كما إحتلت جميع الأطراف السياسية أحزابها على مدار سنوات، إعتمد العماد ميشال عون هذا النهج ومدد لإمبراطورية العونيين، متجاهلا شعار حملته "لا للتمديد"، وربما ظن أن لعبة الرئيس التوافقي ستنطلي على المواطنين لكنه نسي أن اللبناني يعلم أن لكل قرار أو مبادرة يقدم عليها أحد السياسيين أهداف وأغراض سياسية.
فالعماد عون تجاهل ما يريده أعضاء تياره ورمى بالنائب آلان عون إلى خارج الإنتخابات مقابل تغييرات في النظام الداخلي لكن لماذا؟ طالما أن الأول صهره والآخر إبن شقيقته والإثنين ينتميان إلى آل عون ما يعني أن الإمبراطورية لن تهدم.
وللإجابة على لماذا؟ علينا أن نتمعن بالشخصيتين جيدا لنجد المفارقات في سبب إختيار عون لرجل لايتمتع بالغالبية في التأييد عكس النائب آلان.
فباسيل، كطفل لا يقدم إلا على ما يمليه عليه عمه، إنه المطيع والمأمور، يضع له العماد خطوات الطريق ليمشي عليها أما آلان فهو المتمرد الذي يريد أن يحدث مفارقة في رئاسة التيار.
وبهذه المفارقة نجد أن الافضليه تعود للنائب عون كونه مقرب أكثر ومحبوب من الغالبية ويتمتع بالشعبية فما الهدف من وضع رئيس للتيار قد يسبب بانهياره؟ وما الذي يدفع عون إلى هذه المخاطرة؟
لعون حلفاء وكل طرف يريد تحقيق مآرب له، لذا فإن إستملاك الحليف أمر لا بد منه وفي هذا السياق يبدو، أن إختيار باسيل كرئيس توافقي ليس وليد تسرع إنما عون سينفذ كل ما يريده الحليف، أولا كي يضمن وصوله إلى كرسي الرئاسة وثانيا، كي يبقى مدعوما من حليف شيعي قوي، فوجد أنه من الأجدر به تنفيذ ما يمليه عليه الطرف الآخر ألا وهو "حزب الله"، فاضطر إلى الإنصياع للأوامر وتناسي المخاطر الناجمة عن هذا الإختيار وإلا خسارة الدعم اللفظي من قبل "حزب الله".
واختيار "حزب الله"، لباسيل أيضا لم يكن عبثيا، إنما هو تكتيك سياسي بامتياز حيث أن العقلية الطفولية التي يتمتع بها باسيل بالإضافة إلى الطموح المتمثل بأن يكون شيئا مهما فقط، كأن تقول له "كن معنا وستكون النجم"، يجعلان من شخصيته شخصية مرنة يستطيع الحزب أن يتحكم بها كما يريد ليصبح الحاكم الناهي في كل شيء.
وهنا لا نستطيع سوى أن نأمل من الأحزاب التي تنادي بالديمقراطية أن تنظر إلى نفسها أولا حتى يكون شعارها شعار للتغيير والإصلاح الجدي وليس الإصلاح الديكتاتوري.