لم يجتمع اللبنانيون على هدف كما اجتمعوا تحت راية طلعت ريحتكم هي راية لا حزبية ولا مناطقية ولا طائفية ، هي راية الأزمات التي ضاق المواطنون بها من نفايات لكهرباء لماء ...
هي المرة الأولى التي يتوافد بها الشعب لا للهتاف للزعيم وإنّما ضده ، وليس دفاعاً عن طرف وإنما رفضاً لجميع الأطرف من رأس السلطة للنائب الأصغر ..
طفح الكيل ، هو اختصار الوضع الذي لم يعد بإمكان اللبناني الصمت عنه والعيش تحت مظلمته ، فمن محاصصة الزعماء على "ضهر الشعب" ، لتقاسمهم الأرباح والغنائم ، لمشاريع وهمية أوقعتنا في الكثير من المشكلات ،استفاق اللبناني ولو متأخراً ، فالنفايات جعلته يصحو من التبعية ليصرخ بوجه كل الطبقة الفاسدة ... طلعت ريحتكم !
مطالبهم قد بدأت بـ "نفايات" ولكنها بالواقع محاربة الفساد ، فأول الخيط " زبالة" لتمتد الكرة للكهرباء للمياه ولكل ما هو فاسد ولكل شيء أفسدوه ..
"ما بدي تنحل أزمة الزبالة بس ، بدي نأمن فرص عمل وتجي الكهربا والماي"
هي صرخة أطلقها الكثيرون ، فالشعارات واليافطات إختصرت مطالب شعب ، ومعاناة العديد ، هي مطالبة محقة ، وليست شعبية فقط ، فحتى قوى الأمن بداخلهم يشاركون الجموع المطالب ، ويوافقونهم على كل صوت أطلقوه ..
غير أنّ فساد السلطة أجبر هذه القوى الأمنية على العنف ، فإستخدموا العصي القنابل المسيلة للدموع الماء وحتى الرصاص في قمعهم ؟!
القوى الأمنية لم تقمع الشعب ولا الإرادة وإنما صوت الإصلاح وصوتها هي ، فمواجهة الشعارات الحرة بالسلاح والعنف جعل لبنان يتحوّل من ديمقراطي إلى ملكي ، تقتل به الطبقة السياسية المتوارثة شعبها لأنه أراد التغيير .
فأين دور القوى الأمنية التي هدفها الأول والأخير حماية أمن المواطن وليس قتله أو ضربه كما حصل في مظاهرة "طلعت ريحتكم" التي وقع ضحيتها العديد من الشباب ومنهم الشاب محمد قصير الذي أصيب إصابة بالغة وحالته حرجة وخطرة .
ويظل السؤال من انتصر في رياض الصلح؟
بالطبع الشعب لم ينتصر بعد ، ولا القوى الأمنية التي تصادم مع أهلها ..
المنتصر للأسف هي الطبقة السياسية الفاسدة التي تضرب الوطن شعباً وجيشاً وأمناً ..