من ممرضة تساعد المرضى إلى مريضة بمرض خطير سببه خطأ بسيط. وخزة إبرة غيّرت حياة ليلى الخطيب ونقلتها الى الجحيم. هي اليوم تعاني من التهاب الكبد cالوبائي الذي قضى على أحلامها ودمرّ مستقبلها، وجعل أملها بالشفاء ضئيلاً.
خمسة عشر عاماً وليلى تعمل في مستشفى فرحات، ولم يخطر ببالها للحظة ان تقع ضحية حركة بسيطة قامت بها فأدخلتها في أتون مشؤوم. اغلقت الـ "Box needle" ومعه باب فرحة عاشتها 38 عاماً ليفتح باب أحزانها من دون يقين بإمكانية إغلاقه. وقالت "كنت في دوام عملي، في شهر شباط الماضي، وكانت العلبة التي نضع فيها الابر الفارغة ممتلئة فوق المستوى المطلوب، حين اغلقتها وخزتني واحدة، لم ابال كثيراً ولم تظهر اي عوارض قبل شهر ونصف، بعدها ارتفعت حرارة جسدي خمسة أيام، قمت بفحص دم لتظهر النتيجة الملعونة".
"موت بطيء"
لم تكتفِ ليلى (38 عاماً) باجراء فحوصات في لبنان بل تم ارسال عيّنة من دمها الى اسبانيا فثبت ما تمنّت ألاّ يكون، وأمضت ساعات تدعو إلى ربها أن تكون النتيجة سلبية، لكن الحقيقة كانت معاكسة. موت بطيء سأعيشه في كل لحظة، لا سيما أن المرض معدٍ لذلك اشعر بأن نظرة الناس إلي اختلفت، ولا إمكانية للارتباط بإنسان فمن يقبل أن يعرض حياته للخطر، ومن دون أولاد ولا حتى شعور بالامومة، مهما تكلمت لن استطيع شرح ما اعانيه، الواقع جد مرير".
كلفة خيالية
كلفة العلاج أقرب إلى الخيال "24 ألف دولار شهرياً ثمن علبة الدواء، واحتاج حوالي ستة منها، أمّنتها وزارة الصحة الى الآن، كما احتاج الى فحص دم يكلف 500 الف ليرة شهرياً، مدير المستشفى رفض إجراءه لي وقام بطردي من عملي حين أصررت عليه".
دعوة على الطريق
ابنة البقاع الغربي لم تكمل علمها لمساعدة اهلها بل خضعت لدورة تمريض وبدأت العمل في العام 2000، "كأنه لا يكفي ما أمر به حتى أعامل بهذه الطريقة من مديري محمد فرحات، نعم أنا مسجلة في الضمان الاجتماعي لكن لا أملك المال لأدفع كلفة الفحص وانتظر حتى استرداد المبلغ، وبعد هذا التصرف من فرحات سأرفع دعوى على المستشفى أولا بسبب الاهمال الكبير وثانيا لطردي من دون وجه حق".
تبادل الاتهامات
"من اهمالها وتقصيرها وخزت نفسها، يأتينا مرضى يعانون من الايدز والسحايا وغيرها من الامراض، هناك طرق للتعامل معهم ومع اي مريض يعاني من مرض معدٍ، ونحن نلفت انتباه الناس إلى طرق الحماية والوقاية. أما فيما يخص ليلى فهي لم تلتقط العدوى من مريض، بل بسبب اغلاقها علبة تجاوزت كمية الاستيعاب المسموح بها، ومع ذلك اجرينا لها فحوصات في اسبانيا والجامعة الاميركية". وأضاف" لم أتخلَّ عنها وأخبرتها اني مستعدٌّ لعلاجها الذي تصل تكلفته الى 100 الف دولار في حال تخلّفت وزارة الصحة".
وعن طرد ليلى من عملها اجاب فرحات "لم اطردها، فهي تعاني من مشكلة نفسية بعد اصابتها بالعدوى، طلبت منها اخذ اجازة، وذلك بعد أن تمادت في الكلام".
امكانية الشفاء
هذا المرض يسببه فيروس التهاب الكبد Cالذي تتراوح تأثيراته بين مرض يدوم بضعة أسابيع ومرض خطير يدوم مدى الحياة. طبيب أمراض جرثومية أكد أن المرض الذي "ينتقل عن طريق الدم، والاستخدام المشترك لإبر تعاطي المخدرات، ونقل دم المصاب دون فحصه، يمكن الشفاء منه"، وأضاف "لا تظهر أعراضه على جميع المرضى والتي منها الحمى ونقص الشهية والغثيان والقيء وآلام المفاصل وآلام المعدة واليرقان".
وبحسب منظمة الصحة العالمية "يمكن للأدوية المضادة للفيروسات أن تشفي نحو 90% من المصابين بعدوى التهاب الكبد C، وأن تحدّ بالتالي من خطر الوفاة من جراء سرطان الكبد وتليّف الكبد، بيد أن توافر التشخيص والعلاج منخفض. تتراوح فترة حضانة التهاب الكبد Cبين أسبوعين وستة أشهر. وبعد العدوى الأولية، لا تظهر العوارض عند 80% من الناس. وأما بالنسبة لمن تظهر عليهم أعراض حادة فيصابون بالحمى والإرهاق ونقص الشهية والغثيان والقيء وآلام المعدة وآلام المفاصل واليرقان (اصفرار الجلد وبياض العين) وقد يصير بولهم داكناً ولون برازهم رمادياً. لا يوجد حالياً لقاح مضاد لالتهاب الكبد C؛ بيد أن ثمة بحوث تجرى في هذا المجال".
ليالي ليلى حالكة، كل أملها أن تخرج من النفق المظلم الذي دخلت فيه عن غير قصد، وأن ترى النور من جديد، حياة من دون مرض لعين!