خطف الانجاز الامني للامن العام الذي حققه بتوقيف الشيخ السلفي الفار منذ أكثر من سنتين احمد الاسير ظهر السبت، لدى محاولته مغادرة مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي متنكراً ومبدلاً ملامحه، الاضواء عن الأزمة السياسية – الحكومية، خصوصاً ان كل محركات الاتصالات والوساطات في شأن هذه الازمة اخمدت طوال الايام الاخيرة في انتظار معاودتها مطلع الاسبوع.
واتخذ توقيف الاسير بعد أقل من 48 ساعة بعدًاً امنياً واسعاً مع شروع الامن العام في عمليات دهم وتوقيفات في بعض المناطق التي كان للاسير مناصرون فيها، الامر الذي عكس بداية توغل التحقيقات الاولية الجارية معه الى اعترافات أدلى بها وأدت الى اطلاق عمليات الدهم والتوقيف. وفي المعلومات التي توافرت لـ"النهار" من مصدر أمني رفيع، أن الأسير كان قد وصل من مخيم عين الحلوة الى مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي بمفرده في سيارة مرسيدس وليس كما قيل من انه كان في رفقة شخص، وقبض عليه عند نقطة الأمن العام في حرم المطار وليس في الطائرة بعدما اثار جواز سفره الفلسطيني المزور الشكوك لدى عنصر الأمن العام، الذي طلب منه مرافقته. ولم ينكر الأسير هويته واعترف انه هو، على رغم خضوعه لعمليات تجميل.
أما عن الحديث عن نجاح الأمن العام في توقيف الأسير نتيجة بصمة العين، فنفاه المصدر، موضحاً ان جهاز الأمن العام لا يملك هذه الآلة التي تخوله مراقبة بصمة العين، بل ان القبض عليه تم بعد مراقبة دقيقة وحثيثة وبسرية تامة من الأمن العام منذ مدة.
وأكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لـ"النهار" ان هذه العملية "قام بها جهاز الأمن العام بمفرده، ولا علاقة لأي جهاز أمني خارجي في موضوع توقيف الأسير"، مضيفاً: "لو تعاونا مع أي جهاز اجنبي لم نكن لنخجل بالموضوع ضمن التعاون الذي يتم على غرار توقيف شادي المولوي سابقاً، لكن هذه العملية هي لجهاز الأمن العام بمفرده من ألفها الى يائها". كما نفى أي علاقة للفصائل الفلسطينية بتوقيف الأسير، قائلاً: "لا علاقة للأخوة الفلسطينيين بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد".
أما في شأن كل من انتقد في شكل مباشر او غير مباشر القيام بهذه العملية أو لماذا توقيف الأسير من دون سواه، فدعا اللواء ابرهيم المنتقدين "الى العودة الى وطنيتهم بعيداً من الحساسيات. فهذا موضوع وطني بامتياز له علاقة بالشهداء، ودم اللبنانيين لا يذهب هدراً، وأي قاتل لم يتم توقيفه اليوم بالطبع سيتم توقيفه غداً".
وحتى ليل أمس كان الأسير لا يزال موقوفاً في المديرية العامة للأمن العام حيث يجري استجوابه وسينقل لاحقا الى المحكمة العسكرية. وفهم انه ادلى بمعلومات واعترافات عن تورط بعض الأشخاص في عمليات ارهابية، ولهذا السبب عمدت المديرية العام للامن العام الى دهم بعض الأماكن بالقرب من بيروت وصيدا. ودهمت قوة من الامن العام في جدرا في اقليم الخروب منزل أحد المقربين من الاسير الذي يعتقد انه عاونه في التخفي طوال العامين الماضيين وهو عبدالرحمن الشامي، لكنها لم تعثر عليه. ودهمت بعد ذلك محله في صيدا وأوقفت ابنه. كما اوقف شخص في محيط بيروت ذكر انه ضبطت في حوزته وثائق وصفت بأنها غاية في الخطورة.
وفي اطار ردود الفعل السياسية على هذا التطور، برزت اشادة الرئيس سعد الحريري "باليقظة التي أظهرها عناصر الامن العام في المطار"، مثنياً على الجهود التي تبذلها القوى الامنية والعسكرية الشرعية "لحماية الاستقرار وملاحقة الخارجين عن العدالة والقانون وهو الامر الذي يجب ان يكون محل رعاية القيادات والامتناع عن حماية المجرمين والعصابات المسلحة". اما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فهنأ الاجهزة الامنية "بالانجاز الامني الكبير"، الا انه تساءل: "كيف تمكنت هذه الاجهزة من اعتقال الأسير رغم تنكره الكامل بينما لم تتمكن من اعتقال قتلة هاشم السلمان وصبحي ونديم الفخري رغم انهم معروفون تماماً ولم يتنكروا يوما؟".

سلام والأزمة
على صعيد الازمة الحكومية، كشف رئيس الوزراء تمّام سلام لـ"النهار" انه لا يزال يتريّث في الدعوة الى جلسة هذا الأسبوع افساحاً في المجال للاتصالات والمشاورات من أجل تفعيل عمل الحكومة وعقد جلسة منتجة تعالج شؤون الناس وتبت الملفات العالقة.
وقال: "إن هيبة الدولة اليوم على المحك في ظل التعطيل الذي تتعرض له مؤسساتها ولا سيما التشكيك الحاصل في المؤسسة العسكرية على خلفية قرار التمديد العسكري، علماً ان تلك الخطوة اتخذت لمنع الفراغ في هذه المؤسسة الوطنية التي تحفظ الهيبة للدولة ولمؤسساتها"، وتساءل: "كيف نؤمّن مصالح الناس ونحفظ هيبة الدولة إذا لم يكن لدينا توافق داخل الحكومة؟".
وسئل هل يلجأ إلى اعتماد تسيير القرارات بتواقيع 18 وزيراً، فأجاب: "إن الامر يتطلب التشاور مع كل القوى السياسية إنطلاقا من حرصي على تأمين التوافق في كل القرارات التي تصدر عن الحكومة".
وعن سبب عدم حسمه الجدل الذي شهدته الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، قال: "ليس صحيحا أنني لم اتدخل بل كانت لي مداخلة كالعادة في مستهل الجلسة أحرص فيها على تأكيد أهمية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية واتناول المواضيع المطروحة على الساحة وفي نهاية الجلسة أدلي بموقف من المناقشات، وهذا ما حصل في الجلسة الاخيرة. ولكن ما أريد تأكيده انني أرفض أن أكون فريقاً داخل مجلس الوزراء، ويوم أتنازل عن دوري الوفاقي الذي أتمسك به فلا لزوم لأستمر. حرصي دائم على إبقاء الخطوط مفتوحة امام النقاش الرصين. وباستثناء الحالات التي شهدت فيها تهجماً مباشراً عليّ وعلى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء أو عرقلة لدوري أو إنتقاصاً منه فلا يمكنني ان أتغاضى عن ذلك. أما غير ذلك، فأنا لم أقصر ولن أقصر في ممارسة صلاحياتي ودوري ليس بفتح المجال أمام المشاكل والازمات لتعصف بالحكومة بل باحتوائها واستيعابها والعمل على معالجتها. وفي الجلسة الأخيرة أفسحت في المجال للجميع للتنفيس عن مكنوناتهم وليعرفوا أنني لا أمارس في إدارة الجلسات اسلوباً قمعياً أو تسلطياً بل أنا حريص على ان يأخذ كل مكوّن سياسي دوره وحقه".
في موازاة ذلك، تحدثت مصادر مواكبة لملف التمديد للقيادات العسكرية، فقالت إن مخرج ترفيع 12 عميداً الى رتبة لواء يتطلب تعديلا لقانون الدفاع في مجلس النواب بعد المرور بمجلس الوزراء. أما الحل الاسهل والذي يتعلق بتأجيل تسريح العميد شامل روكز، فيتطلب فقط قراراً من وزير الدفاع وهو حل لا يحظى بتأييد "التيار الوطني الحر". وأشارت الى أن رفع سن التقاعد لجميع العمداء يواجه تحفظاً من عدد من الاطراف بينهم النائب وليد جنبلاط.