على رغم كلّ التحضيرات العملية و«التعبوية» التي بدأها التيار الوطني الحرّ للتحرك الشعبي ردّاً على قرار التمديد للقيادات الأمنية، لا يزال رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون «يمنح فرصة للمبادرات والحل، لا سيّما مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم»، كما يقول مصدر نيابي في التكتل لـ«الأخبار».
وتقول مصادر مطلعة على اتصالات إبراهيم إنه مستمر في التواصل بين القيادات المعنية، وخصوصاً بين العماد عون والرئيس نبيه بري، سيما أن المشكلة بين الجانبين تتفاقم يوماً بعد يوم. ومع أن غالبية القوى السياسية تتحدث بتشاؤم عن المبادرة، إلا أن مصادر التيار الوطني الحرّ لا تزال تؤكّد أنها «فرصة أخيرة لعدم تعطيل الحكومة ومجلس النواب وغيرهما»، و«يمكن أن تحلّ جزءاً من الأزمة، على الرغم من التمديد غير الشرعي، وتساهم في إعادة العمل بمجلس النواب».
وتؤكّد الاجتماعات واللقاءات المكثّفة لمسؤولي التيار الوطني الحر في التواصل مع مناصريهم في المناطق الاستعداد لتحرك شعبي بعد إشارة من الرابية ــ يرجّح أن تأتي على ضوء نتائج جلسة الحكومة الخميس التي ستعكس مصير مبادرة إبراهيم ــ لتنفيذ الوعود التي قطعها عون بردّ فعلٍ شعبي في مقابل «تهريبة التمديد»، التي أقدم عليها وزير الدفاع سمير مقبل المحسوب على الرئيس السابق ميشال سليمان، مدعوماً بغطاء تيار المستقبل ومن خلفه السعودية، وبرضى الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط.
وتشيع قيادات في التيار أن تحضيرات العونيين للنزول إلى الشارع تقع ضمن سلسلة «السقف الذي لا حدود له»، وأن «الردّ على التمديد لن يقف عند حدّ، لكن بعد استنفاد فرص الحلول والتسويات».
المستقبل: لا يجوز
تحميلنا وزر التمديد وبصمات
بري وجنبلاط واضحة
وبحسب أكثر من مصدر، فإن التحرّك الشعبي سيستهدف على الأغلب وسط مدينة بيروت، مع اعتصامات وتظاهرات أكبر من التحرّك المحدود الذي قام به التيار قبل نحو ثلاثة أسابيع، في محيط مقرّي مجلس النواب والسراي الحكومي.
وفضلاً عن احتمالات انسحاب وزيري عون من الحكومة، والكلام عن انسحاب وزيري حزب الله معهما ووزراء آخرين، بدأ العونيون الحديث عن نيّة عون الطلب من نوابه الانسحاب من المجلس النيابي، في خطوة لاحقة تحدّدها مجريات الاحداث والتعقيدات التي تطرأ في حال فشل وساطة إبراهيم. إلّا أن مصادر في التيار نفت ليلاً الحديث عن نية الانسحاب من مجلس النواب.
ويؤكد العونيون أن «الجنرال ينوي الإمساك بكلّ مفاصل الحل والتعقيد، عبر التمسّك بالثوابت في رئاسة الجمهورية وإغلاق البحث بها ريثما يتمّ الاقرار بأحقية حصول المسيحيين على مرشّح قوي يعبّر عنهم، وتثبيت مسألة قانون الانتخاب الجديد، كذلك عدم فتح مجلس النواب وتعطيل عمله، لأن الفريق الآخر يدّعي أن المشاريع المطروحة تهمّ المواطن فيما يعرقلون مشاريع حياتية أخرى أكثر إلحاحاً، كالكهرباء، وثالثاً تجميد عمل الحكومة». وينطلق العونيون في مسألة الحكومة من أن المتضرر الأكبر من إسقاطها سيكون تيار المستقبل، وأن مشاركة التيار فيها محدودة، وفي كل الأحوال لم يستطع العونيون تفعيل دورهم فيها بسبب تكاتف جهود المستقبل والرئيس تمام سلام وجنبلاط وبري ووزراء سليمان ضدهم.
وبثقة كبيرة، تحدّث العونيون أمس عن دعم حزب الله لتحركات عون وعن ثقة الاخير بالحزب، وإعادة تأكيد الحزب على قرار «الوقوف خلف الجنرال في أي خطوة يريد اتخاذها» بمعزلٍ عن موقف برّي، ردّاً على ما يشيعه أكثر من طرف سياسي عن أن «حزب الله ترك عون وحيداً، حتى لا يختلف مع بري».
من جهتها، أوضحت مصادر بارزة في تيار المستقبل لـ«الأخبار» أن «الرئيس بري حاول في اليومين الماضيين الإيحاء بأن مسألة التمديد لقائد الجيش هي من مسؤولية المستقبل وحده، بينما الحقيقة أنه كان مشاركاً أساسياً في اتخاذ القرار، وطليعياً أكثر من المستقبل»، مشيرةً إلى أنه «لا يجوز تحميل المستقبل مسؤولية التمديد»، في وقت «بدت بصمات بري وجنبلاط واضحة»، بعد أن أعلن جنبلاط في اللحظة الأخيرة أنه يريد طرح اسم جديد لرئاسة الأركان، مع معرفته المسبقة بإمكانية عدم حصول توافق في المجلس، ما يدفع الأمور نحو التمديد.
زيارة ظريف
في غضون ذلك، يشهد المشهد السياسي العام اختراقاً اليوم يتمثل في زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، آتياً من تركيا. ويبدأ ظريف زيارته بأضرحة شهداء المقاومة في روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية، ثمّ يزور الرئيس برّي، على أن يلتقي سلام ووزير الخارجية جبران باسيل غداً. كذلك سيلتقي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. ولم يتأكد ما إذا كان سيزور الرابية.
وعلى عكس ما تروّج له أوساط في قوى 14 آذار عن أن زيارة ظريف تحمل مفاجآت على صعيد رئاسة الجمهورية، أكّدت مصادر مطلّعة أن «الوزير الإيراني لا يحمل أي مبادرة، وسيبلغ اللبنانيين ثبات موقف الجمهورية الإسلامية كما قبل الاتفاق النووي»، فيما أشارت مصادر في السفارة الإيرانية في بيروت إلى أن «ظريف سيشرح للقيادات اللبنانية ما حصل في الاتفاق بين إيران والدول الكبرى»، مع «التأكيد على مواقف إيران السابقة، وتقدير دور لبنان في محاربة التكفيريين والعدو الصهيوني».