لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والأربعين بعد الأربعمئة على التوالي.
عاد العماد ميشال عون الى الشارع، معبِّراً بهدير الأقدام عن اعتراضه على النهج المعتمد في التعاطي مع مطالبه، وصولاً الى القطرة التي طفح بها الكيل، مع التمديد للقادة العسكريين.
وإذا كان خصوم «الجنرال» قد سارعوا الى التقليل من شأن التحرك البرتقالي ومن حجم المشاركة فيه، إلا ان الأكيد هو ان تظاهرة الأمس هي أكبر من تلك التي نظمها التيار بمحاذاة السرايا الحكومية، في المرة السابقة.
وبات واضحاً أن التيار يعتمد سياسة «الإنذار المتدحرج» الذي يتخذ في كل مرة حجماً يتجاوز ما سبق، الأمر الذي يعني ان عون لا يزال يخفي في جعبته أوراقاً لـ «المستقبل»، سيستخدمها في الوقت المناسب والذي قد لا يتأخر كثيراً، إذا استمرت الازمة الحالية على استعصائها.
وفي حين أوحت الإشارات الاولى ان أصوات المحتجين التي صدحت في ساحة الشهداء لن تجد صدى لها في المدى المنظور، تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء اليوم والتي يفترض ان تشكل أداة القياس لمدى التأثير الذي تركه الاحتجاج البرتقالي في صفوف خصوم عون.
وعُلم أن عون قرر في اللحظة الاخيرة، بعد ظهر أمس، دعوة أنصاره الى التجمع في ساحة الشهداء، وهو ما يفسر تأخر منسق عام «التيار الوطني الحر» بيار رفول في تحديد وجهة التحرك، انطلاقاً من مقر التيار في «سنتر ميرنا الشالوحي» حيث احتشد عدد كبير من المناصرين والقياديين.
وقالت مصادر بارزة في التيار لـ «السفير» إن حجم التجاوب الشعبي مع دعوة عون الى التحرك كان أكبر مما هو متوقع ومخطط له، وهذا ما دفع «الجنرال» الى تعديل وجهة السير، موضحة ان التحرك المعد كان يقضي بتنظيم تجمعات موضعية في بعض المناطق مع امكانية تنظيم مسيرات سيارة، من دون ان تكون ساحة الشهداء واردة في الحسابات، لكن كثافة الحضور البرتقالي في نقاط التجمع وإلحاح المحتشدين على التظاهر، دفعا الرابية الى تعديل الخطة.
وأكدت المصادر ان ما حصل أمس أثبت ان رسالة عون وصلت الى الجمهور، والمهم الآن ان تصل رسالة الناس الى الفريق الآخر، لافتة الانتباه الى ان جلسة مجلس الوزراء اليوم ستشكل اختبارا لهذا الفريق ومدى استعداده لاستخلاص العبر من تمدد الازمة الى الشارع.
وأوضحت المصادر انه لا توجد خطط معدة سلفاً للتحركات المقبلة، مشيرة الى ان الامر يتوقف على طريقة تعامل الآخرين مع المطالب المعروفة، وبالتالي فإذا لم يتم تصحيح الخلل الحاصل، سيكون التيار مضطراً الى زيادة جرعات الاعتراض.
وشددت المصادر على ان التيار يتعامل مع التمديد للقادة العسكريين وكأنه لم يكن، لافتة الانتباه الى ان وزيريه سيظلان متمسكين بإجراء التعيينات في المراكز الستة في المجلس العسكري، وعدم البحث في أي أمر آخر داخل مجلس الوزراء قبل البت بهذه التعيينات، الامر الذي من شأنه ان يقود مجدداً الى إشكالية حسم آلية العمل الحكومي، وسط إصرار «التيار الحر» على التوافق في اتخاذ القرار وتحديد جدول الاعمال ما دام الشغور الرئاسي مستمراً.
وأمكن على هامش التظاهرة الاعتراضية تسجيل الملاحظات الآتية:
- اختيار ساحة الشهداء للتجمع المركزي انطوى على العديد من الدلالات السياسية، إذ يقع هذا المكان على مقربة من السرايا الحكومية، وضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إضافة الى انه الموقع الذي أطل منه العماد ميشال عون على جمهوره مباشرة، بعد عودته من المنفى الباريسي، وهو أيضاً المكان الذي اعتادت قوى «14آذار»على التجمع فيه في مناسباتها.
- إذا كان العونيون قد شاركوا عام 2005 في انتفاضة «14آذار» الى جانب «تيار المستقبل»، وتحديداً في ساحة الشهداء، للمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان، فإن عون عاد الى الساحة ذاتها من دون الآذاريين، ولكن هذه المرة لرفع الصوت ضد نهج «المستقبل» وحلفائه، ولمواجهة تركيبة سياسية وسلطوية يعتبر «الجنرال» انها حلت مكان السوري في الهيمنة وتهميش المسيحيين، حسب ما ترى مصادر التيار.
- كان لافتاً للانتباه ان بعض المشاركين في تحرك الامس ليسوا أعضاء في «التيار الحر»، لكنهم استجابوا للدعوة التي أطلقها عون الى التظاهر رفضاً لسياسة الإقصاء والاستئثار، ما يؤشر الى ان خطاب «الجنرال» بات يلقى صدى واسعاً لدى المسيحيين عموماً، بمن فيهم بعض من ليسوا محازبين للتيار، تحت وطأة الشعور المتفاقم بالاستفزاز والاضطهاد، بفعل نمط التعاطي مع «الحقوق المسيحية» في النظام الطائفي.
- مرّ التحرك البرتقالي أمس على خير، ولم يسجل أي احتكاك بين المسيرات العونية والجيش والقوى الأمنية، الأمر الذي أوحى بأن الجانبين استفادا من دروس الصدام في المرة السابقة، وتجنبا الانزلاق اليه مجدداً، فكان التحرك سلمياً وحضارياً.
- اتسمت تظاهرة الامس بتنظيم افضل وانسيابية أكبر بالمقارنة مع التجربة السابقة، قبل اسابيع.
- تم اختيار توقيت التحرك عشية جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم برئاسة الرئيس تمام سلام العائد من عمان، وبالتالي فقد بدا واضحاً ان عون أراد ان يوجه رسالة الى رئيس الحكومة وبعض مكوناتها بضرورة تصحيح الخلل في الشراكة وآلية اتخاذ القرار تحت طائلة مواجهة غضب الشارع.. ووزيري التيار اللذين كانا في طليعة المحتشدين على الارض.
- أوحى إصرار عون على الإعلان عن موعد التظاهر، خلال وجود وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بيروت، بأنه يرغب في تأكيد استقلالية تحركه وعدم ربط حصوله او عدم حصوله بأي اعتبار. وهكذا، ما ان أنهى وزير الخارجية جبران باسيل اجتماعه مع ظريف حتى توجه الى مقر «التيار الحر» في «ميرنا الشالوحي» لمواكبة المسيرات البرتقالية.
السفير : عون «يستعيد» ساحة الشهداء «الإنذار المتدحرج» يطرق أبواب الحكومة
السفير : عون «يستعيد» ساحة الشهداء «الإنذار المتدحرج» يطرق...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
468
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro