تبادلت إيران وبريطانيا إعادة فتح سفارتيهما في لندن وطهران بعد إغلاق استمر منذ خريف العام 2011. وأتت هذه الخطوة نتيجة الاتفاق النووي بين إيران والغرب، لتشكل تطبيعاً في العلاقات الاقتصادية والسياسية بين طهران ولندن، على رغم ما تشهده من ممانعة من جانب متشددين تظاهروا احتجاجاً في طهران، ما دفع السلطات الإيرانية إلى اعتقال عدد منهم، وبينهم صحافيون، في مؤشر الى حرصها على العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، خلافاً لتجاهلها سابقاً عملية اقتحام السفارة ما أدى إلى إغلاقها قبل نحو أربع سنوات.
في الوقت ذاته، جرت مراسم إعادة فتح السفارة الإيرانية في غرب لندن بهدوء، وبحضور مهدي دانش يزدي نائب وزير الخارجية الإيراني والقائم بالأعمال في السفارة محمد حسن حبيب الله زاده.
وشارك وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في مراسم إعادة فتح سفارة بلاده في طهران التي أغلقت في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 . وأحيطت المراسم بإجراءات أمنية مشددة، تخللها إغلاق طرق في محيط السفارة في شارع فردوسي بعد ظهور دعوات إلى التظاهر أمامها. وتردد أن الشرطة أوقفت عدداً من المحتجين من بينهم صحافيون ومصورون تابعون لوسائل إعلام مقربة من «الحرس الثوري». وأقصيت وسائل الإعلام كلها عن المراسم، باستثناء فريق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي وصل طهران الأسبوع الماضي لتغطية المناسبة.
وكان ملفتاً أن افتتاح السفارة سبق محادثات هاموند مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، اللذين عقدا أثرها مؤتمراً صحافياً مشتركاً. وقال هاموند إن خطوة فتح السفارة منعطف علی صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيراً إلی عدم وجود أي معوقات أمام تنمية العلاقات الإيرانية- البريطانية «علی رغم بعض نقاط الاختلاف بين البلدين».
في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني إن بلاده قررت إعادة صياغة علاقاتها مع الأسرة الدولية، مشيراً الى أن «الجميع بات يدرك أهمية الدور الإيراني في المنطقة والعالم، وفتح السفارة البريطانية في طهران وتواجد الدول الأوروبية في إيران يعكسان هذه الحقيقة».
واعترف ظريف بأن إيران تمتلك وجهات نظر مختلفة عن بعض الدول، لكنه أشار إلى إمكان حل الاختلافات «من خلال نظرة واقعية واستيعاب الظروف الراهنة»، مشدداً على أن إيران تستطيع السير في هذا الاتجاه من خلال نهج جديد يعكس دورها البارز والمنطقي داخل الأسرة الدولية».
وقوبلت إعادة فتح السفارة البريطانية بمعارضة من قبل المتشددين في التيار الأصولي، إذ ربط أمين «حزب المؤتلفة» الإسلامي محمد نبي حبيبي بين فتح السفارة وبين الإعلان عن قيام «حزب اتحاد الشعب الإيراني» الإصلاحي أول من أمس، وجدد حبيبي اتهام السفارة البريطانية بالتورط في أحداث عام 2009 التي تخللتها احتجاجات واسعة على الانتخابات التي أعادت الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى السلطة في ولاية جديدة وأقصت رموزاً في التيار الإصلاحي اتهمت بالتعاون مع الخارج.
والتقی هاموند في طهران، التي وصلها أول من أمس، وزير النفط الإيراني بيجان نامدار زنكنه، وتباحثا في فرص دخول الشركات البريطانية الى قطاع النفط والغاز الإيرانية، كما التقی الوزير البريطاني مدير المصرف المركزي الإيراني ولي الله سيف بحضور مجموعة من رؤساء المصارف والمؤسسات المالية البريطانية المرافقين لهاموند.
وللمرة الأولى منذ قيام «الجمهورية الإسلامية» عام 1979، تشدد المصادر الرسمية الإيرانية والبريطانية على وجود رغبة مشتركة في فتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية التي توفرها ظروف مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، وذلك على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.