اقتربتأسعار النفط الصادرة من أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط أوبيك إلى 40 دولاراً، أي 12 دولاراً أقل قياساً مع سعره قبل عام .
يعزو المحللون أسباب تسارع وتيرة هبوط سعر النفط إلى انخفاض نمو الصين الإقتصادي وهبوط الأسواق المالية الآسيوية وتزايد حجم الذخائر النفطية، إضافة إلى تزايد الإنتاج .
فمن أين جاء الإنتاج الإضافي ؟
يمكن القول بأنّ التخوف من تأثير الأزمة النووية الإيرانية على مجال الطاقة منذ خمسة أعوام دفع الكثيرين باتخاذ التدابير اللازمة والتحسب لأي طارئ، خاصة لإقصاء إيران من تصدير النفط .
متزامناً مع فرض العقوبات النفطية على إيران بادرت المملكة العربية السعودية بملء فراغ النفط الإيراني ، مطمئنة السوق ، من أيّ تأثير لإنخفاض حجم النفط الصادر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ثم أكملت المملكة مسيرتها بإغراق السوق بمليون برميل إضافي ، ليفوق حجم النفط الصادر منها 10 ملايين برميلاً .
وهكذا بدأت السعودية حرباً نفطية ليس ضد إيران وروسيا ، بل على جميع الدول المصدرة للنفط ، ارتدت بعد قليل إلى نفسها، حيث إنّها الآن تتحمل أضراراً بسبب هبوط سعر النفط، كما يتحمل الآخرون ومن بينهم إيران.
كان قرار المملكة السعودية قراراً سياسياً بامتياز للضغط على اقتصاد روسيا وإيران، اللتان تدعمان نظام الأسد في سوريا، ولكن لم تكن روسيا وإيران المتضررتان الوحيدتان، بل حتى دول الخليج تضررت وسوف يصل حجم خسائرها إلى 250 ميليارد دولاراً سنوياً بحال استمرار السعر الحالي.
بطبيعة الحال سوف تحاول إيران استرداد موقعها بين الدول المصدرة للنفط وازدياد حجم إنتاجها، إلى ما كان عليه قبل فرض العقوبات، أي 3,7 مللايين برميلاً .
يقول بيجان زنغانه وزير النفط الإيراني إن إيران سوف ترفع إنتاجها فور رفع العقوبات إلى 500 برميلاً وذاهبة في هذا الإتجاه حتى لو يصل سعر النفط إلى نصف السعر الحالي .
ويرى الوزير الإيراني إن الآخرين أقروا بشنّ حرب ضد إيران ، وهم يعرفون بأن الجميع يخسر .
وصرّح زنغانه بأنّه لم يعد هناك مجال للتفاوض في ظلّ غيوم التوتر السياسي السائد على المنطقة، في إشارة واضحة إلى الاصطفاف الإيراني - السعودي في كل من اليمن والعراق وسوريا.
وهكذا يبدو أنّ الحرب النفطية بين إيران والسعودية هي امتداد للحرب بينهما في سوريا والعراق واليمن، ولكن هذه الحرب التي شنتها المملكة، تحرق الأسعار إلى ما يفوق المتوقع .
وفيما يتعلق بتأثير هبوط سعر النفط على اقتصادهما يمكن القول بأّن الإقتصاد الإيراني أصبح متعوداً على تضاؤل العوائد النفطية خلال السنوات الأخيرة ویعوّل على مصادر بديلة ، وانخفض مستوى اتكائه على النفط إلى 60 في المائة ، فضلاً عن أنّ إيران تملك ثاني احتياطات الغاز في العالم بعد روسيا ، بينما الإقتصاد السعودي يعول على النفط إلى مستوى 90 في المائة .
هل يستمر حرق أسعار النفط الجنونية أم حسابات المصالح والأضرار يدفع البعض إلى تسييد العقل الإقتصادي الذي يحكم بعدم جدوى المسابقة في عرض المزيد من النفط الإضافي لا يترتب عليه أيّ فائدة للبلدان المصدرة لهذا الذهب الأسود.