الانجاز الكبير الذي حققته المديرية العامة للامن العام بتوقيف المطلوب احمد الاسير، لدى محاولته السفر الى الخارج بجواز سفر مزوّر، ما زال يتصدر الحدث الاهمّ في البلاد.
هذا «الصيد الثمين» كان محط اهتمام ومتابعة دولية واقليمية اذ كان الحدث نتيجة جهود الامن العام وحدها، فلا علاقة لجهات خارجية ولا سياسية ولا فلسطينية بعملية القاء القبض على الاسير، العملية اعتمدت على الجهد البشري للامن العام نتيجة رصد وتعقب اديا الى توقيف الاسير على نقطة الامن العام في مطار بيروت، وهذا ما أكده المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم اذ اكد ان العملية قام بها جهاز الامن العام وحده ولم يتدخل فيها اي جهاز امني آخر».
توقيف الارهابي الشيخ احمد الاسير بعد سنتين على اخفائه في عملية نظيفة على كل المستويات قام بها الامن العام، يعتبر رسالة الى مختلف الجماعات المتطرفة بأن العين الامنية ساهرة وانها ملاحقة ومتابعة، وهذا ما ادى الى قيام الامن العام بمداهمات وملاحقات سريعة أمس توزعت ما بين بيروت وجدرا وصيدا، نتيجة اعترافات خطيرة ادلى بها الاسير.
الاسير الذي تخفى وتنقل بين عدة امكنة، فغيّر شكله وحاول الفرار من مطار بيروت الى مصر ثم الى نيجيريا، لم يحالفه الحظ، فوقع في قبضة الامن العام الذي رصده وتقاطعت المعلومات لديه حتى تمت عملية القاء القبض عليه.
الاسير الذي قاد حملات مذهبية وطائفية وصوّب على المؤسسة العسكرية واستهدف الجيش بالتحريض ثم بالنار، والذي صدرت به احكام غيابية بالاعدام لمسؤوليته عن سقوط شهداء عسكريين وضباط ومدنيين في عبرا وتخريب السلم الاهلي، ها هو في قبضة العدالة، ويكتنز معلومات وخفايا لا تزال غامضة.
وتتركز التحقيقات معه على ما يملكه من معلومات عن «الشبكة» التي امنت له الدعم اللوجستي طوال فترة تواريه عن الانظار، والاماكن التي تنقل فيها والتجأ اليها. والاهم هو معرفة مصير عدد من مريديه الذين كانوا معه في مسجد بلال بن رباح واختفوا بعد المواجهات مع الجيش في عبرا، ومعرفة حقيقة نشاطه خلال الفترة الماضية، وعمّا اذا كان مشغلوه قد استمروا في التواصل معه، وطبيعة المهمات الموكلة اليه، وعلاقاته مع ارهابيي المجموعات التكفيرية في سوريا، والشـبكات المرتبطة بها على الساحة اللبنانية.
فحوص الحمض النووي اجريت لعائلة الاسير، كتدبير قانوني مطلوب بانتظار النتائج لاحالة الموقوف الى القضاء العسكري ولاحقاً امام المحكمة العسكرية.
هل يفك «اللغز الاسيري» وتسمّى الاشياء باسمائها؟
ما الجديد في قضية توقيف الاسير؟
ـ اللواء ابراهيم: العملية قام بها الامن العام وحده ـ
اوضح مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم في حديث اذاعي ان «كل ما حكي عن علاقة لأجهزة امنية خارجية في عملية القاء القبض على احمد الاسير غير صحيح والعملية قام بها الامن العام وحده».
ونفى ما تردد عن انه تم توقيف الاسير من خلال جهاز كف بصمة العين، لافتاً الى أن الامن العام لا يمــلك مثل هذا الجهاز، بل يملك «بصمة الوطنية لحفظ الامن والاستقرار في لبنان».
واكد ان انتقال الاسير من عين الحلوة الى المطار لم يتم مباشرة بل تمّ بمحطات اخرى. واشار الى ان جهاز الامن العام كان يتابع الاسير الذي كان معروفاً من قبل الجهاز قبل وصوله الى المطار.
ـ مداهمات ـ
ميدانياً، نفذت قوة من شعبة المعلومات في الامن العام مداهمات في منطقة سيروب شرق مدينة صيدا على خلفية اعترافات احمد الاسير الاخيرة.
ويحاول عناصر الامن العام والاجهزة الامنية التحرك سريعا لتوقيف عدد من الاشخاص المرتبطين بالاســير قبل هروبــهم بعد اعتقاله.
الى ذلك، نفذت شعبة المعلومات في الأمن العام ظهر امس ، مداهمة لمحل لتصليح «الاشبمانات» في المدينة الصناعية في منطقة سينيق عند مدخل صيدا الجنوبي يعود للبناني عبد.ش وهو من مناصري احمد الأسير.
وبحسب شهود عيان، قامت القوة بخلع المحل المذكور الذي كان مقفلا وتفتيشه.
وافاد أحد اصحاب المحال المجاورة ان صاحبه عبد.ش اقفل محله وتوارى عن الأنظار منذ لحظة شيوع خبر توقيف الأسير.
ودهمت قوة اخرى منطقة سيروب حيث كان يتواجد عادة انصار الارهابي الاسير.
كما قامت قوى الامن العام بمداهمات في اقليم الخروب وعبرا حيث دهمت شقة امم المساعدين للاسير عبد الرحمن الشامي في شقته في جدرا، الا ان سكان البناية افادوا ان الشامي توارى عن الانظار من لحظة اعلان خبر توقيف الاسير.
وتقول المعلومات ان الشامي كان ضابط الارتباط بين الاسير وتنظيم ارهابي لتأمين السلاح.
كما افادت المعلومات ان الامن العام نفذ مداهمات قرب بيروت واوقف شخصاً بحوزته مستندات في غاية الخطورة.
ـ مصادر امنية تكشف بعض تفاصيل توقيف الاسير ـ
وقالت مصادر امنية ان كثيراً من المعلومات والمعطيات التي يتم تداولها في وسائل الاعلام حول توقيف الاسير غير دقيقة او انها لا تعبر عن واقع الامور. واوضحت ان عملية التوقيف لم تكن وليدة توقيت معين، انما كانت اجهزة الامن العام تلاحق منذ فترة العديد من المعلومات فتمكنت من الحصول عليها، لكن عملية التوقيف في المطار حصلت نتيجة دقة الاجراءات المتخذة من قبل الامن العام هناك، اذ لم يكن من السهل التعرف الى الاسير في ضوء التغيير الكامل الذي قام به في وجهه بما في ذلك وضع «لانسز» في عيونه.
وقالت ان المعلومات تشير حتى الآن الى ان الاسير كان منذ هروبه من صيدا مختبئاً في عين الحلوة، الا انه مؤخراً غير مكان اقامته بعد تغيير شــكل وجــهه ويرجــح ان يكون اما في احد الاماكن داخل صيدا وإما في اقليم الخروب، موضــحة ان التحقيقات معه ستفضي الى الكشف عن تفاصيل اختبائه لمدة سنتين.
لكن المصادر قالت ان المعلومات الاولية تشير ايضاً الى ان عناصر من عين الحلوة ساهمت في تأمين جواز السفر المزور وتغيير شكله بحدوث استبـعاد وجود عناصر اخرى من خارج المخيم.
واشارت المصادر الى ان الاسير اعترف منذ اللحظة الاولى بانه الاسير شخصياً، وقدم معطيات فرضت قيام الامن العام بعدد من المداهمات في مناطق معينة في اقليم الخروب وصيدا. واضافت ان طلب القاضي حمود اجراء فحوص الـ«D.N.A» هو لتأكيد المؤكد وضمان ان الموقوف هو الاسير.
ـ التحقيقات ـ
ومما تسرب من التحقيقات التي اجريت مع الاسير، فقد اعترف بانه كان مدعوماً من دولة عربية ومن جهاز امني عربي، اضافة لشعبة المعلومات في بيروت، لانشاء حركة تقف في وجه حزب الله، وقام بحراكه الشعبي على هذا الاساس وقام بتسليح رجاله عبر شعبة المعلومات في الامن الداخلي.
ولم ينف انه كان من ضمن لعبة اقليمية عربية لمواجهة حزب الله بتشجيع من الفاعليات السنية، ومنها الرئيس سعد الحريري كي يقف في وجه حزب الله.
ومما قاله «سأتابع نضالي من اجل الحفاظ على حقوق السنة في لبنان وانا ذهبت ضحية لعبة فلسطينية - لبنانية قادها ابو مازن بالاشتراك مع الاجهزة الامنية وانه يطالب باطلاق سراحه والعودة الى عين الحلوة فورا، والا سيدعو لتظاهرات سنية في كل لبنان لاطلاق سراحه.
واشارت المعلومات الى ان حاسوبه الالكتروني وفق جهاز الخليوي والارقام عليه يظهر ان تنظيمه كان يضم آلافاً من طرابلس وصيدا وعنجر وبيروت والمدن السنية الاخرى وصولا الى عرسال، اضافة الى علاقته بتنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» والتفجيرات التي حصلت في بيروت ضد مراكز حزب الله والسفارة الايرانية، لان عناصر من تنظيم الاسير السلفي السني قامت بالمراقبة والمشاركة في التفجيرات، لكن الأسير سيتهم الدولة اللبنانية بانها تضطهد اهل السنة في لبنان، وهو يعتبر نفسه قائد الثورة للدفاع عن أهل السنّة.
ـ مصادر فلسطينية ـ
افادت مصادر فلسطينية ان الفلسطيني حسن حكيم الذي زور جواز السفر للاسير، ابلغ احد القياديين الفلســطينيين بالأمر، وهذا الاخير كان على اتصال مع الاجـــهزة اللبنانية التي تولت رصد تحركات الاسير منذ خروجه من المخيم متخفيا عبر عملية استطلاع تميزت بالدقة والمهنية العالية والاعصاب الباردة اعتمد فيها عنصر المفاجأة.
ـ احالته الى «العسكرية» ـ
هذا وافادت مصادر قضائية ان الاسير سيُحال الى المحكمة العسكرية الدائمة بملف عبرا، حيث سيــتم وقف المرافــعات فـور ورود كتاب التـوقيف من اجل استجواب الاسير.
ـ والدا الاسير ـ
هذا وأُخضع والدا الاسير لفحص الحمض النووي، كما تمّ التحقيق معهما عمّا اذا كانا يترددان عليه، واذا كانا على علم بمكان اقامته لمدة السنتين الماضيتين، وعمّا يعلمون عن نشاط الاسير وتحركاته.
وعُلم ان «هيئة علماء المسلمين» السنّة احتـجت على التـحقيق مع والد ووالدة الاسير.
ـ اجتماع طارىء في عرسال ـ
على صعيد آخر، اجتمعت «هيئة علماء السنة» مع ابو طاقية ومع زوجة الأســير وممــثلين عن «جبهة النصرة» و«داعش» وذلك في عرسال في منزل ابو طاقية وتدارســوا كيــفية مواجهة اعتقال الأســير وتوزيع الأدوار لإنقاذه من المحكمة العسكرية التي ستحكمه بالإعدام مخفضا الى المؤبد لأن الاعدام ملغى في لبنان.
وتدارس المجتمعون امكانية قيام تظاهرات في طرابلس وبيروت وصيدا ومجدل عنجر احتجاجاً، وكما قال علماء السنة في بيانهم ان الخطة الأمنية ليست مطبقة الا على اهل السنة بينما الخطة الامنية لم تطبق في البقاع الشرقي الشمالي.
كما تقرر ان يذهب وفد من «هيئة علماء السنة» الى طرابلس وصيدا وبيروت للتحريض وتحريك الشارع واقامة الصلوات في المساجد والخطب القوية ضد الأمن اللبناني والمطالبة بالإفراج عن الأسير.
ـ زوجة الاسير تطالب بمقايضة زوجها بالجنود المخطوفين ـ
وافادت المعلومات ان زوجة الاسير توجهت الى عرسال وقابلت ابو طاقية وطلبت منه موعداً مع مسؤولين في «داعش» و«جبهة النصرة» في جرود عرسال. وبحسب المعلومات ان زوجته تريد مبادلة العسكريين المخطوفين بالاسير، لأن زوجها كما تدعي «ضحى كثيراً في سبيل اهل السنّة» في لبنان.