من بعد ما أضاء موقع لبنان الجديد على الفساد في محطة تكرير المياه المبتذلة في مدينة طرابلس ، ومن بعد ما أشرنا للتحفظات على هذه المنشأة منذ أن وضع المخطط لها حتى تنفيذه ، لم يعد بوسعنا إلا أن نضع قائمة الحلول على أمل أن يستفيد المعنيون منها، وأن تكون هناك بوادر إيجابية لحل نهائي لمشكلة المحطة المعطلة والمجارير التي تصب في أكثر من موقع ...
وفي إطار هذا الأمر كان لموقعنا حديث مع المهندس جلال عبس الأخصائي في علوم تخطيط وتنظيم المدن ، الأستاذ جلال أكدّ لموقعنا أنّ المشروع منذ بدايته شكل و يشكل بالنسبة لمدينة طرابلس كارثة بيئية و صحية و إقتصادية و إدارية وعلى كافة الأصعدة ووفقاّ لكل المعايير وكل المقاييس ، وأضاف أن المحطة فيما لو عملت ستكون كلفة تشغيلها 15 إلى 20 مليون دولار سنوياً وسينتج يومياً عن عملية التكرير عشرات الأطنان من الوحول التي ليس هناك أيّ تصور أو مخطط لكيفية التخلص منها والتي ستشكل مصدراً للتلوث و لإنبعاث الروائح الكريهة .
واعتبر المهندس جلال أنه من السذاجة الإعتقاد أن تشغيل المحطة سيحل مشكلة بيئية بمعالجة مياه الصرف الصحي لأنّه بالمقابل سنواجه مشاكل بيئية أخرى لن يكون من السهل إيجاد حلول لها.
وفيما يتعلق بالسبل لإخراج "طرابلس" من وطأة هذا المشروع الفاشل والملوث ، قال ، أنّ المنطق السليم والحكمة يقضيان بإيقاف مسلسل الهدر والتخريب البيئي وإعتماد الحلول التالية:
أولاً: التخلي كلياً عن فكرة تجميع مياه الصرف الصحي و إستجلابها من كافة المناطق بغية معالجتها وتكريرها في محطة مركزية ضخمة و عملاقة في قلب مدينة طرابلس.
ثانياً : التخلي كليا عن فكرة التكرير الثنائي لعدم توفر الأسباب الموجبة لذلك و إعتماد تقنية التكرير الأولي بإعتبار أنه سيتم تصريف المياه المكررة في عرض البحر على بعد 2 كلم من الشاطىء.
ثالثاً: إنشاء عدة محطات تكرير صغيرة الحجم تعتمد على التقنيات المبسطة (التكرير الأولي) في كل من المناطق التي تحتاج إلى ذلك : أيّ أن تعالج كل منطقة مياه الصرف الصحي فيها ضمن محيطها الجغرافي وعدم نقل المياه من منطقة لأخرى للمعالجة .
رابعاً: تحرير الموقع الذي تشغله محطة التكرير الحالية و الذي تزيد مساحته عن 10 هكتار من منشآت و تجهيزات و مستلزمات التكرير الثنائي وتخصيص مايلزم (2 هكتار كحد أقصى) لمحطة التكرير الأولي وإعادة تأهيل ما بقي من مساحات كمنتزه أو تحويله إلى مساحة خضراء تفصل ما بين سوق الخضار ،من جهة،الذي يقع على بُعد أمتار من الموقع و من جهة أخرى المسلخ الحديث المنوي إنشاؤه في الجوار.
خامساً : إيجاد السبل للتخلص من التجهيزات والمعدات و مستلزمات التكرير الثنائي قبل أن تتلف و يأكلها الصدأ.
هذا كان حديثنا مع المهندس جلال عبس ، ونحن بدورنا نضع هذه الحلول بعهدة مجلس الإنماء والإعمار وبلدية طرابلس ، ونعيل على ما تبقى من الوعي السلطوي للعمل الجاد على إخراج الميناء خصوصاً وطرابلس عموماً من هذه الفوضى البيئية والصحية ...