مساء أمس، عقد النائب آلان عون اجتماعاً للمجموعة التي تدعم ترشحه إلى رئاسة التيار الوطني الحر بحضور النائبين زياد أسود وسيمون أبي رميا والقياديين في التيار نعيم عون وزياد عبس ورمزي كنج، ليبلغهم ما بلغته المساعي التوفيقية مع منافسه الوزير جبران باسيل. فبموازاة حركة ماكينتي عون والوزير جبران باسيل اللتين نشطتا في جميع مناطق نفوذ التيار الوطني الحر، موفرة ديناميكية عونية مفقودة منذ سنوات وتسابق على تجديد البطاقات الحزبية واهتمام متجدد بأحوال التيار والتفاتة من المرشحين وماكينتيهما إلى المناطق المنسية، نشطت ليلاً طوال الأسبوعين الماضيين مساع توافقية تصدرها النائب ابراهيم كنعان من جهة عون، والقياديّ في التيار رولان خوري من جهة باسيل.
وبعد أخذ ورد، بدا أول من أمس أن الاتفاق بين قياديي التيار، بضمانة الجنرال، بات شبه منجز، في ظل بروز معارضة جدية خلال الاجتماع المسائي أمس في منزل آلان عون لمبدأ التسوية، من قبل عدة ناشطين تقدمهم زياد عبس. وبدا واضحاً عقب الاجتماع بحث هؤلاء عمّا يتيح لهم خوض الانتخابات لتسجيل موقف مبدئي، في حال انسحاب النائب آلان عون وسير النواب الآخرين بالحل التوافقي.
بالعودة إلى المسار التوفيقي، عمد كنعان، بتكليف من النواب آلان عون وسيمون أبي رميا وزياد أسود، والقيادي نعيم عون، إلى إقناع الجنرال بوجوب تأمين حل يتسع للجميع، فيما بدا واضحاً من أداء باسيل تأثره بوجهة نظر خوري التي تدعوه إلى استيعاب الجميع للفوز بثقة مئة في المئة من العونيين، بدل التعويل على انخراط الجنرال بالكامل في المعركة ليفوز أخيراً بواحد وخمسين أو ستين أو سبعين في المئة من الأصوات فقط.
بدا واضحاً في دوائر
الأشرفية وجبيل والمتن وبعبدا وعاليه وجزين وبشري أن
الدفة تميل إلى خصوم باسيل
ولا شك في أن خوري الذي كان طوال السنوات العشر الماضية أقرب إلى نعيم عون منه إلى باسيل، نجح غداة دخوله الدائرة المحيطة بباسيل في توضيح المآخذ الحقيقية لرفاقه عليه وسبل استيعابهم للنهوض بالحزب. وبدا واضحاً في هذا السياق أن ترشيح باسيل لرئاسة الحزب أمر حتمي لا مجال في الرابية للتراجع عنه، فيما لم تكن معارضة النائب عون لهذا الترشيح بقدر معارضته لتفرد باسيل بالقيادة. وهنا برز عاملان أساسيان:
الأول يتعلق بالأرض العونية: بعيد تجاوز المناوئين لباسيل كل محاولات إبعادهم بعضهم عن بعض و»أخذهم بالمفرق» وإظهارهم بمظهر المتآمرين، بدا واضحاً في دوائر الأشرفية وجبيل والمتن وبعبدا وعاليه وجزين وبشري، ونسبياً كسروان، أن الدفة تميل إلى هؤلاء، الأمر الذي أربك باسيل الذي تابع الانطلاقة المتعثرة لماكينته واكتشف سريعا أن رجال الأعمال المحيطين به لا يملكون أي تأثير على المحازبين العونيين، فيما المسؤولون الذين يدافع عن استمراريتهم في مسؤولياتهم رغم كل الاعتراضات لا يعوّل عليهم، فبات منفتحاً على الخطة ب. وفي المقابل، لم يشعر المناوئون المفترضون لباسيل بأن هناك ما يستحق الاحتفال؛ لا بل طغى على كنعان وعون وأبي رميا شعور بأنهم سيخسرون في حال فوز آلان عون أو خسارته، لأن إظهار وجود 20 أو 30 أو 40 أو 50 في المئة من العونيين يعارضون توجهات عون إنما هو كسر للجنرال أولاً ولهم ثانياً. ولا شك في أن التوقيت السياسي أحرج هؤلاء أكثر. ففي وقت كان فيه باسيل يواصل حركته الانتخابية كانوا هم يتساءلون عن مغزى تلهيهم بهذه الانتخابات في ظل الضربة الموجعة للتيار في استحقاق قيادة الجيش كمقدمة لضربة أقوى في استحقاق الرئاسة الأولى، وعليه بدت الأكثرية هنا أيضاً أكثر ترحيباً واستعداداً للخطة ب.
الثاني يتعلق بالجنرال نفسه: قبل أسبوعين ظهّر الجنرال بانفعال شديد وواضح رفضه «تشاطر» النواب وبعض المسؤولين العونيين عليه، وأنّبهم في اجتماع واسع لاعتقادهم أنهم يمونون أكثر منه على الناخبين في الحزب الذي أسّسه. لكن سرعان ما نجح بعض الغيورين على مصلحة التيار في التسلل إلى الرابية بعيداً عن أنظار المزايدين، وشرع هؤلاء في حوارات شفافة مع الجنرال، استكملت باجتماعَي مصارحة مميزين للجنرال مع أربعة من نوابه، بدا متفهّماً نسبياً في نتيجتهما لوجهة نظرهم. وهنا وجد الجنرال نفسه أمام خيارين: استيعاب المناوئين المفترضين لباسيل بجهد بسيط، أو التفرغ على نحول كامل للتدخل مع كل ناخب يرد اسمه على لوائح الشطب ليطلب منه بصورة شخصية انتخاب باسيل.
عقد الجنرال اجتماعَي
مصارحة مع أربعة من نوابه، بدا متفهّماً نسبياً في نتيجتهما لوجهة نظرهم
عند هذا الحد، بات يمكن القول إن الأفرقاء الثلاثة الرئيسيين: الجنرال وباسيل ومجموعة النائب آلان عون ممثلة بكنعان باتوا جاهزين منذ أسبوع للبحث في تفاصيل اتفاق جديّ. وبعيد أخذ ورد، أمكن التوصل إلى سبع نقاط رئيسية، أبرزها: توفير أكبر قدر من الإجماع على ترشيح باسيل إلى رئاسة الحزب. وضع اختيار نائبي الرئيس بتصرف العماد عون. إجراء تعديلات أساسية على النظام الداخلي لجهة التصويت داخل المكتب السياسي وصلاحيات الرئيس، ويفترض بهذا البند أن يكون موضع نقاش إضافي لأخذ المزيد من الملاحظات بعين الاعتبار. تطعيم اللجان المركزية بناشطين جدد، وخصوصاً من تم استبعادهم لأسباب مزاجية، وإجراء تقييم موضوعي لأداء بعض المسؤولين تمهيداً لاستبدال المقصرين. إعادة درس طلبات الانتساب إلى التيار لسحب البطاقات ممن تم تنسيبهم لتعديل موازين القوى الانتخابية، وتفعيل أمانة سر تكتل التغيير والإصلاح على نحو يسمح بإعادة هيكلة الكتلة النيابية وتعيين رئيس لها كما في تيار المستقبل. أما الأهم من هذا كله، فهو تأدية الجنرال دوراً إيجابياً، بعيد المزاج السلبي في الفترة السابقة، وبحثه عن حلول، في ظل تأكيد المتابعين لأحوال البيت العونيّ الداخلي أن النظام الداخليّ مهم وكذلك هوية الرئيس ونائبيه وصلاحيات المكتب السياسي وغيرها، إلا أن الأهم هو موقف الجنرال ورغبته أو عدم رغبته في استيعاب الجميع وتوحيد صفوفهم مجدداً وإشراكهم في المسؤولية.
عون وأسود مستمرّان في الترشيح
الأفكار التي يجري تداولها كمسودة للاتفاق بين المتنافسين على رئاسة التيار ستخضع خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة لمزيد من الأخذ والرد، بعدما باتت مسودة أولية للتسوية المنتظرة. وفي ظل احتفال المقربين من باسيل أمس بفوزه برئاسة التيار، قبل فتح باب الترشيح، أكد المقربون من النائب آلان عون أنه مستمر في ترشحه حتى إشعار آخر، ويرجّح أن يتقدم النائب زياد أسود معه بترشيحه، فيما استكمل آلان عون بعيد الاجتماع في منزله مساء أمس جولاته على المناطق بزيارة عونييّ جبيل، كذلك استكملت ماكينته إعداد الطعن في الانتخابات أمام المراجع القضائية المختصة بحجة وجود عيب في قبول طلبات الانتساب لبعض الناخبين المفترضين.