معروف طبّياً أنّ السكري مرض مزمن لا شفاء منه ويلازم المريض طوال العمر. لذا يتطلَّب المتابعة الطبية الحثيثة لضبطه والتحكُّم قدر المستطاع بآثاره السلبية على الصحة. بَيْد أنّ الدكتورة شانتال عاصي الإختصاصية في زراعة الخلايا الجذعية والأمراض الجرثومية وطبيبة الغذاء، توصَلَت الى شفاء مرضاها من داء السكري مع ما يرافقه من أمراض وأعتلالات ولقد حاورتها المجلات الطبية الأجنبية، في شأن الدراسة التي قامت بها في فنزويلا وشملت 3 آلاف مريض. وفي هذا الخصوص، كان لـ"الجمهورية" معها ومع إثنين من مرضاها هذا اللقاء.
أفاد السيّدان راني عاصي، 39 عاماً وجان حلو مواليد العام 1956، أنه تمّ شفاؤهما من داء السكري وعدد من الأمراض وهما يشعران حالياً أنهما موفورا الصحة ويتمتعان بالحيوية والنشاط.
فالسيد عاصي شرح لنا مراحل شفائه من السكري، حيث قال:
"كنتُ في الثلاثين من عمري أيْ منذ تسع سنين، حين أصبت بتوعكات صحية، فتبيَّن للأطباء في الخارج حيث كنتُ أقيم، أنّ لديّ نسبة هائلة من الشحوم على الكبد فضلاً عن ارتفاع كبير في نسبة السكري "تايب 2" ما تسبَّب لي بمشكلات صحية كثيرة، فقرَّرت العودة الى لبنان للمعالجة.
وقصدت الطبيب اللبناني "ر. ن" في أحد المستشفيات العريقة، فقال لي: "هناك كمية كبيرة من الشحوم على كَبدِك ونسبة السكري مرتفعة جداً لديك، لذا يلزمك حمية غذائية صارمة لمدَّة أقلّها 3 سنوات حتى تتحسَّن حالتك.
ويجب أن تأخذ دواء "غلوكوفاج" طوال 3 سنوات حبة صباحاً وحبة مساء ولربما ستضطر الى أخذه مدى الحياة". والأهم أنه أضاف محذِّراً: "من الآن وصاعداً لن تستطيع إضافة السكر الى طعامك وممنوع تناول الحلويات نهائياً".
ومن حسن حظي، يضيف السيد عاصي، أنني التقيتُ الدكتورة شانتال عاصي التي كانت تزور لبنان، وبُحتُ لها بما أوصاني به الدكتور "ر. ن." إلّا أنها طمأنتني مؤكِّدة أنني في حال التزمتُ بتعليماتها الغذائية على مدى 3 أشهر، تليها زراعة الخلايا الجذعية، سأشفى وأعود إنساناً طبيعياً بإمكانه تناول كلّ الأصناف الغذائية باعتدال، ويتوقف عن أخذ الأدوية.
ولكنْ لا بدّ لي من التنويه بأنني بعد التزامي لمدة شهر ونصف الشهر فقط بالحمية التي وضعَتها لي الدكتورة شانتال، زرتُ الدكتور «ر.ن.» وقلت له: "من فضلك يا دكتور إلقِ نظرة على فحصي الأخير، وقل لي هل ما تزال نسبة الشحوم على الكبد على حالها». فقال لي مذهولاً: «لا أصدِّق ما أرى، ليس هناك أيّ أثر للشحم على كَبدَك، ما هي الحمية التي تتّبعها؟"
وهكذا حصل، إلتزمتُ بالحمية الغذائية طوال ثلاثة أشهر، وسحبت لي د. شانتال في عيادتها في فنزويللا، بعدما نظف جسمي وتنظَّمت عملية الأيض، الخلايا الجذعية وزرعتها في الدم عبر المصل. وبعد ذلك وضعت لي نظاماً غذائياً أقلّ صرامة من النظام الأول، إذ كان باستطاعتي تناول الحلوى لكن بكميات ضئيلة على مدى تسعة أشهر.
وما أن انقضت المدة، حتى غدوتُ إنساناً آخر، إنسان عادي، اتناول ما أرغب به من الأطعمة والحلوى وبالكمية التي أريد. ولكنّ عاداتي الغذائية تبدَّلت واصبحتُ إنساناً عادياً وأمسى مستوى السكري منخفضاً بمعنى أنّ نسبة "الغلوكوز" لديّ لم تعد تزيد عن الـ 84 في أقصاها. ولم يكن للعلاج الذي شفاني من السكري أيّ أعراض جانبية مزعجة.
شفاء وحيويّة
ونوّه السيد عاصي قائلاً: "وعلى رغم أنني في تلك الفترة كنتُ أعاني من مشكلات صحية لا مجال للتكلم عنها الآن -لها علاقة بالبكتيريا وما شابه- ولقد تخلَّصتُ منها أيضاً. والحمد لله، اصبحتُ أكثرَ حيوية ونشاطاً واتمتَّع بالقوة والطاقة واللياقة البدنية أكثر ممّن يصغرونني سناً". واختتم كلامه قائلاً: "إنّ للإرادة دوراً كبيراً في الإمتناع عن المأكولات الضارة والتقيُّد بحذافير الحمية التي تضعها الدكتورة شانتال وسيلقى أيّ مريض النتائج الممتازة بكلّ تأكيد".
السيد حلو
اما السيد جان حلو، فأكَّد أنه من خلال النظام الغذائي الذي وضعته له الدكتورة عاصي، هبط السكري لديه من 460 الى الـ 90 وانخفض مخزون السكر من 10,6 الى 6,0 ولقد تمّ شفاؤه أيضاً من التهاب الكبد وتمَّ ضبط الكوليسترول والتريغليسيريد ويشعر بالحيوية واللياقة والنشاط وكأنه أصغر من سنه بعشرين سنة، لدرجة أنه مكتفٍ بالنظام الغذائي، ولا يشعر أنه بحاجة لزراعة الخلايا الجذعية، طالما أنّ الحمية تتيح له تناول ما يريد بالكميات التي تحدِّدها له، الدكتورة عاصي.
وأضاف، أنّ النظام الغذائي الذي تضعه الدكتورة عاصي حسب فحوصات كلّ مريض، تساهم في رفع نسبة الشفاء من تسعين الى خمسة وتسعين في المئة فضلاً عن أنها تضبط معدَّل السكري وتنظِّف الكبد وتمنح النشاط والصحة. أما زراعة الخلايا الجذعية، فهي ليتمكَّن المريض من تناول كلّ المأكولات ويتوقف عن اتباع النظام الغذائي والأدوية.
دكتورة عاصي
عن كيفية سحب الخلايا الجذعية، أجابت الدكتورة شانتال عاصي أنه من خلال تخدير موضعي، يتمّ سحب خذعة من النخاع العظمي، من عظمة الورك تحديداً، من دون أن يشعر المريض بأيّ ألم. نضع العيِّنة التي حصلنا عليها، في آلة خاصة على درجة حرارة معيَّنة، فتنفصل الخلايا الجذعية النقية عن البلازما لنستعين بها للشفاء من السكري وذلك من خلال، تمريرها في الدم عبر المصل. هذا في حال كان السكري غير متطوِّر ولكن إذا كانت الحالة متطوِّرة، تتعاون حينئذٍ مع طبيب أعصاب لكي يضع الخلايا في شرايين البنكرياس.
وعن الأبحاث والدراسات التي أوصلت المرضى الى الشفاء، شرحت قائلة: "بدأت تجاربنا في فنزويللا في جزيرة مارغريتا، على 3 آلاف مريض يعانون من السكري. ولقد أخضعنا الفين منهم لحِمية غذائية خاصة لكلّ مريض، قبل أن نزرع لهم الخلايا الجذعية، ولقد أثبتت الدراسات انه تمَّ شفاؤهم بنسبة مئة في المئة.
وتجدر الإشارة الى أنهم كانوا يعانون منذ سنين من مرض السكري وبينم مَن قاسى من السكري "تايب1 وتايب 2". أما المرضى الألف الذين لم يخضعوا لحمية غذائية، وزُرعت لهم الخلايا الجذعية، فأكَّدت دكتورة عاصي، أنّ نسب السكري خفَّت لديهم، لكنهم لم يشفوا مئة في المئة. من أجل هذا السبب، تشدِّد على ضرورة أن يتّبع المريض حمية غذائية خاصة به لمدة أقلها 3 اشهر، تعدَّها له بموجب فحوصات دمه وبعد ذلك تزرع له الخلايا الجذعية لكي يشفى تماماً.
وتختتم د. عاصي، شروحاتها قائلة: "أكثر ما يهمني في الأمر هي مصلحة المرضى وتلافياً لأن يصبح الأمر تجارياً، لأنّ من دون حمية غذائية "مفصَّلة" على قياس المريض لن يشفى، لربما يتحسَّن وضعه إذا زُرعت له الخلايا الجذعية ولكنه سيبقى عليلاً. وحتى لا يصبح الأمر تجارياً وتُسحب المبالغ المالية من المرضى سدىً، يجب أن يتّبعوا الحميات الغذائية المناسبة قبل قبولهم بزراعة الخلايا الجذعية لهم. يجب أن يبقى الأمر إنسانياً بعيداً عن المتاجرة بصحة المرضى.
(الجمهورية)