السؤال الاكثر تداولاً عند ناشطين في تنظيم التحركات الشعبية، هو: من له الحق في التظاهر؟ والسؤال يزداد إلحاحاً، كلما توسعت دائرة الراغبين في الانضمام الى هذا الاحتجاج. وسوف يتوسع أكثر، كلما نجح التحرك في جذب المزيد من المواطنين، وفي إغضاب الحكام أيضاً. ومشكلة جزء لا بأس به من المنظمين، على قلة خبرتهم، ليست في ما يعدّونه للقادم من الايام، بل في تصرفهم مع الحراك كلعبة، لا يريدون لأحد المس بها، وهم ينشغلون في التحذير، لكل من يحاول أن «ينط على سفينتنا ويريد أن يكون معنا في الخندق نفسه، أو يحاول مصادرة التحرك.

ومن يعمل لخطف الحراك. ومن يسرق الشعارات والعناوين. ومن يحاول إغراقنا بالجمهور المنظم لتذويبنا. ومن يريد بث جرثومة السياسة في أجسادنا، أو يرسل مندسين لحرف وجهة الحراك».
بناءً عليه، وجب إعداد دليل فيه المستحب والمكروه، حتى يكون الناس على بيّنة مما يختارونه.
أما المكروه فهو:
ــ كل من يحمل في عنقه علامة، أو يضع على كتفه وشماً، أو يرتفع صوته الى أعلى من المستوى المطلوب... ممنوع عليه الانضمام الى التحرك.
ــ كل من سبق أن شاهدناه في مسيرة حزبية، أو لا يعرف من الهتافات والاغاني سوى تلك التي سمعناها في تظاهرات سابقة، أو يرفع شباناً على الاكتاف، أو يبتسم لقيادي مرّ في الشارع، ممنوع عليه الانضمام الى التحرك.


وسط بيروت مركز النهب المنظم لسلطة الفساد والإجرام... وجبت استعادته عنوة كما أخذ

 


ــ كل من سبق أن ضبط سابقاً بكتابة حرف أو كلمة أو جملة، على أي جدار، في الحي أو المدينة أو الصحيفة أو العالم الافتراضي، وعبّر عن انحيازه الى حزب أو قضية أو عنوان سياسي، عليه الاعتذار، والقبول بالصمت، وإلا، فهو ممنوع أيضاً من الانضمام الى التحرك.
ــ كل من لا يعتذر عن بقائه عضواً في نقابة أو تجمع شبابي أو إطار حزبي، أو مناصرة فريق أو تيار، فهو غير مرحّب به، إلا إذا أعلن توبته، وأعلن التزامه بالصيغة الجديدة، وإلا فهو أيضاً ممنوع من الانضمام الى هذا التحرك.
ــ كل من ليس لديه ثياب نظيفة تحجب جسده تماماً، ولم يعمل على إزالة كل الآثار التي تدل على بؤسه أو على الحي الذي يعيش فيه، أو على انتماء طائفي أو مناطقي، لا يجوز له المشاركة، إلا إذا جمع تواقيع مئة من أصحاب الياقات البيضاء، أو تلك الموسومة بشعار الثورة العالمية، وإلا فهو أيضاً ممنوع من الانضمام الى هذا التحرك.
ــ كل من خضع لفحص «دوّر المسجلة يا عكروت» وضبط يستمع الى مرسيل خليفة وزياد الرحباني وخالد الهبر وجوليا، وحتى الى فيروز (ما لم تعلن كرهها للسيد حسن).

 

■ ■ ■

 

ماذا عن المستحب من مواصفات يتمتع بها المواطن الراغب في أن يكون من هواة الصنف؟
ــ أن يكون قد أمضى خمس سنوات، على الاقل، متنقلاً بين حانات الحمرا والجميزة ومقاهيهما، وأن يكون قد سافر 3 مرات الى الغرب على الاقل.
ــ أن يكون قد خدم أو عمل مع منظمات المجتمع المدني (م. م. م.) ولو في برنامج العطلة الصيفية.
ــ أن ياتي بورقة موقّعة من 3 أعضاء على الاقل، من الكوادر المؤسّسين لتحرك 14 آذار، الذين لم يغادروا هذا الموقع السياسي، ولكن غادروا ــ أو طردوا من ــ مواقعه التنظيمية.
ــ أن يكون قد كتب 7 بوستات على الاقل، على صفحته الافتراضية، وقد انتقد السلطة بشكل عام، لكن من دون الإتيان على سيرة رفيق الحريري أو وليد جنبلاط أو السعودية أو قطر، وطبعاً لا يجوز إقحام الولايات المتحدة الاميركية والأم الحنون فرنسا في قضية داخلية بحتة.
ــ أن يكون موافقاً على برنامج التحرك كما هو. الآن نفايات، وغداً يوم آخر. أما ما هو اليوم الآخر، فهو بانتظار ما تقرر الـ(usaid). وإذا ضبط وهو يتكلم في السياسة، ويقول إن المشلكة في النظام قبل أن تكون المشكلة في الاشخاص، فسوف تتم إحالته الى محاكم التفتيش الخاصة بالجماهير، وسوف يتم نبذه وعزله بعد إدانته بأنه من أعداء الثورة.
ــ أن لا يجتهد في أي فكرة أو مقترح، من نوع يستهدف جذب المزيد من المواطنين، إلا إذا حصل على موافقة مسبقة، من نادي «#دوش_كل_ساعة»، لئلا يكون بين من دعاهم من هم من أصحاب الروائح النتنة، أو الذي لا يمكن أن تتوافر فيه المواصفات المطابقة لذوق «صالون المر تي في للتجميل».
ــ أن يكون صديقاً ومحبّاً لنجوم القنوات التلفزيونية المقررة ضمن البرنامج. وهي تنحصر الآن في المؤسسة اللبنانية للإرسال، المر تي في، بينما لم ينته اختبار قناة «الجديد» بعد، ما دامت شاشاتها لا تزال منبراً لقيادات من الزمن الأول... اللي تحوّل!
ــ أن يكون أعلن توبته وعدّل في ذائقته الفنية، وأن يكون ناجحاً في اختبار سماع وترداد أغاني صنعها ثوار العالم الجديد، ويفضل أن تكون غالبيتها باللغة الاجنبية.

 

■ ■ ■

 

الثورة في لبنان تحتاج الى غضب أكبر. ومن اختار وسط المدينة لجعله مركز الاحتجاج، فليعلم أن رمزيتة مرتبطة بكونه مركز الفساد الاول. مركز النهب المنظم، الذي انطلقت منه الحقبة الاميركية ــ السورية ــ السعودية قبل ربع قرن. وهو عنوان السرقة الموصوفة، لتحالف السلطة القابض على أرواحنا منذ ذلك الحين.
أما أفضل الأشياء، وأحبّها الى الله، فهي استعادة قلب العاصمة إلى هذه العاصمة. واستعادته عنوة كما أخذ عنوة... وأفضل الأدعية للهادرين اليوم صوب الوسط ومن كل مداخله أن: حطِّموا الوسط المصطنع، واخرجوا منه غانمين... آمين!

 

■ ■ ■

 

ليس أمام الناس المقهورين سوى المباشرة بآليات لتغيير السلطة القائمة، وليس من مدخل سوى الدعوة الواضحة وبصوت مرتفع:
الانتخابات ــ وفق النظام النسبي ــ الآن... الآن!