أمنياً، تتجه الأنظار إلى الشارع اليوم لرصد مدى قدرة منظمي التحركات المطلبية على ضبط تحركهم وإبقائه تحت سقف التظاهر السلمي بعيداً من كيد الكائدين والاستغلاليين والغوغائيين المندسين ممن «طلعت ريحتهن» فعلاً وتخريباً في وسط العاصمة منذ أن قرّر مشغّلوهم الركوب على موجة تظاهرات ساحة رياض الصلح واتخاذها مطيّة لأجندات سياسية واستخباراتية بائدة حاقدة على بيروت وقلبها التجاري النابض بنهج الإعمار والازدهار الذي كرّسه الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أما سياسياً، فقد قرر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام التريث في دعوة المجلس للانعقاد «بناءً على تمنيات رئيس المجلس النيابي نبيه بري» وفق ما أكدت أوساط سلام لـ«المستقبل»، موضحةً أنه «لن يدعو إلى جلسة جديدة بانتظار اتضاح نتائج الاتصالات الجارية» لرأب الصدع الحكومي، مع إشارتها في الوقت عينه إلى ترقب «جلاء الصورة وتبيان ما ستخلص إليه المشاورات الحاصلة لتقريب وجهات النظر السياسية لا سيّما في ضوء الأجواء التي تتحدث عن نيّة الرئيس بري الدعوة إلى عقد طاولة تشاورية» بين مختلف الأفرقاء. في وقت برزت خلال الساعات الأخيرة جملة تساؤلات سياسية طُرحت على «الطاولة» من زاوية دراسة الجدوى الوطنية من انعقادها.

إذ علمت «المستقبل» أنّ عدداً من القوى السياسية بدأت بالفعل تدرس احتمال الدعوة إلى طاولة تشاورية، سواءً على المستوى الداخلي للكتل والتيارات والأحزاب أو على مستوى المشاورات السياسية البينية الجارية في هذا الصدد. وفي خضم تدارس ومناقشة هذا الاحتمال، طفت على سطح المشاورات تساؤلات وطنية تتمحور حول نقاط جوهرية عدة من المفترض أن تُساهم الإجابات عنها في بلورة المواقف والخيارات إزاء الموضوع، أبرزها:

1- الهدف من الطاولة التشاورية.

2- المدعوون إليها.

3- جدول أعمالها.

4- ضمانات ومحاذير عدم تحوّلها إلى «مؤتمر تأسيسي» أو هيئة بديلة للمؤسسات الدستورية لا سيما منها مجلس الوزراء الذي يضمّ في تشكيلته مختلف الأطراف.

5- انعكاسات انعقادها في ظل غياب رئيس الجمهورية وما إذا كانت أزمة الشغور الرئاسي مدرجة على سلم أولويات جدول أعمالها، خصوصاً أنّ الطاولة التشاورية المنوي الدعوة إليها تعتبر سابقة من نوعها في حال انعقادها في غياب رئيس للبلاد، سواءً ليرأسها كما حصل في عهد الرئيس ميشال سليمان إبان انعقاد طاولة الحوار الوطني في قصر بعبدا، أو حتى من دون أن تنعقد برئاسته كما كان الحال حين انعقدت طاولة الحوار الأولى في المجلس النيابي برئاسة الرئيس بري عام 2006.

يقظة أمنية وجهوزية عسكرية

بالعودة إلى المشهد الميداني، وبينما أعلن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، في سياق مؤكد لما كانت «المستقبل» قد تفردت بكشفه أمس، عدم مشاركة «التيار الوطني الحر» في تظاهرة وسط العاصمة اليوم، مستعيضاً عن ذلك بدعوة مناصري «التيار» إلى تظاهرة خاصة الجمعة المقبل في ساحة الشهداء، تسود حالة من اليقظة الأمنية العالية في البلاد خشية تفلّت الأمور في الشارع من أيدي منظمي التحرك المطلبي المرتقب مساءً في الساحة استناداً إلى كون «التقارير في هذا المجال متضاربة من حدّها الأقصى السلبي إلى حدها الأقصى الإيجابي» حول طبيعة التظاهرة، كما أوضح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس، منبهاً إلى وجود «مجموعة محقّة في شعاراتها المطلبية، ومجموعة أخرى من الغوغائيين ينتمون إلى أحزاب سياسية دخلوا إلى التظاهرات وقاموا بتكسير محال وهم يأتون بأوقات معينة وعلى الدراجات النارية وبأعداد محدّدة كل ليلة كي يلغوا العنوان المطلبي ويعطوا التظاهرة عنوان فوضى وتكسير وإثارة الرأي العام على التظاهر وعلى النظام»، مع الإشارة في الوقت عينه إلى أنّ هناك «استغلالاً سيئاً للتظاهرات المطلبية من قبل سياسيين يدّعون البراءة والمعارضة في الوقت الذي هم موجودون في الحكم منذ سنوات وشركاء في كل قرار اتخذ».

وإذ أعلن أنّ أحداث نهاية الأسبوع الفائت خلّفت «146 مصاباً من قوى الأمن و61 مصاباً من المدنيين و7 موقوفين»، ولفت الانتباه إلى أنّ إطلاق النار في الهواء حينها أتى من 3 جهات رسمية «حرس مجلس النواب وسرية الجيش المكلفة حماية المجلس وعناصر من قوى الأمن الداخلي»، تعهد المشنوق إزاء تظاهرة اليوم بالتزام القوى الأمنية «حماية المواطنين والحرص على حرية التعبير والتصرف بمسؤولية وضبط النفس إلى أقصى حد لكن من دون تساهل مع أي اعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة».

بدوره، أبدى قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس التزام المؤسسة العسكرية تأمين حماية التظاهرات وحرية التعبير التي كفلها الدستور مع «عدم السماح لأي كان بالخلط بين المطالب الشعبية المحقة والتعدي على المواطنين وممتلكاتهم والمؤسسات العامة والخاصة وتعريض مسيرة السلم الأهلي للخطر»، مشدداً في هذا الإطار على أنّ «الجيش لن يسمح للخارجين على القانون باستدراج هذه التظاهرات إلى فوضى أمنية تهدد المكتسبات الوطنية ومصالح اللبنانيين جميعاً».