يخوض حزب الله معاركه الكبرى في الخارج ضمن الحلف الممانع الذي تقوده إيران ، غير آبهٍ بالأزمات التي يعانيها لبنان على كافة الصعد، إلاّ بما يخدم قضايا المحور الذي ينتمي إليه، ويترك الجنرال عون يخوض معاركه الصغرى في الداخل وحيداً مع بعض الدعم الكلامي ، إلاّ أنّ التمديد لقائد الجيش أخرج الجنرال عون من ثيابه ، فأعلن النفير العام وقرر جرّ حلفائه معه إلى الشارع، فحصد الفشل للمرّة الثانية على التوالي .

 لكن مشكلة عون أن هذا التمديد للعماد جان قهوجي تمّ بموافقة كاملة من الرئيس نبيه برّي، ورضى تامّ من حزب الله الذي عبّر عن ذلك بالسكوت، إضافةً إلى المواقف السابقة والمتقدمة والمعلنة للنائب سليمان فرنجية والتي تمايز بها عن مواقف الجنرال عون بما يخصّ التمديد لقادة الأجهزة الأمنية وطرح الفيدرالية، يضاف إلى ذلك، إعلان الرئيس نبيه برّي للمرّة الأولى وبشكل واضح وصريح بأنه لن ينتخب الجنرال عون رئيساً للجمهورية ، لأنّ الأخير لا يعترف بشرعية المجلس النيابي المنوط به إنتخاب رئيس الجمهورية.

هذا هو واقع حال الجنرال عون مع حلفائه، أما خصومه، فمواقفهم معروفة ومعلنة، ولن يرضخوا لإستفزازات الجنرال عون وشعبويته ، بالأمس إنكسرت الجرّة بين التيار العوني وتيار المستقبل بعد أنّ رفع مناصرو التيار العوني أعلام لتيار المستقبل كُتب عليها "الدولة الإسلامية -إمارة لبنان" ، هذا الإتهام لتيار المستقبل بأنه داعش لبنان، يعطي الرئيس سعد الحريري الحجّة الكافية للإلتحاق بالرئيس برّي وإعلان رفضه إنتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية ، وهو الذي سبق له أن أعلن بأنّ لا فيتو على أحد في الإنتخابات الرئاسية بمن فيهم الجنرال عون .

في ظلّ هذا الواقع السياسي الذي يحيط بالجنرال ميشال عون ، كيف يمكن لعاقل أن يستنتج بأنّ هناك إمكانية لإنتخابه رئيساً للجمهورية في ظل هذه الظروف ???.

الجنرال عون يرى أنّ رئاسة الجمهورية من حقّه وحده ، وهذا هو لبّ الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان ، ورحلة الألف ميل لحلّ هذه الأزمة ، تبدأ  بإقناع الجنرال عون بأنه لا إمكانية لإنتخابه رئيساً للجمهورية نتيجة سياسته الحادة والعدائية التي يمارسها تجاه الآخرين، وأنّ لبنان لا يحكم إلاّ برئيس توافقي يستطيع أن يجمع اللبنانيين، لا أن يفرق بينهم ويصنّفهم وبخونهم، وإجتماع اللبنانيين وإلتفافهم حول رئيس جمهوريتهم هي نقطة القوة عند الرئيس التوافقي، أما الصراخ وعرض عضلات الأوتار الصوتية، فهي دليل ضعف وعجز ويأس، والشخصية التوافقية التي تحتاجها الجمهورية والرئاسة، حاول أن ينتحلها الجنرال عون، إلاّ أنّ طابعه الحادّ والصدامي غلب تطبعه مع المنطق التوافقي .

مهمة إقناع الجنرال عون بعدم قدرته على تولي منصب الرئاسة الأولى للأسباب الآنفة الذكر، سيتصدى لها حزب الله وبتكليف من إيران عندما يحين وقت التسوية ، عندها سيلتقي الجنرال عون بالسيد حسن نصرالله وسيقول له الأخير : "جنرال، نحن وقفنا معك ودعمناك لفترة طويلة، إلاّ أنه لا يمكننا الإنتظار إلى الأبد، لذلك يجب البحث عن إسم آخر..." .

عندها، إما أن يعترض الجنرال عون وينتفض ويعلن إنتهاء التفاهم بينه وبين حزب الله ويذهب إلى الإنتحار السياسي، وإما أن يتفهّم الوضع ويمشي بمرشح  توافقي، ويكون بذلك أضاع سنتين من عمر الجمهورية .

وإلى أن يحين موعد التسوية، سيبقى السيرك العوني مستمراً بعروضه المتواصلة سواء أحبّ الجمهور ذلك أو لم يحبّ ، والجنرال عون في هذا السيرك يقود دراجة هوائية بدولاب واحد، ولا يمكنه التوقف عن العرض، وعندما يتوقف يسقط ، ولن ينزل عن المسرح حتى يقضي حزب الله أمراً كان مفعولا.