التقارب بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والذي يتطور يوما بعد يوم لم يستسغه الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط حتى الآن. وراهنوا على عدم نجاحه وصموده للتاريخ الحافل بالمعارك بين الرجلين، ولشخصيتهما المتباعدة وخلافاتهما نتيجة طموحاتهما الرئاسية. كما تمت المراهنة على أن الدكتور جعجع سينقلب على «اعلان النوايا» بعد عودته من السعودية، لكن رغبات وتمنيات بري والحريري وجنبلاط اصطدمت بواقع مختلف، عكستها اجراءات تحالفية على الارض وانحياز من «الحكيم» الى جانب العماد عون في المعارك التي استهدفته من الاقطاب الثلاثة. وهذا ما زاد في غرابة هؤلاء الذين بدأوا يتعاملون مع التحالف العوني - القواتي بمنظار مختلف وبحسابات مختلفة. وهذا لا يعني ان الدكتور جعجع قطع علاقاته بالاقطاب الثلاثة، لكن حساباته المسيحية حتمت عليه تمتين التحالف مع العماد عون الذي حظي بغطاء شعبي مسيحي داعم لتحالف عون - جعجع في مواجهة التهميش الذي طال المسيحيين منذ اتفاق الطائف وحتى الآن.
وتشير المعلومات بحسب مصادر سياسية متابعة، ان بري والحريري وجنبلاط بدأو بالتعاطي مع هذا بمنطق مغاير، خصوصا ان تحالف عون وجعجع عطل المجلس النيابي، وكذلك شل الحكومة، رغم ان معركة الحكومة تبدو وكأنها معركة العماد ميشال عون.
ورغم الرسائل التي وصلت الى الدكتور جعجع وعبرت عن استياء المستقبل من تحالفه مع عون، لكن الحكيم قال «كلمته».
وحسب مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير، فإن الرئيس بري فوجئ بكلام النائب ابراهيم كنعان، بعد خروجه من معراب ولقائه الدكتور سمير جعجع واطلاق موقفه المشتدد من قضية التشريع، خصوصا ان الرئيس بري كان في اجواء مغايرة لجهة قبول العماد ميشال عون النقاش في ملف فتح الدورة الاستثنائىة لمجلس النواب، وبعد تمنيات سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على القوى المسيحية بفتح المجلس النيابي.
وتؤكد المصادر ان العلاقة بين الرئيس بري والعماد عون ما زالت متوترة ومقطوعة والاتصالات تتم عبر نواب بين الطرفين لكنها لم تؤد الى اي حلحلة بعد حتى ان اتصالات حزب الله بين الطرفين لم تؤد الى نتيجة. وحسب المصادر، فإن بري ممتعض جدا من موقف عون من المجلس النيابي والتشريع، فيما العماد عون مستاء من كلام بري عن عدم حسمه بتأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. ولذلك تؤكد المصادر النيابية في كتلة التنمية والتحرير ان المطلوب اولا فتح دورة استثنائىة والتوقيع عليها من قبل وزراء العماد عون والكتائب ووزراء سليمان، وان موضوع فتح الدورة الاستثنائىة لم يطرحه الرئىس بري بل جاء من قبل الرئىس تمام سلام، وقامت دوائر القصر الحكومي بتوزيعه على الوزراء للتوقيع عليه. وبالتالي المطلوب التوقيع اولا على الدورة الاستثنائية وبعد ذلك يتم البحث في المراسيم المدرجة، وهي عديدة وكثيرة ويحتاج الىها الناس اما اذا كان تشريع الضرورة لطرح شعارات سياسية تعجيزية كقانوني الانتخابات والتجنيس فهذا لا يمر.
ورغم هذه الاجواء المتوترة بين بري وعون حول العديد من الملفات، جاء كلام كنعان من معراب ليزيد الامور تعقيدا وليؤشر الى عدم وجود بصيص امل للحلول، خصوصا ان كنعان اشار الى ان القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر مع ضرورة انعقاد جلسات تشريعية، انما تحت اطار تشريع الضرورة، باعتبار ان الشغور الرئاسي يحتم علينا التعاطي مع التشريع بشكل استثنائي.

ـ بري: اقفال المجلس جريمة ـ

نقل الزوار عن الرئيس نبيه بري تأكيده انه لا بد من تشريع الضرورة، لان دفع رواتب الموظفين يمر عبر مجلس الوزراء والمجلس النيابي. ووصف تعطيل المجلس بالجريمة.
وقال : حزب الله مع التشريع، وقد اكد السيد حسن على ذلك اكثر من مرة. وجدد التأكيد امام زواره انه يجب تطبيق الدستور بالنسبة لآلية عمل الحكومة، اي ان القرارات العادية تحتاج الى النصف زائدا واحدا والقرارات التي ينص عليها الدستور بالتصويت بالثلثين وتأخذ مجراها عبر هذا المجال.
وقال اذا استمرت الازمة على هذا المنوال، فاننا لن نحرز شيئا. ولكنه قال انه ليس متشائما، وان نسبة التفاول أكثر من نسبة التشاؤم لديه، وانه يقول للسياسيين علينا جميعا ان نتصدى ونتفرغ لقضايا الناس.
وردا على سؤال، قال بري ان ازمة النفايات تهدد البلد، وانه من البداية لم يتدخل وعلى الحكومة حسم هذا الموضوع.
وفي شأن انتخاب رئيس الجمهورية قال «ايران تدعم انتخاب رئيس للجمهورية وهي تقف مع لبنان في هذا المجال. وجدد التأكيد على ضرورة فتح حوار بين السعودية وايران.

ـ الاتصالات لم تؤد الى نتيجة ـ

اما على الصعيد الحكومي، فالامور ليست افضل من الواقع التشريعي، فمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم يقوم بجولات بين عين التينة والسرايا الحكومي والرابية لايجاد مخرج توافقي يؤدي الى انتظام عمل المؤسسات مجددا، ورغم العقبات فان اتصالات اللواء ابراهيم لم تتوقف حتى التوصل الى مخرج ما عبر تدوير للزوايا.
وتشير المعلومات الى ان الرئيس تمام سلام مصر على عقد جلسة منتجة للحكومة بجدول اعمال يتضمن الآلية والنفايات والرواتب لموظفي القطاع العام، لكن الموقف العوني ما زال على حاله من رفض البحث في جدول الاعمال قبل الآلية.
وقال الوزير السابق سليم جريصاتي «اذا عاد الرئىس تمام سلام الى النهج الدستوري عدنا معه الى مجلس الوزراء، وان لم يعد سنحتكم الى الشعب مجددا، وعلى سلام ان يلتزم كما اعتمد منذ ان بدأت الحكومة العمل، اي التوافق على ممارسة صلاحية رئىس الجمهورية.
وتشير المعلومات الى ان الرئيس سلام عازم على تفعيل عمل الحكومة، لكنه لم يحسم بعد عقد الجلسة، لانه يريد جلسة منتجة وان لا تنتهي بـ «سيناريو» الجلسات السابقة، ولذلك يترك مجالا للاتصالات قبل حسم موقفه من الدعوة.

ـ النفايات ـ

وعلى صعيد ازمة النفايات فهي مرشحة للتفاقم، خصوصا بعد اعلان شركة «سوكلين» عن التوقف عن جمع النفايات، بعد ان امتلأت المكبات المستحدثة في الكرنتينا وبعض المناطق. وبالتالي، فإن تراكم النفايات عاد الى شوارع العاصمة دون اي حل في الافق نتيجة المحاصصات بين القيادات السياسية. ورفضا لهذه المحاصصات، فان حملة «طلعت ريحتكم» تنظم اعتصاما في ساحة رياض الصلح عصر اليوم رفضا للمحاصصة، وستنظم مسيرة في شوارع العاصمة.
ومن المتوقع ان تكون المسيرة حاشدة، في ظل قرار من منظمة الشباب التقدمي التابع للحزب التقدمي الاشتراكي بالانضمام الى حملة «طلعت ريحتكم» فقد غرد جنبلاط على تويتر امس داعما حملة هؤلاء الشباب ورافضا ما تعرضوا له مهاجما الطبقة السياسية، وقال «كلنا نفايات ومن النفايات والى النفايات نعود آمين».
علماً ان جنبلاط يحاول تحييد نفسه عن موضوع المحاصصة في هذا الملف، رغم تأكد المتابعين انه المعني الاول بالموضوع ويتابعه بكل تفاصيله والحل والربط في يديه بالنسبة لفتح مطمر الناعمة مجدداً، وبالتالي ايجاد حل موقت للأزمة.