توقفت اوساط دبلوماسية غربية في بيروت عند التوقيت اللافت لعملية القنيطرة وما سبقها واستتبعها من تداعيات. واكدت لـ”المركزية” ان ابعادها تتخطى حدودها المعلنة ومفاعيلها المحلية الى التجاذب الدولي الاقليمي المتصل بمرحلة ما بعد الاتفاق النووي والرسائل التي تشكل هضبة الجولان صندوق بريدها الابرز وفق ما تبين من مجريات الامور اخيرا. فالسخونة الامنية المستجدة التي بدأت باطلاق صواريخ في اتجاه شمال اسرائيل التي زعمت ان فصيلا فلسطينيا تدعمه ايران يقف خلفها واستتبعت بضربتين جويتين إسرائيليتين أصابتا قرية في مرتفعات الجولان السورية أسفرتا عن مقتل ستة مدنيين، وقصف هو الاعنف منذ اندلاع الحرب في سوريا، لا تقف عند عتبة مناوشات تكاد لا تخلو منها ساحات النزاع بل تذهب الى محاولات ايرانية لاستدراج الولايات المتحدة الاميركية ،عبر استهداف حليفتها الاساسية في المنطقة، الى طاولة المفاوضات حول ملفات المنطقة السياسية المفترض ان تشكل المرحلة الثانية بعد التوقيع التقني للاتفاق النووي.
وتضيف ان ايران وجدت نفسها مضطرة الى افتعال السخونة بعدما تلمست عمليا ان الولايات المتحدة اوكلت مهمة المفاوضات السياسية الى اطراف اقليمية برعاية فرنسية – روسية، بدأ العمل عليها فعليا وليست الاتصالات والاجتماعات التي تعقد في موسكو سوى الدليل الى الجهد المبذول في هذا الاتجاه، وهو أمر ترى طهران انه لن يقدم لها مكاسب سياسية على المستوى المأمول، اذ لا يمكن ان تحصّل هذه المكاسب الا بالتفاوض مع الولايات المتحدة الاميركية، غير الراغبة في تقديم تنازلات اضافية الى ايران في وقت تواجه حملة شرسة في الداخل على خلفية توقيع الاتفاق النووي الذي لم يحظ حتى الساعة بتصديق الكونغرس عليه، علما ان ايران نفسها لن تتنازل لمصلحة اي طرف اقليمي في التسويات السياسية قبل ان تضمن مكتسبات سياسية في المنطقة.
من هنا، تقول الاوساط لـ”المركزية” ان ” الزكزكة” الايرانية لاسرائيل تعكس محاولة لكسر حال المراوحة المتحكمة بالوضع الدولي والاقليمي الذي يتجه الى التأزم والسخونة لاسيما في اليمن وسوريا والعراق ويخفي رسائل الى “من يعنيهم الامر” مفادها ان ظروف التسويات السياسية في المنطقة لم تنضج بعد، ودخلت مرحلة تعزيز اوراق التفاوض لاستخدامها حينما يصبح الظرف مؤاتيا.
وتضيف: اما لبنان، فليس بعيدا من هذا الجو، وهو ولئن كان محيدا أمنيا عن البركان الاقليمي غير انه ليس محيّدا سياسيا بفعل ربط بعض القوى السياسية ملفاته ربطا وثيقا بالحلول السياسية لبعض ازمات الجوار وخصوصا السورية منها. ومع ان وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف الذي زار بيروت ووعد اكثر من مسؤول راجعه في الملف الرئاسي ببذل الممكن لتسهيل الاستحقاق، اطلق مواقف ايجابية راهن البعض على انها قد تحقق الخرق المرجو في الازمة، بيد انها بقيت أقوالا لم تقرن بافعال.
وتبعا لذلك، تشير الاوساط الى ان دبلوماسيا غربيا زار طهران لمراجعتها في ملف الاستحقاق طرح مجموعة تساؤلات اخيرا عما يمكن فعله لحث المسؤولين الايرانيين على الاقتناع بتسهيل الانتخابات الرئاسية في لبنان والايعاز الى حلفائهم بتأمين نصاب جلسات الانتخاب بعد الاتفاق على رئيس مقبول من الجميع غير استفزازي او صدامي يكون موضع اتفاق بين القوى السياسية كافة.