444 يوماً ولبنان بلا رئيس للجمهورية وبلا رؤية لليوم التالي.
يأتي وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلى بيروت، في طريقه الى دمشق، للقول إن بلاده تعتبر لبنان، كما سوريا والعراق جزءاً من محور مواجهة الإرهاب بوجهيه الإسرائيلي والتكفيري.
ومع أهمية زيارة ظريف مضموناً، وخصوصاً اللقاء المرتقب بينه وبين الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، إلا أن الشكل يكتسي أهمية، خصوصاً عند الإيرانيين، ولذلك لن يكون غريباً أن يشمل برنامج الزائر الإيراني لفتة تكريمية إزاء العماد ميشال عون، في ضوء «حرب الإلغاء» التي يتعرض لها، من الخارج والداخل في آن معاً.
ومن حسن حظ اللبنانيين أن الزيارة الإيرانية تأتي في توقيت سياسي داخلي محتدم، الأمر الذي يبرر تمديد المهل العونية، ليس الى ما بعد مغادرة ظريف الى دمشق، بل الى ما بعد خطاب السيد نصرالله المقرر عصر الجمعة المقبل أمام جمهور كبير سيحتشد في وادي الحجير الذي تحول في «حرب تموز» الى مقبرة لدبابات «الميركافا» الإسرائيلية، وكان مع عوامل أخرى، مفصلياً في قلب معادلات الميدان لمصلحة المقاومة.
واللافت للانتباه أن قناة «المنار» قررت استضافة العماد عون، بعد خطاب «السيد» مباشرة، الأمر الذي يحمل في طياته، قراراً سياسياً من الجانبين، ليس بتأكيد «تحالفهما الوجودي» سياسياً، ولا توكيد شراكة الرابية الأساسية في الانتصار، بل أيضاً لرسم خريطة طريق لأية مواجهة سياسية محتملة، في ظل قرار كبير اتخذه «حزب الله» بالوقوف في السرَّاء والضرَّاء مع «الجنرال»، «لأن محاولة كسر أحدنا لا تعني كسر الثاني فحسب، بل كسر التوازن الوطني القائم منذ تفاهم مار مخايل في شباط 2006 حتى الآن، وهو التوازن الذي حمى ويحمي الاستقرار الذي يتغنى به الجميع في لبنان».
بهذا المعنى، بدا عون، أمس، وبرغم غمامة الصيف السوداء التي تزداد تلبداً بين الرابية وعين التينة، مرتاحاً لمناخات الحزب التي لم تكن مفاجئة له، بل هو لم يتردد في توجيه كلام قاس لأحد أعضاء «تكتل التغيير» في الجلسة الأخيرة، عندما انتقد «حزب الله» بشدة، وقال مخاطباً «الجنرال» إن التمديد للضباط الثلاثة لم يكن ممكناً لولا «قبة باط» من قبل «حزب الله». وهنا، تدخل عون، وقال إنه يرفض صدور مثل هذا الكلام وأن علاقته بالحزب والسيد نصرالله أكبر وأقوى وأوثق من هذه المعادلات والمهاترات.

وفيما يصر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على استمرار مبادرته القاضية بتعديل قانون الدفاع الوطني في العديد من بنوده، وبينها رفع سن تقاعد الضباط، عُلم أن الرئيس سعد الحريري لم يقل كلمته النهائية بشأنها، وهو ينتظر تبلور كل المعطيات قبل أن يقول كلمته، على قاعدة حماية الاستقرار والحكومة في آن معاً.
توقيف شبكة في شحيم
على الصعيد الأمني، أظهرت سلسلة توقيفات لعدد من الإرهابيين في مناطق لبنانية مختلفة في الأسابيع الأخيرة، وجود قدرة عالية لدى تنظيمي «داعش» و «النصرة» على تجنيد عشرات الشبان في البيئات اللبنانية والسورية والفلسطينية (في مخيمات النزوح واللجوء في لبنان)، بحيث تتولى مجموعات متخصصة مسؤولية انتقالهم عن طريق تركيا الى العمق السوري للمشاركة في أعمال قتالية أو التدريب على التفجير.
وعلمت «السفير» أن الأمن العام أوقف في الآونة الأخيرة، شبكة إرهابية جديدة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، أولهم السوري (ي. خ) الملقب بـ «أبو خطاب» أو «أبو رحمة» وهو مقيم في بلدة شحيم في منطقة إقليم الخروب وشقيقه (م. خ) والسوري (ز. د) المقيم في بلدة شحيم أيضاً.
وقد استمرت عملية رصد هذه الشبكة حوالي الثلاث سنوات، قام خلالها «أبو خطاب» في كانون الأول 2012، بمغادرة لبنان عبر مركز العريضة الى مدينة حلب والتحق بـ «جبهة النصرة» في حي صلاح الدين (مسقط رأسه)، وهناك، انكشف أمره عندما قام مع شخصين بتفخيخ سيارة بعبوة ضخمة وركنها في حي سكني تابع للمجموعات المسلحة بهدف تفجيرها والإيحاء بأن قوات النظام هي التي فجرتها، غير أن إحدى المجموعات كشفت العملية وتورطه، فأقدم على التواري والدخول خلسة الى لبنان عبر معبر غير شرعي في منطقة البقاع الشمالي.
ولاحقاً تم تكليفه من «النصرة» بمهمتين متوازيتين: التجنيد والمراقبة، حيث تمكن من تسفير عدد من السوريين الى تركيا للالتحاق بـ «النصرة» وكان يستعمل حسابه عبر «الفايسبوك» للتواصل مع بعض قادته على الأرض السورية. كما رصد كل ما له صلة بـ «سرايا المقاومة» من أشخاص ومراكز وسيارات في منطقة إقليم الخروب وتحديداً بلدة شحيم، وأرسل خرائط تفصيلية حول كيفية الوصول الى أهداف معينة، عن طريق زرع عبوات على الطرق أو في السيارات وحتى في شقق سكنية معينة.
وقال في إفادته أمام القضاء العسكري إنه كان يبعث بأسماء كل من كان يشتبه بانتمائه الى «السرايا»، كما تحدث عن وجود «خلايا نائمة» تابعة للشيخ أحمد الأسير في صيدا وإقليم الخروب هدفها استهداف مقاتلي «حزب الله» وكوادره. واعترف بخضوعه لدورات تدريبية متخصصة في أعمال التفخيخ.
واللافت للانتباه في شهادة «أبو خطاب» أمام القضاء العسكري، هو حديثه عن وساطة قام بها مع «ابو مالك التلي» أمير «النصرة» في القلمون، أدت للإفراج عن العسكري اللبناني المخطوف لدى «النصرة» وائل درويش، وهو من بلدة شحيم أيضاً.
أما شقيق «أبو خطاب» فقد نفى في شهادته أمام القضاء أن يكون قد قام بأي عمل أمني في لبنان، وهو أكد صحة معظم التهم المنسوبة الى شقيقه.
واعترف الموقوف الثالث (ز.د) بعلاقته بـ «أبو خطاب» وأن الأخير كان قد أصيب خلال قتاله مع «النصرة» في حلب، وقال إن شخصاً من التابعية السورية زوّر له جواز سفره مقابل مبلغ من المال وبينما كان يستعد للسفر الى تركيا عن طريق البحر، أوقف من قبل الأمن العام واعترف بأنه كان ينوي الذهاب الى سوريا عن طريق تركيا برفقة «ابو خطاب» للقتال في صفوف «النصرة» هناك.
يُذكر أن الثلاثة يخضعون للتحقيق حالياً أمام النيابة العامة العسكرية.