لم تعد إشكالية حزب الله على تجربة الإمام السيّد موسى الصدر موجودة باعتبار أنّ حزب الدعوة "المؤشكل " على شخص السيّد وعلى تجربته إلى حدّ العداوة التامة في العناوين والتفاصيل أصبح عاجزاً في جسم الحزب وبات الكثيرون من الذين عادوا الى" أملويتهم " بعد أن أقسموا قسم الدعوة في لحظة تدّين متجاوز لمنطقيّ الطائفة والمذهب إلى التعلّق بالحركة الاسلامية "الدعواتية " والجهادية ، من الحاكمين بأمر الحزب ، من رأس الهرم الى أسفله .
لذا سيطرت من جديد مفاهيم الإمام الصدر على الشيعية السياسية وانتهت مرحلة المنافسة غير الشريفة معه وانتهى دور الإسلاميين الشيعة لصالح تيّار السيّد موسى الصدر الذي أفلح في قراءة الوضع اللبناني بما ينسجم مع الواقع خاصة مع وقوف التيار الشيعي المتشدد عاجزاً أمام استحقاقات قانونية ودستورية وواقعية من الدخول في السلطة والإندماج في المجتمع المتعدد إلى إشكالية الحاكم النصراني والشراكة في دولة غير مستندة في تشريعاتها على الشرع الإسلامي .
أسّس موسى الصدر حركة أمل على مفاهيم مختلفة جداً عن مفاهيم الفقيه الذي يتمسك بحبله المؤمنون من السلفية الشيعية لذا حُورب كثيراً من قبل المرجعيّات الدينيّة وأحزابها وتمكنت حركة أمل ومن بعد اختطاف مؤسسها من الإستمرار على مفاهيم السيد سواء في الوقوف الدائم تحت سقف الدولة أو من خلال حفظ الحضور المسيحي كدور ومكوّن ولم تتغلب أفكار بديلة على أفكار السيّد رغم المحاولات العبثية من قبل المصدرين لأفكار الثورة الإيرانية .
لقد بقيت حركة أمل ضمن الخطّ ولم تتزحزح عنه وفي الوقت الذي خرج منها الكثيرون لملاقاة أفكار الثورة الايرانية في مراحل متعددة ولأسباب مختلفة عاد إلى أفكارها جميع الخارجين عنها ومنها و أصبح حزب الله أكثر التزاماً من أمل بأفكار السيّد الصدر وأعلن لبنانيته المشتبهة وايمانه بالدولة وبالمكونات وبالشراكة مع المسيحيين لا كأهل ذمّة كما هو حالهم في النص وفي التجربة الإسلامية .
كان موسى الصدر حاضراً بقوّة أفكاره في حركته ومن ثمّ في الحزب الذي خالفه بحيث أنّ الجميع الآن يردد ما قاله السيّد ويؤيد أفكاره اللبنانية وإن كان هناك اختلاف فعلي بين أمل وحزب الله بالنسبة لمستوى الإلتزام بالإمام الصدر كمرجعية سياسية لأنّ الحركة غير موالية لدولة مذهبية كما هو حال الحزب الذي يعتقد بوجوب السعي والعمل لإقامة دولة مشابهة لدولة إيران المذهبية الشيعية كونها الحلّ الإلهي لمشكلة البشر الذين لا حلّ لهم الاّ بالتشيع والتمسك بحبل الله وإقامة دولة الولاية .