تتحدث وقائع تاريخية كثيرة عن دور الشيعة في رفض الظلم والإستبداد، وسجل التاريخ ما يؤكد أن الشيعة على مدى العصور اشتهروا وحاولوا على أكثر من صعيد محاربة الاستبداد ومناصرة المظلوم، وكانت ثورة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام من أبرز المصاديق على رفض الظلم الإستبداد الذي بلغ ذروته بعد تسلم يزيد بن معاوية مقاليد الحكم،فكان الهدف الرئيسي لثورة الإمام الحسين نبذ الاستبداد والإصلاح .
ويأتي ذلك بعد تهديد كيان الأمة والكيان الاسلامي ككل حيث استشعر الإمام الحسين هذا الخطر وبدأ الإعداد لثورته لأن القضية أضحت تمس جوهر الإسلام وتعاليمه.
ومن هنا فإن اللجوء إلى الحرب والقتال يجب أن تحدده حاجة الإسلام الفعلية لذلك، بعيدا عن الزعامات والأشخاص وبعيدا عن الأهداف القصيرة المدى، إذ لا يمكن توريط الأمة بحرب هدفها حماية الشخص أو هدفها قضية محدودة أو خدمة لسياسات عامة محدودة الاهداف والعناصر .
إن التصريحات الأخيرة للعماد ميشال عون حول الحرب التي يخوضها حزب الله واعتماده بشكل صريح على الحزب في حماية المسيحيين من خطر الهجمات التي تشنها داعش والمجموعات الارهابية المسلحة، يضع الكثير من علامات الاستفهام حول المدى الذي وصلت إليه الأمور في استرخاص أرواح الفتيان الشيعة الذي باتوا مجرد قرابين في حروب حزب الله ليس لحماية لأي قضية أو هدف إنما فقط لحماية أشخاص ومشاريع تتم صياغتها بين الدول الكبرى في المنطقة أقل ما يقال فيها أنها مصالح دول ومنافع أشخاص لا أكثر ولا أقل.
إن تسخير هؤلاء الفتية على صغر أعمارهم أيضا بات أمرا مؤسفا لأسباب عدة أهمها ،أنهم أضحوا بفعل سياسات حززب الله قرابين للسياسات القذرة التي يجري الإعداد لها في المنطقة، وأنهم أضحوا فداء لبشار الأسد وحماية نظامه الذي لا صلة له بالدين ولا بالاسلام ولا بالتعاليم الدينية والقضايا المحقة التي جاهد من أجلها الشيعة على مدى قرون .
إن هذا الإستخفاف بأرواح الشباب الشيعي لم يعد يطاق، ولم يعد له مكان في قواميسنا الدينية والشرعية وإن التذرع بحماية الشيعة والقدسات حجة لم تعد تنطلي على أحد، خصوصا مع بدء المبادرات للحلول السياسية حيث ستدحض كل مبررات هذه الحرب القذرة التي خاضها حزب الله تحت عنوان حماية الشيعة، والتي ستتبين عواقبها وأهدافها لاحقا من انها حرب المصالح بين إيران وخصومها، ولتؤكد على صوابية خيار الحياد وهو الخيار الذي لجأ إليه أئمة أهل البيت عليهم السلام خوفا من الوقوع في الفتن وتقسيم الأمة .
لقد آن الأوان ليقظة ضمير ويقظة إنسانية ويقظة دينية مسؤولة لحماية هؤلاء الشباب من خطر التهور القاتل الذي بلغ مداه مع ازدياد أعداد قتلى الشباب الشيعة في الحرب السورية، لقد آن الأوان ليقف حزب الله ويقول أنه اخطأ وأن هذه الحرب كانت خطأ استراتيجيا قضى على مستقبل الطائفة الشيعية مقدراتها من الحجر والبشر، وكل المؤشرات تؤكد فشل هذه الحرب وهذه الخيارات وأنها لم تكن في صالح الشيعة لا من قريب و لا من بعيد، بل كانت فداء لمصالح أشخاص ومشاريع مشبوهة تتم حياكتها للمنطقة ككل .