوراً وبحسب الأصول الدستورية».