غدا يوم آخر , الحكومة تناور بتحويل ملف النفايات الى البلديات امام ضغط الشارع
السفير :
عشية التظاهرة الشعبية المقررة غدا لرفع الصوت ضد الفساد بأشكاله المتعددة، من النفايات الى السياسة وما بينهما.. وصلت حالة التعبئة والاستنفار في صفوف هيئات المجتمع المدني والأطر الشبابية الى حدها الأقصى، سعيا الى تأمين أكبر حشد، بأفضل تنظيم ممكن، ما يوحي بأن غدا «يوم آخر»، إذا أحسن اللبنانيون التقاط هذه الفرصة وحمايتها من الانزلاقات الميدانية والسياسية.
في هذه الأثناء، استمر تخبط الدولة في معالجة أزمة النفايات، فتحولت جلسات مجلس الوزراء الى حقل للتجارب الفاشلة، التي يدفع اللبنانيون ثمنها، فيما تجاوزت الحكومة محك مقاطعة وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» و «حزب الله» لجلسة الأمس، بأقل الخسائر السياسية.
ولئن كان غياب وزراء التكتل والحزب قد سهل اتخاذ بعض القرارات الحيوية، من دون إحراج هذين الطرفيـن اللذين يرفضـان مناقشة أي أمر قبـل بت آلية العمل الحكومي على أساس التوافـق، فـإن سيناريو البارحة لا يمكــن تكراره باستمرار، والرئيس نبيه بري الذي تولى تأمين التغطية السياسية والميثاقيــة لقرارات الحكومة أمس، لا يستطيع إبقاء هذه المظلة ممدودة، في ظل غياب وزراء حليفه الاستراتيجي، «حزب الله»، إضافة الى وزراء «التغيير والإصلاح» الذين يمثلون مكونا مسيحيا اساسيا.
وعلى هذا الأساس، تمنى بري على رئيس الحكومة تمام سلام تعليق الجلسات موقتا، الى حين إعادة لم شمل مجلس الوزراء، كما أن النائب وليد جنبلاط دخل على خط احتواء تداعيات الأزمة، مؤكدا ضرورة عدم إقصاء العماد ميشال عون الذي سيعقد اليوم مؤتمرا صحافيا من شأنه أن يوضح المسار الذي سيسلكه الوضع الحكومي والشارع البرتقالي في المدى المنظور.
وإذا كان مجلس الوزراء في جلسته أمس قد اتخذ قرارا بـ«الإيعاز للوزارات المعنية بإنجاز مراسيم توزيع مخصصات البلديات من الصندوق البلدي المستقل بما فيها عائدات الخلوي»، ربطا بإمكانية مساهمتها في معالجة ملف النفايات، فإن هذه الاستفاقة على دور البلديات تبدو متأخرة، قياسا الى الوتيرة المتسارعة للأزمة، لا سيما أن معظم البلديات تحتاج الى وقت وجهوزية قبل أن تصبح قادرة على القيام بما هو مطلوب منها.
إعادة التفاوض؟
وعلمت «السفير» أن هناك اتجاها لتفسير قرار مجلس الوزراء برفض نتائج المناقصات، على أساس أنه يعني رفض الأسعار حصرا، وبالتالي فإن اللجنة الوزارية المختصة قد تعاود التفاوض مع الشركات الفائزة لتخفيض أسعارها قدر الإمكان، بعد إعداد تقرير أظهر أن هناك شوائب في طريقة احتساب الأرقام والأسعار، مع اقتراحات إضافية بتلزيم الجمع والمعالجة وترك الكنس للبلديات، بالإضافة إلى مساعدة الشركات بتأمين المطامر لها!
وقد خلص التقرير الذي أعدته وزارة البيئة، بعنوان «نتائج تقييم العروض المالية الخاصة بمناقصات النفايات الصلبة»، الى الاقتراحات الآتية:
ـ أ التفاوض مع الشركات التي فازت لتخفيض أسعارها قدر الإمكان، بالنظر الى واقع النفايات المتراكمة على الطرقات من جهة، والكلفة الإدارية والمالية للمناقصات التي تميزت بمستوى مهنيتها وشفافيتها من جهة أخرى.
ـ ب تلزيم خدمة الجمع والمعالجة (من دون الكنس الذي يمكن للبلديات توليه).
ـ ج تأمين موقع للطمر الصحي إذا تعذر على الشركات الفائزة تأمينه، على أن يُفسح المجال للبلديات الراغبة في إدارة الموضوع بنفسها أن تقوم بذلك (من خلال تحرير أموالها الموجودة في الصندوق البلدي المستقل) شرط أن تتعهد بتأمين الخدمة المتكاملة ذاتها.
وأشار التقرير الى عدم ضرورة تأمين خدمة الكنس في سائر المناطق اللبنانية من ضمن المناقصات، خصوصا أن العقود الحالية لا تتضمن هذه الخدمة سوى في العاصمة وضواحيها. كما أكد التقرير غياب الجدوى الاقتصادية من تحديد مدة العقود بسبع سنوات (وهي في عقود مماثلة لا تقل عن 12عاما)، ولحظ ضرورة فصل خدمة الجمع عن خدمة المعالجة والطمر أسوة ببلدان العالم كله.
في هذا الوقت، عاود عمال شركة «سوكلين» إزالة النفايات من شوارع العاصمة، بعد العودة عن إضرابهم. وعُلم أنه تم توسيع المكب الموقت في الكرنتينا حتى يتسع للكميات الإضافية من نفايات بيروت، لفترة أسبوع على الأقل. أما في المناطق الأخرى في جبل لبنان فإن بعض البلديات تحاول، كلٌ في نطاقها، إيجاد مواقع موقتة للنفايات التي تتولى «سوكلين» إزالتها، فيما لا تزال مناطق أخرى ترزح تحت ضغط تراكم النفايات في الشوارع من دون أي أفق لحلول قريبة.
وبينما اتسعت الاعتراضات في عكار على محاولة نقل النفايات اليها في مقابل دعمها بـ100 مليون دولار، اعتبر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أن لبنان بحاجة الى التقاط الأنفاس حتى يعيد دراسة مشكلة النفايات بشكل سليم، متوجها الى النائب وليد جنبلاط بدعوته لاتخاذ موقف وطني سيذكره التاريخ بإعادة فتح مطمر الناعمة موقتاً لكي يلتقط لبنان وكل البلديات الأنفاس حتى تعالج هذه المشكلة.
وتعليقا على مناشدة السنيورة له بإعادة فتح مطمر الناعمة، قال جنبلاط لـ «السفير»: إعادة فتح المطمر ليست واردة، وأنا سأخصص المطمر لوضع خاص، سأكشف عنه من خلال تعليق سأنشره على طريقتي الخاصة عبر «تويتر» اليوم.
النهار : سواء أكانت نتائج جلسة مجلس الوزراء امس التي قاطعها ستة وزراء "آخر العنقود" في مسار تصعيدي، ام إنها لا تزال تفسح في التسوية التي لم تنقطع حبالها بعد، فإن المناخ الانقسامي الحاد الذي خلفته شكّل الحجة الاضافية التي سيكون من شأنها تزخيم التحرك الشعبي الاحتجاجي المتدحرج إن في بيروت او في مناطق اخرى راحت تلتحق تباعاً بالمد الصاعد. ذلك ان حكومة محاصرة بهذا الكم الهائل من الازمات التي فجرت التحركات الاحتجاجية بدءا بحملة "طلعت ريحتكم" التي استولدت حملات وحركات عدة باتت تضيق بكثافتها التغطيات الاعلامية، منيت امس ايضا بضربة معنوية وسياسية امام رأي عام باتت الحركة الاحتجاجية تستقطبه بقوة على رغم كل محاولات تشويهه وتسييسه وتوظيفه من جهات عدة، وإن تكن نتائج الجلسة جاءت منتجة من حيث اتخاذها مجموعة قرارات ملحة واساسية. ذلك ان لجوء كل من "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" و"المردة" والطاشناق الى سلاح مقاطعة الجلسات بعد الانسحاب منها سابقا، وضع الحكومة اولا امام مشهد ضبابي شديد الالتباس، الى حدود ان المقاطعة تركت انطباعات تخوف اصحابها من ان تكون الجلسة الاخيرة عمليا للحكومة. وبدا واضحا ان الوزراء الستة قاطعوا الجلسة لاثبات موقفهم اولا بعدم تمرير أي قرار قبل العودة الى آلية التوافق على القرارات، وثانيا تجنبا للاحراج في سماحهم بتمرير قرارات الضرورة الملحة، فتم بذلك انقاذ قرارات تأمين رواتب الموظفين والتغذية للجيش وقبول بعض الهبات واصدار سندات خزينة بالعملات الاجنبية وكذلك اقرار اجراءات جديدة في ملف النفايات أفرجت عن أموال البلديات في الصندوق البلدي المستقل.
في أي حال، علمت "النهار" من مصادر بارزة في 8 آذار ان قرار مقاطعة الجلسة الذي اتخذ في اجتماع عقد ليل الاربعاء بين ممثلي "تكتل التغيير والاصلاح" و"حزب الله" كان بناء على الحاح من "التيار"، وأن الحزب لم يكن متحمسا له بل فوجئ به ولكنه قرر دعم حليفه فيه. وقالت هذه المصادر انها تدرك ان ثمة مخاوف لدى بعض الجهات الداخلية من ان تكون لدى "حزب الله" أجندة انقلابية، لكنها تستبعد ذلك على رغم التأزيم التصاعدي.
بيد أن الاتصالات التي أجريت عقب الجلسة أوحت واقعياً بانزلاق الواقع الحكومي نحو متاهة مصيرية وخصوصا وسط المعلومات التي تحدثت عن اتجاه "التيار" والحزب الى المشاركة الكثيفة اولا في تظاهرة المجتمع المدني مساء السبت. ذلك ان الرئيس بري سارع الى الاتصال برئيس الوزراء تمام سلام متمنياً عليه التريث في الدعوة الى عقد جلسات لمجلس الوزراء افساحاً في المجال للمشاورات الجارية لتأمين حضور كل الاطراف. كما أجرى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط اتصالاً بالعماد ميشال عون قال فيه إنه "يعول فيه على حكمته في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، مؤكداً في الوقت ذاته الحرص على استمرار التواصل والتشاور بينهما".
استقالات؟
وعلمت "النهار" أن اجتماعات متوترة تلاحقت حتى ساعة متقدمة من الليل من أجل الحفاظ على بقاء الحكومة. وقد دخل مباشرة على خط هذه الاتصالات الرئيس بري وعدد من سفراء الدول الكبرى والعربية وفي مقدمهم السفير الاميركي ديفيد هيل. ولاحت بوادر الاستقالات نهارا من خلال ما أعلنه وزير العمل سجعان قزي في جلسة مجلس الوزراء بقوله إن "الاوضاع لا تسمح لنا بالبقاء". وقد تبنى مجلس الوزراء ما طرحه قزي من حيث إعطاء الاموال للبلديات لكي تقوم بدورها على صعيد موضوع النفايات. وفهم أن حزب الكتائب يتجه الى اتخاذ قرارات معيّنة.
وفي موازاة ذلك، انعقد اجتماع بعيد عن الاضواء لعدد من الاجهزة الامنية تخلله بحث في إجراءات حماية تظاهرة المجتمع المدني غدا السبت. وطالب وزير الداخلية نهاد المشنوق بمؤازرة الجيش وقد استجاب وزير الدفاع سمير مقبل لهذا الطلب.
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إنها كانت تتوقع أن يرفع الرئيس سلام جلسة مجلس الوزراء امس بعدما تبلّغ عدم حضور الوزراء الستة الجلسة، لكنه آثر المضي فيها بنصاب 18 وزيرا. ورأت أنه لو لم يعقد الرئيس الجلسة لكان جاء اليه المعارضون وفاوضوه بشروطه، خصوصا ان البنود التي كانت على جدول الاعمال من الاهمية بمكان بحيث كانت ستحرج كل من يتخلّف عن إقرارها، ولا سيما منها بند الرواتب. وحذرت من أن مستقبل العمل الحكومي بات في دائرة التساؤل لأنه لم يعد ثمة ما هو ملحّ لإعادة تنشيطه باستثناء ما يتردد عن دخول وساطات على خط تحبيذ إقرار تسوية بترفيع 12 عميدا بمن فيهم العميد شامل روكز الى رتبة لواء على أن يكون ذلك مدخلا الى تنشيط العمل الاشتراعي.
المستقبل :
بحسب الأجواء والاتصالات السياسية المتداخلة على أكثر من خط قيادي ومسؤول، يبدو أنّ قرار وزراء «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح» مقاطعة جلسة مجلس الوزراء أمس لم يخرج في جوهره بعد عن إطار «المقاطعة بالتراضي» إذا صحّ تعبير وتقدير المصادر الوزارية لـ«المستقبل» موضحةً أنّ «الوزراء المقاطعين ارتأوا أن يتم تمرير القرارات الملحّة في المجلس بغيابهم على قاعدة إبقاء «ربط النزاع» الحكومي قائماً وإرجاء توقيعهم المراسيم حتى إبرام سلة تفاهم تسووية تشمل الترقيات العسكرية والأولوية التشريعية والآلية الحكومية». وبالانتظار، برز أمس اتصال رئيس مجلس النواب نبيه بري برئيس مجلس الوزراء تمام سلام إثر انتهاء الجلسة التي نجحت في تحرير أموال البلديات والمعاشات والاعتمادات والسندات والهبات، متمنياً عليه التريث في توجيه دعوة جديدة لانعقاد المجلس إفساحاً في المجال أمام توصّل المشاورات إلى حلول تضمن حضور الأطراف كافة، وأكد بري أن خطوته هذه إنما تندرج في إطار السعي إلى إنجاح المساعي الجارية لإصلاح ذات البين الحكومي قائلاً لـ«المستقبل»: «تركْنا للصلح مطرح».
وإذ وصف القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أمس بأنها «ضرورية»، لفت بري في الوقت عينه إلى ضرورة «عدم استمرار الأمور على هذا المنوال» في الحكومة، مضيفاً: «أمامنا فرصة، ولعلنا بالحوار والاتصالات نتوصل إلى حل».
ورداً على سؤال، كشف رئيس المجلس النيابي أنه يفكر جدياً «بالدعوة إلى طاولة تشاورية بين الأفرقاء السياسيين على نسق طاولة حوار الـ2006»، إلا أنه أردف مشدداً على أنه لم يتخذ «قراراً نهائياً بعد» بهذا الشأن لأنّ نجاح هذا الموضوع «يحتاج إلى مشاورات واستشارات لكي لا يواجه بأي دعسة ناقصة».
وعن مسألة الترقيات العسكرية التي يتم الحديث عنها باعتبارها جزءاً من التسوية التي يطالب بها «التيار الوطني الحر»، اكتفى بري بالقول: «من جهتي أبلغت الجميع أنني أوافق إذا حصل توافق، وقبل التوصل إلى هذا التوافق لن أدخل بالموضوع».
تزامناً، لفت الانتباه أمس الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط برئيس تكتل «التغيير والإصلاح« النائب ميشال عون، لإبداء تعويله «على حكمته في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان» وتأكيد «الحرص على استمرار التواصل والتشاور» بين الجانبين. وأوضحت مصادر اشتراكية قيادية لـ«المستقبل» أنّ الاتصال يأتي في إطار «متابعة الاتصالات الجارية في الكواليس السياسية لإيجاد تفاهم مع عون حول موضوع الترقيات العسكرية».
وبينما أشارت أوساط مواكبة لهذه الكواليس إلى أنّ «أكثر من جهة سياسية وديبلوماسية دخلت على خط المساعي الدائرة في فلك موضوع الترقيات بغية دفع الأمور باتجاه بلورة صيغة توافقية حوله»، أكدت هذه الأوساط لـ«المستقبل» أنّ «معظم القوى السياسية أبدت موافقة مبدئية على هذا الموضوع لكن على أن تكون له جوانب توافقية تكميلية من بينها وقف التعطيل في مجلس الوزراء وإعادة تفعيل عمله».
الديار :
انتقل الرئيس تمام سلام من التهديد بالاستقالة الى الرضوخ للتسوية، وانتقل الرئيس نبيه بري من الاصرار على شروطه الى القبول بشروط المسيحيين، بعد تظاهرات «طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب» او التظاهرة التي سيدعو اليها العماد ميشال عون في ساحتي رياض الصلح والشهداء والسراي الحكومي. ذلك ان الرئيس تمام سلام متخوف جداً من سقوط قتلى وجرحى، واعتبر ان ارث صائب سلام لا يسمح له بان يشرف على حكومة توصل البلاد الى قتلى وجرحى. كذلك خضع الرئيس سلام للانذار الاميركي بعدم التعرض بالعنف والرصاص للمتظاهرين، والتقط الرئيس نبيه بري الاشارة ايضا بعد ان تم تكسير وتحطيم المتاجر في ساحة الشهداء بالاضافة الى اعمال الشغب التي حصلت.
تقرر العمل على التسوية، واقتنع الرئيس سلام بعدم دعوة الحكومة في ظل مقاطعة وزراء حزب الله والتيار الوطني والطاشناق والمردة. وحذر الرئيس بري من ان الحكومة لا تستطيع الاستمرار في ظل غياب وزراء عون وحزب الله، والتقط الرئيس بري ايضا الاشارة من حزب الله الى اي حد ذاهب بدعم العماد عون وعدم التخلي عنه والقبول بكسره، خصوصاً ان حزب الله اعلن موقفاً واضحاً من هذا الامر، مما دفع الرئيس بري الى اتخاذ خطوة الى الوراء من اجل التسوية. لكن العماد عون الذي زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي واتصل بالقيادات المسيحية من اجل الحفاظ على صلاحيات الرئيس الماروني، دفع مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان الى مواجهة الاخطار بدعوة وزراء ونواب ومفتي الطائفة السنية الى الاجتماع مساء الاحد دعماً لرئيس الحكومة عشية القمة الروحية التي ستعقد في بكركي نهار الاثنين تحت عنوان «انتخاب رئيس للجمهورية».
اما على صعيد التظاهرات، فقد علم المسؤولون جميعا ان الجيش اللبناني غير مستعد لاطلاق الرصاص على المتظاهرين، وانه مستعد لمنع اعمال الشغب، لكن لا احد يضمن كيف ستسير الامور خلال التظاهرات، واذا حصلت اعمال شغب فيمكن ان يطلق الجيش النار ويسقط عشرات القتلى في ظل الفوضى الحاصلة. ولذلك علم المسؤولون ان قضية الشارع قضية خطرة، ولم تعد قضية سياسية، بل اصبحت قصة شارع ينتفض كما حصل في «الربيع العربي» وتم اسقاط الانظمة ومن بعدها دخلت تلك الدول في فوضى، وربما دخول لبنان في فوضى مشابهة لن تنتهي الا مع الازمة السورية.
التسوية التي يعمل عليها بري تقضي بان يتم اقرار مشاريع الضرورة في الحكومة والمجلس حتى انتخاب رئيس الجمهورية، لكن الافرقاء المسيحيين من التيار الوطني الحرّ وتيار المردة والقوات اللبنانية وحزب الكتائب ووزراء الرئيس سليمان يرفضون اي بحث في تشريع الضرورة واقرار مشاريع الضرورة اذا لم يتم اقرار قانون الجنسية وقانون الانتخاب، في حين يصر وزراء الكتائب وسليمان على انتخاب رئيس قبل البحث في اي مشروع. وبالتالي فان التسوية لن يكتب لها النجاح.
الجمهورية :
قبل موعد انعقاد الجلسة العاشرة صباح امس لم تكن المعطيات تشير الى تدهور الاتصالات التي قادها وزير المال علي حسن خليل بتكليف من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
كذلك لم يكن قرار وزراء حزب الله و«التيار الوطني الحر» بمقاطعة الجلسة والذي تلقاه سلام قبل نصف ساعة من انعقادها، مفاجئاً ودراماتيكياً، فهُم انسحبوا من الجلسة السابقة الثلثاء احتجاجاً على ما اعتبروه مسّاً بالشراكة في قضية المراسيم وقرارات مجلس الوزراء، وكانوا يعلمون انّ سلام سيصرّ في جلسة امس على اتخاذ قرارات تتعلق ببنود مهمة لا سيّما منها رواتب الموظفين وسندات الخزينة والهبات والقروض.
كما أنّ المشاورات التي إنطلقت إثر جلسة الثلثاء أفضَت، وبحسب معلومات «الجمهورية» الى تفاهم حول المراسيم، واتُفق على ان يسحب سلام المراسيم العادية ويَعرضها مجدداً على الوزراء، فإذا تمّ الاتفاق عليها ووقّعها الجميع، تنشَر في الجريدة الرسمية، وفي حال العكس توضَع جانباً. لكن سلام لم يكن قد تشاور بعد مع بقية المكوّنات السياسية في الحكومة لإعلان التفاهم.
ولم يشمل هذا الحراك السياسي المتعلق بالمراسيم آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء ولا موضوع التعيينات. وهو سبب المأزق الأساسي الذي دفع وزراء «التيار» بمؤازرة الحزب الى تعطيل عمل الحكومة.
قرار المقاطعة
وكانت محطة «او تي في» التابعة لـ»التيار الوطني الحر» ذكرت في نشرتها مساء امس انّ قرار مقاطعة جلسة مجلس الوزراء اتُّخذ في اجتماع بين تكتل «التغيير والاصلاح» وحلفائه ليل امس الأول.
ونقلت عن مصادر المجتمعين «أنّ الحراك الذي شهدته وستشهده الساحة الداخلية هو بكلّ شفافية ومكاشفة نتيجة اجتماع ليل امس الاوّل الذي اتّخذ القرار بمقاطعة جلسات الحكومة، ليس من باب التنازل ولا التساهل، وإنّما لتوجيه رسالتين محددتين: الأولى للاكثرية الحكومية لكي تتأمل وتتبصّر في ما حصل في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء والتداعيات المترتبة على الوطن.
والثانية للفئات والشرائح التي ما زالت تصدّق أنّ فريق الأكثرية قادرعلى توفير المطالب وتأمين الحقوق، فيما الحقيقة أنّ هذا الفريق بات مكشوفاً، وهو المسؤول الاوّل عن التعطيل» .
وأكّدت المصادر انّ التكتل «ماضٍ في التصعيد واتخاذ الخطوات التي تضمن استعادة الحقوق وحفظ الميثاق وصون الدستور والقانون، والخطوات التصعيدية ستبدأ غداً (اليوم) بالمؤتمر الصحافي للعماد عون، وفيه يدعو الى التظاهر الاسبوع المقبل، بمعزل تماماً عن حركة الاحتجاج التي تقودها بعض الجمعيات والحركات».
مصادر وزارية
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ موقف الوزراء المقاطعين يمكن صرفه في إتجاهين: الاوّل بنحو سلبي يعكس إصرارهم على عدم التجاوب مع أيّ مبادرة والذهاب الى النهاية في موضوع التعطيل إلّا إذا تحققت مطالبهم. والثاني إيجابي، يؤسّس لبداية حلحلة بدأت بالمراسيم وستنسحب على التعقيدات الأخرى، وما غيابهم إلّا «قَبّة باط» عن قرارات يعتبرونها حياتية وفي الوقت نفسه لا تعكس تراجعهم عن موقفهم.
وبالتالي فإنه يمكن اعتبار هذه الجلسة خارج المبارزة. وتوقّعت المصادر ان تنشط الاتصالات خلال الايام المقبلة لاستكمال المشاورات لحلّ الازمة الحكومية بعدما أبدت جميع الاطراف السياسية إرادة حسَنة بتقديم التنازلات وضرورة التوصّل الى حلّ.
برّي
وفي هذا السياق، اتصلَ رئيس مجلس النواب نبيه بري بسلام، متمنياً عليه التريّث بالدعوة الى عقد جلسات لمجلس الوزراء إفساحاً في المجال للمشاورات الجارية لتأمين حضور جميع الاطراف»، وذلك إشارةً أولى لإرادة استكمال المشاورات.
وقال بري امام زوّاره أمس إنّ غياب وزراء حزب الله و»التيار الوطني الحر» عن جلسة مجلس الوزراء أمس «لم يكن وجهة نظر سلبية، وما حصل انّه تمّ إقرار بنود ضرورية ولا بدّ منها خلال الجلسة، وأحياناً الغياب يكون بمثابة الحضور». وأكّد بري ما كان أُعلِن من أنّه اتصلَ بسلام بعد الجلسة وتمنّى عليه التريث بعدم الدعوة الى جلسة مقبلة، «وكان سلام متفهّماً ومتجاوباً وهو يعمل لمصلحة الحكومة والبلد».
وكشف بري «أنّ هناك جهوداً لتوقيع المراسيم السبعين التي صدرت في حضور جميع الوزراء قبل الأزمة الحكومية. أمّا المراسيم العادية التي أقِرّت في غياب وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر فيمكن التريّث فيها، خصوصاً انّ معظمها يتعلق بالصيد».
وقال: «يجب ان تُتّخذ في الحكومة وفي مجلس النواب ايضاً القرارات الضرورية الى حين انتخاب رئيس للجمهورية». وأشار الى انّ وزيرَي حركة «أمل» علي حسن خليل وغازي زعيتر ركّزا خلال جلسة مجلس الوزراء على هذا الأمر.