يستعد المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق ومركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي وبالتعاون مع المركز الاردني للدراسات والمعلومات لعقد مؤتمر خاص في بيروت يومي 9 و10 ايلول المقبل تحت عنوان: "جماعات العنف التكفري ، الجذور والبنى والعوامل المؤثرة"، وذلك في اوتيل الرامادا( السفير سابقا ) في منطقة الروشة، ويشارك في المؤتمر عدد كبير من الباحثين والمختصين بشؤون الحركات الاسلامية من لبنان ومصر والعراق وفلسطين والاردن وايران والسعودية وتونس والسودان ودول اخرى. وتتضمن اعمال المؤتمر عدة محاور حول اسباب بروز ظاهرة العنف التكفيري في العالم العربي والاسلامي وعلاقة هذه الجماعات بالقوى الاقليمية والدولية ومواقفها من مختلف الاوضاع ودور وسائل الاعلام في انتشار هذه الجماعات وانماط عملها العسكري والتنظيمي والمالي والاجتماعي، بالاضافة للبحث عن مستقبلها وكيفية مواجهتها.
وقد اثار الاعلان عن اقامة المؤتمر الكثير من الاشكالات والاسئلة حول اهدافه وابعاده ،خصوصا ان بعض الجهات المشرفة عليه لها علاقة بحزب الله وبعض المؤسسات الايرانية (رغم وجود مركزاردني للابحاث) من ضمن الداعين للمؤتمر ومشاركة عدد كبير من الباحثين المختصين والعلميين بالحركات الاسلامية في اعمال المؤتمر.
ومن ضمن الاشكالات التي طرحت حول المؤتمر ، اعتماد مصطلح "جماعات العنف التكفيري " ومدى علمية هذا المصطلح كونه يتبنى منطق جهات سياسية وفكرية معينة ويطلق مصطلح التكفير على الاخرين ، وقد رد المشرفون على المؤتمر بان اعتماد هذا المصطلح والجمع بين العنف والتكفير كونه يطابق الواقع القائم وليس توصيفا عقائديا او سياسيا ولان هذه الجماعات تعتمد العنف والتكفير في عملها.
والاشكالية الثانية التي طرحها بعض المعلقين :حول مدى صوابية ان تقوم جهات قريبة من حزب الله وايران بعقد مؤتمر علمي حول هذه الجماعات في ظل الصراع الذي يخوضه الحزب وايران ضد هذه الجماعات والا يعتمدان هما ايضا منطق العنف والتكفير ضد الاخرين والا يقلل ذلك من علمية المؤتمر، وقد يكون هذا الاشكال صحيح من الناحية الاولية ، لكن بالمقابل فان حرص هذه الجهات على عقد مؤتمر علمي لفهم هذه الظاهرة ودراستها قد يكون مدخلا لاعادة تصويب طبيعة الصراع واهدافه وابعاده.
لكن الاشكالية الاكبر التي ينبغي البحث عنها ودراستها في مثل هذه المؤتمرات وغيرها يجب ان تتركز حول مستقبل الصراعات بين القوى الاصولية والجهادية والسلفية الاسلامية سواءا كانت تكفيرية او غير تكفيرية، فهذا الصراع الذي يمتد الى معظم دول المنطقة وتشارك فيه دول عربية واسلامية وغربية وتقدم فيها كل الامكانيات سيكون احد السمات الكبرى للمرحلة المقبلة ولن يكون بالامكان انهاؤه بسهولة، كما ان اعتماد مصطلح "الحرب على الارهاب" عنوانا لهذا الصراع يخدم بشكل مباشر وواضح الاستراتيجية الاميركية والاسرائيلية.
فالى اين يتجه هذا الصراع؟
وهل هناك من امل بوقفه والعودة الى العيش المشترك بين الاصوليات الاسلامية؟ اوهل سنندفع اكثر واكثر لصراع مفتوح نكون جميعا فيه جزءا من معركة تخدم الغرب والكيان الصهيوني وننس الصراع مع العدو الصهيوني ولا تعود فلسطين والقدس من الاولويات؟
اسئلة عديدة تحتاج للبحث والدراسة بعلمية وموضوعية ، فعسى ان يكون هذا المؤتمر عن "جماعات العنف التكفيري" المدخل الصحيح لبحث كل هذه القضايا الاشكالية.