غادر وزير الخارجية الإيراني لبنان بعد زيارة مكوكية خاطفة شهد فيها بأمّ العين على ما يقترفه حلفاء طهران من تعطيل في المؤسسات وتأجيج في الشارع. فبعدما استقبلته دويلة «حزب الله» بما يليق بسطوتها الميليشيوية الطائفية المتمادية في البقاع الشمالي عبر إقدام أحد محظييها على خطف وتهديد موفد البطريرك الماروني إلى دير الأحمر، ودّعه الحزب و«التيار الوطني الحر» أمس بنبأ إرجاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية للمرة الـ27 على التوالي نتيجة خطفهما النصاب القانوني لإنجاز الاستحقاق، بينما كان رئيس «التيار» النائب ميشال عون يحرص على تظهير سياسة «الحشد الشعبي» المحبّبة إلى قلب إيران في الشارع وقد أكد الوزير جبران باسيل على مسامع الوزير محمد جواد ظريف أنّ تياره يقف «في خندق واحد معها». وإذا كان الزائر الإيراني قد أتمّ جدول زياراته وتصريحاته الرسمية على أكمل وجه من السرايا إلى عين التينة وقصر بسترس تحت لواء «دعم الاستقرار والحوار واتفاق اللبنانيين»، يبقى أن تتكشف تباعاً مع الأيام معالم الترجمات العملانية لفحوى ما حمله ظريف إلى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «تصعيداً أم تبريداً» للأزمة. وبالانتظار، يلعب عون دوراً منفصماً مترنحاً بين التصعيد والتبريد، فتراه أمس يتظاهر في الشارع ضد الحكومة.. وتراه اليوم يشارك في جلستها جنباً إلى جنب مع من وصفتهم اليافطات العونية بـ«الدواعش» وبرئاسة من نعته مناصروه بـ«المتطرّف»! وهو نهج ستستمر الرابية في اتباعه إلى حين «في الشارع وفي الحكومة» وفق ما أعلن باسيل أمس خلال التظاهرة العونية في ساحة الشهداء.

وتعليقاً على المشهد العوني التحريضي والطائفي ضد «تيار المستقبل»، اكتفى وزير العدل اللواء أشرف ريفي بالقول لـ«المستقبل»: «لن يستطيع العماد عون استدراجنا ضد الوحدة الوطنية وضد العيش المشترك وضد قناعتنا بالشراكة الإسلامية - المسيحية في الوطن».

سلام

وعشية انعقاد مجلس الوزراء، شدد الرئيس تمام سلام أمام الجالية اللبنانية في الأردن على ضرورة التكاتف للحفاظ على «لبنان نموذج التعايش والعيش الواحد»، مجدداً معاهدة اللبنانيين «عدم التخلي عن هذه المهمة مهما كلف الأمر». وكان رئيس الحكومة قد قام أمس بزيارة رسمية إلى المملكة الهاشمية شارك خلالها في افتتاح أعمال اللجنة العليا اللبنانية الأردنية المشتركة في دورتها السابعة حيث تطرق في كلمته إلى أوضاع المنطقة والأعباء الهائلة الناتجة عن الأزمة السورية من نزوح وأعمال إرهابية وتداعيات اقتصادية واجتماعية، مشدداً في هذا السياق على ضرورة تفعيل آليات التعاون المشترك بين البلدين لمواجهة التحديات.

وإذ أعرب خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده لاحقاً مع رئيس الوزراء الأردني عبد الله نسور عن كون لبنان «بسبب التداخل المتعدد الأوجه» مع سوريا يعتبر «البلد الأكثر تأثراً بتداعيات المأساة السورية أمنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً»، خصّ سلام بالذكر «آخر نموذج للتداعيات الاقتصادية المتمثل بتوقف الصادرات البرية الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الأردن ومنه إلى الخليج العربي بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا». كما تطرق نظيره الأردني في كلمته إلى التداعيات السورية التي «أثرت بشكل مباشر على التواصل البرّي» بين الأردن ولبنان وعدد من دول المنطقة، بينما أشاد نسور في المقابل بالرئيس سلام متوجهاً إليه بالقول: «دولة الرئيس وجودك وقيادتك للبنان في هذه المرحلة هي فرصة تاريخية كبيرة لرجل في إنجازك وموقعك لينقذ لبنان مما هو فيه (...) ولبنان يستحق مثل هذه الوقفة وهذا الصبر الذي تتحلى به».

تصدير عبر «العقبة»

وأوضحت مصادر رئيس الحكومة لـ«المستقبل» أنّ الجانب الأردني أبدى خلال محادثاته مع سلام «استعداداً تاماً للمساعدة في تسهيل تصدير المنتجات اللبنانية عبر مرفأ العقبة» بعدما تعطلت عملية تصدير المنتجات الزراعية والصناعية من لبنان إلى الدول العربية نتيجة إقفال المعابر الحدودية البرية بين سوريا والأردن، مؤكدةً في الوقت عينه أنه جرى توقيع مروحة من «الاتفاقات المهمة للبنان خلال اجتماع اللجنة المشتركة».

بدورها، كشفت مصادر الوفد المرافق لـ«المستقبل» أنّ وزير الداخلية الأردني سلامة حماد أبلغ الجانب اللبناني خلال الاجتماع الموسّع بين الوفدين أنّ السلطات الأردنية ضبطت أمس الأول «مليون حبة كبتاغون مخدرة مخبئة في شاحنة آتية من لبنان»، مشيراً إلى ضبط ومصادرة شحنة أخرى مماثلة قبل ذلك «تضم 5 ملايين حبة كبتاغون مهربة من لبنان أيضاً». وأعرب حماد في ضوء ذلك عن أمله في أن يُصار إلى «تفعيل إطار تبادل المعلومات بين البلدين لمكافحة المخدرات وتشكيل لجنة مشتركة متخصصة للحد من هذه الجرائم».

الشحن «خلال 10 أيام»

تزامناً، أعلن رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في لبنان «إيدال» نبيل عيتاني صدور المرسوم 2156 القاضي بالموافقة على إعطاء المؤسسة سلفة خزينة بقيمة 21 مليار ليرة لدعم فرق كلفة تصدير المنتجات اللبنانية إلى الدول العربية بحراً لمدة سبعة أشهر، موضحاً آلية تنفيذ برنامج «الجسر البحري للصادرات اللبنانية» والأهداف المرجوة منه. وأكد عيتاني لـ«المستقبل» (ص 12) أنه يتم حالياً «العمل على إتمام المتطلبات اللوجستية للمباشرة في التنفيذ»، متوقعاً «أن تبدأ عمليات الشحن خلال عشرة أيام».