إنشغل الواقع اللبناني خلال اليومين الماضيين بسيناريوهات القبض على أحمد الأسير ، فمن تسليم الفصائل الفلسطينية له ، للقبض عليه في مطار بيروت ، لتبدل الوجهة التي كان يقصدها من مصر إلى نيجيريا تنوعت الروايات ، فضلاً عن الصور المتباينة التي انتشرت ل "نيولوك" الأسير الذي اعتمده اثناء فراره ...
أحمد الأسير الآن في قبضة العدالة ، على خلفية معركة عبرا وشهداء الجيش اللبناني الذين سقطوا بها ، هذه المعركة التي يتمحور حولها العديد من الغموض واللبس والإستفهام ولعل الأهم هو مشاركة حزب الله بها وهذا ما لم تحقق به الدولة ولم تبت ..
وصيدا شهدت من جهتها عند شيوع خبر الإعتقال تحركات إعتراضية متفرقة وقطع طرقات ، تقودها زوجة الأسير والتابعين له ودعوات لحشد الشارع السني وتوحيده لنصرة الأسير !
ولكنها لم تكن تحركات خجولة سرعان ما انفكت ، ودعوات خافتة لم تلقَ من مجيب !
إن إلقاء القبض على الأسير هو حدث أمني نحيي القيادة عليه واللواء عباس إبراهيم ، ولكن الأهم من التصفيق لهذا الحدث ومن كتابة المنشورات والمقالات المهنئة له هو تحقيق العدالة ، فالمحكمة العسكرية الآن أمام استحقاق مهم وهو إظهار الشفافية ...
فما بين الأسير وميشال سماحة تهديد لأمن وطن وإرهاب وتهويل ، وما بين جرائم الإثنين لا مكان للأحكام التخفيفية ، غير أنّ ميشال سماحة والمدعوم من جمهور الممانعة وعلى الرغم من كل الأدلة الصوتية التي أدانته سيخرج قريباً إلى الحرية بحكم أقل من مخفف ..
فماذا سيكون موقف الشارع السني ، والذي أدان براءة حامل التفجيرات للبنان وطلب من المحكمة العسكرية إعاد النظر في الحكم الصادر ، حينما يحكم على الأسير المعارض للممانعة بأشد العقوبات ؟!
وكيف سيكون إيمان الشعب السني خاصة بالمؤسسة العسكرية وبمحكمتها حينما تصبح الأحكام "مسيسة" ، وحينما يخرج العملاء أحرار لأنه هناك فريقاً سياسياً سيادياً يدعمهم ، في حين ينزل بغيرهم من المجرمين أقسى الأحكام فقط "لأن الطائفة مكسر عصا " !
نحن لا نريد حكماً مخففاً للأسير ولا نسترضي أن نكون مع أي معتدٍ على الجيش ، ولكن نريد من المحكمة العسكرية أولاً أن تعيد ثقتنا بها عبر إعادة محاكمة حامل المتفجرات إلى لبنان والذي تهمته تصل لحد "الخيانة وطنية" وإنزال عقوبة عادلة به أي ميشال سماحة ، نريد منها إعادة محاكمة العميل فايز كرم وأن تخرج من نطاق السياسات ومن الضغط الحزبي ، وأن تثبت لنا أنها محكمة عسكرية مستقلة عادلة ...
حينها فقط لتنزل بأحمد الأسير أقسى الأحكام ولو إعداماً ...
فمحكمة عادلة لن يعارضها الشعب بل سيؤازرها !