غداة جلسة «النفايات» وعشية جلسة «الأولويات»، تسارعت الاتصالات بهدف تنفيس الاحتقان الحكومي واحتواء منسوب التشنج المتعاظم على طاولة مجلس الوزراء، بحيث فُتحت الخطوط الساخنة في أكثر من اتجاه لتبريد الأجواء وتركزت المشاورات والمبادرات في هذا الإطار بين كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، على وقع حركة مكوكية نشطة قام بها الوزير علي حسن خليل بين عين التينة والسرايا وكليمنصو. وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّه بنتيجة الاتصالات لاحت في الأفق بوادر حلحلة توافقية لإشكالية السبعين مرسوماً، يُرتقب أن تنعكس أجواؤها الإيجابية على مجلس الوزراء خلال الجلسة التي ستُعقد اليوم في السرايا على نية اختبار «حسن النوايا»، موضحةً أنّ التسوية التي اقترحها بري ووافق عليها سلام وأيّدها كل من الحريري وجنبلاط تقضي بإعادة عرض هذه المراسيم على وزراء «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح» لتوقيع ما يريدون توقيعه منها، تمهيداً لتجاوز الإشكالية والمضي قدماً في بحث وإقرار البنود ذات الأولوية على جدول أعمال الجلسة وفي مقدّمها بند الرواتب.

وإذ توقعت المصادر الوزارية أن تمر جلسة مجلس الوزراء اليوم «على خير» ولم تستبعد أن يبادر وزراء الحزب والتكتل إلى توقيع مرسوم نقل الاعتمادات المالية لدفع الرواتب، أكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«المستقبل» على «إيجابية الأجواء» عشية انعقاد مجلس الوزراء، مشيرةً في هذا السياق إلى كون «الاتصالات التي حصلت خلال الساعات الماضية ساعدت على تخفيف التشنّج وتعبيد الطريق أمام عقد جلسة حكومية هادئة (اليوم) تشمل حلّ مسألتي المراسيم والرواتب».

وبينما عاد الحديث مجدداً عن موضوع ترقية عشرة ضباط إلى رتبة لواء من بينهم العميد شامل روكز وسط التشديد على وجوب أن يقترن ذلك بإعادة تفعيل العمل الحكومي، أعربت مصادر «التيار الوطني» عن قناعتها بضرورة عقد «سلة تفاهم مثلثة الأضلاع»، متوقعةً أن تشمل هذه «السلّة»، إلى موضوع الحكومة، ملف ترقية الضباط وفتح باب التشريع في المجلس النيابي».

تحقيقات الشغب

أمنياً، أكدت مصادر موثوقة لـ«المستقبل» أنّ عدداً من الموقوفين في أحداث الشغب التي حصلت خلال الأيام الماضية في وسط العاصمة جاهروا خلال التحقيقات معهم بكونهم «من مناصري «حزب الله» ومؤيديه»، الأمر الذي تقاطع مع المعلومات الأمنية التي كانت قد أكدت أمس الأول لـ«المستقبل» أنّ معظم مثيري أعمال الشغب والتخريب في محيط السرايا الحكومية هم من العناصر المعروفين بانتمائهم العلني إلى ما يُعرف باسم «سرايا المقاومة» التابعة للحزب.

من جهتها، أوضحت مصادر قضائية لـ»المستقبل» أنّ القضاء العسكري أنهى «فرز» المتورطين في أعمال الشغب والاعتداء على القوى الأمنية، سواءً عبر التحقيقات القضائية أو نتيجة استعراض أفلام التسجيلات المصورة التي توثّق ارتكاباتهم، كاشفةً في هذا الإطار عن تورّط «سودانيين وفلسطينيين وسوريين» في هذه الاعتداءات، وقد توافرت للسلطات الأمنية والقضائية معلومات مفصّلة عن هوياتهم وأماكن انطلاقهم وتواريهم والأدوار التي قاموا بها في عمليات التخريب والتكسير التي طاولت الممتلكات العامة والخاصة.

دي فريج

بدوره، حذر الوزير نبيل دي فريج أمس من جهات تعمل على خط تأجيج الشارع وتنفيذ «انقلاب على الدولة بحجة النفايات»، وقال لـ«المستقبل» تعليقاً على مشهد الشغب المركّز الذي استهدف وسط بيروت خلال الأيام الماضية: «الحرية مسؤولية والتعبير عنها بالوسائل الديموقراطية القانونية مكفول بدستور الطائف، غير أنّ ما حصل ويحصل من أعمال شغب لا يمكن بأي شكل من الأشكال إدراجه في خانة الحريات»، منبهاً في الإطار عينه إلى أنّ «ما تشهده الساحة الإعلامية من بعض التغطيات التحريضية للناس، يفاقم الأمور ويرتّب تداعيات سلبية على البلد واستقراره»، كما دعا دي فريج الجهات الداعية إلى التظاهر بأن تأخذ في الاعتبار أنّ «تنظيم التظاهرات يُرتب عليها مسؤولية ضبطها ومنع استغلالها واستخدامها وسيلة لزعزعة الأمن في الشارع»