تبدو تحضيرات حركة أمل لإحياء مناسبة إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه على مستوى عال جداً لا باعتبار أن المناسبة تخصُ مؤسسها أو لأنها المناسبة المتبقية والمتفردة من ضمن المناسبات الحسّاسة في تاريخ أمل و التي يخصّها الرئيس بري باهتمام وحضور مميّز لشدّ عصب المنتسبين للمحرومين من خلال إمام المحرومين السيّد موسى الصدر .
والحديث عن الإهتمام لا نقصد به طغيان الحضور الإعلامي من خلال غابات من الصور واليافطات والأقواس تماماً كما يفعل حزب الله في تكثيف إعلامه لتوكيد حضوره الأقوى والمتميّز بل من خلال تنشيط الماكنة السياسية الشعبية والتي تشكل آلية عمل تنظيمي قلّ من تملك مثل هذه الآلية من جماعة من مروّا من هنا من أحزاب وتنظيمات شهدها لبنان بكثافة مع بدء الحرب الأهلية .
ثمّة الحاح أملوي على حشد يعيد لأمل ذكرى حشودها التاريخية يوم كانت تمسك بزمام الأمن في الجنوب ومنذ أن لمع نجم نبيه بري مع انتفاضة 6 شباط المشهورة وخاصة في ذكرى باتت تبُهت نتيجة لإعتبارات مباشرة وغير مباشرة وفي مدينة محسوبة سياسياً على حزب الله في تقاسم خارطة النفوذ بين أمل وحزب الله في لبنان الجنوبي .
هناك من يقرأ المناسبة والحشد الذي سيفاجىء الجميع وفق حسابات سياسية داخلية أي أنها مرتبطة بتطور التموضع والنفوذ والسيطرة داخل البنية الشيعية بعد أن كرّست حيوية حزب الله غلبة واضحة في السياق العام لواقع الطائفة وهذا ما هدد حضور أمل وألغى شيئًا فشيئًا من أهمية دورها الريادي والقيادي لطائفة لطالما احتكرت قيادتها باعتبارها حركة الطائفة وطائفة الحركة .
يبدو أن الرئيس بري مصر على حلف لا يشطب أمل من المعادلة باعتبارها الضامن لشبكة مصالح تحتاج إلى حماية فعلية من قبل الحركة وهذا لن يتُم إلاّ من خلال تفعيل الدور الأملوي وحفظ مكتسباتها لأن المجهول قادم وهناك خوف حقيقي على ضياع الحقوق في لحظة فراغ منتظرة ولأن الحركة أثبتت قوتها في البقاء وطغيان حضورها رغم التقلص في الدور والوظيفة والحصول على منافع السلطة ، يقتنع الكثيرون من بقايا مشاعل موسى الصدر أن على الرئيس بري العمل الجاد على دور أحيائي نهضوي يبعث في طائر الرماد الحياة من جديد وهذا ما يتطلب ما يُشبه احتفال القسم زمن الإمام الصدر ليتسع الدور لمتطلبات جديدة ورزمة أخرى من الحرمان داخل الطائفة بعد أن دفنت أمل حرمانها خارج الطائفة .
حتى اللحظة جماهير حركة أمل مستعدة للنزول إلى المناسبة كأمواج البحر شرط أن لا يوقفهم سدٌ لأن في ذلك توقفهم ومتى توقفوا انتهوا ..