من سخرية القدر أنّ العراق وإيران اللذان دارت بينهما حرب لمدة ثماني سنوات، ابتليا بدمار سببه كل من الرئيس أحمدي نجاد والرئيس نوري المالكي، استمر حكم كل واحد منهما لمدة ثمانية أعوام .
فالرئيس أحمدي نجاد بدأ ولايته عام 2004 والرئيس المالكي بدأها في 2006 وهكذا معظم فترة رئاستهما كان متزامناً ولكن ما يجمع بين المالكي وأحمدي نجاد هو حجم الدمار الهائل الذي تركاه في العراق وإيران.
فالقيادي في حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي حوّل الحكومة العراقية إلى أرض مستباحة لمناصريه ومحازبيه الذين قضوا سنوات المحنة في بلدان الاغتراب وعانوا ما عانوا من الجوع والتشرد والملاحقة الإستخباراتية ، ولكنهم ما إن قفزوا على كراسي السلطة نسوا ماضيهم وماضي شعبهم ، وعوّضوا أنفسهم ما فاتهم من اللذات خلال عقدين من الزمن .
إنّ الفساد في عهد الرئيس السابق صدام حسين كان حكراً على عائلته وعدد قليل من أقربائه، ولكن تم تعميمه على حزب كبير أصبح عند الكثيرين منهم نهم السرقة وجمع أكبر قدر ممكن من الأموال !
ومهمة المراقبة على مسار الحكومة العراقية كانت ملقاة على عاتق المرجعية الدينية في ظلّ انشغال الأحزاب بمصالحهم الحزبية والفئوية، وبات السيد السيستاني بوصلة النجاة للشعب العراقي ، منذ تبرئه من حكومة المالكي، ورفض استقبالهم من 2012 .
أما إيران كان الفساد فيها أوسع وبقناع العقوبات ، إذ تمكن المقربون من الرئيس أحمدي نجاد من سرقة عشرات ألاف ميليارد دولار تحت غطاء تدوير العقوبات الإقتصادية الدولية والأميركية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي .
و كان الرئيس أحمدي نجاد يعتبر إن تلك العقوبات من نعم الله ! ولكن لم يتبين كونها من نعم الله على الفاسدين من مقربيه، حتى كشفت حكومة الرئيس روحاني عن ملفات الفساد الواسعة التي تورط فيها عدد من معاونيه: معاونه الأول ومعاونه التنفيذي ومعاونه في منظمة السياحة وعدد كبير من المرتبطين به.
وبفعل ضغط الرأي العام الإيراني وخاصة متابعة الأحزاب السياسية التي ساندت الحكومة في إفضاح الفاسدين، اضطر القضاء الإيراني إلى محاكمة عدد منهم والحكم عليهم بالسجن، ولو أنها خفيفة وطفيفة جداً مقارنة مع حجم الأموال التي سرقوها، ولكن إصدار الحكم عليهم كان كفيل بانهيار الهيكل المقدس الذي تم تصنيعه من حكومة نجاد .
فهل يتجه النظام الإيراني الذي أدخل الفاسدين من الحكومة السابقة في السجن، إلى إيواء الفاسدين من الحكومة العراقية السابقة؟
فهل يكرر النظام الإيراني نفس الخطأ الذي ارتكبته تركيا بإيواء طارق الهاشمي بارتكاب الجرائم الإرهابية؟
ربما يوحي تصنيف المالكي في عداد المقاومين من قبل موقع تسنيم المقرب من الحرس الثوري، بأنّ إيران ستحتضن المتهمين في سقوط الموصل والرمادي وتفريغ الخزينة العراقية من الدولارات ولكن الحكومة الإيرانية لا ترى أي مصلحة لها في إيواء الهاربين من وجه العدالة.