برزت في السنوات الأخيرة في لبنان وبعض الدول العربية مجموعة من الشخصيات والهيئات الشيعية التي تعلن معارضتها للسياسات الإيرانية في العالم العربي وعلى الصعيد الدولي بسبب تشدد هذه السياسات واعتمادها منطق الصراع والمواجهة للغرب وبعض الدول العربية .
وكانت هذه الشخصيات تدعو دائماً القيادة الإيرانية لتغيير نهجها واعتماد سياسة التقارب والإنفتاح مع الدول العربية والإسلامية والعمل من أجل وقف الصراعات القائمة في المنطقة ، وبعض هذه الشخصيات كان يتوقع انهيار النظام في ايران بسبب سياسة العقوبات وبسب النهج الذي يعتمده نظام الجمهورية الإسلامية في إيران سياسياً وإقتصادياً داخلياً وخارجياً .
لكن منذ توقيع الإتفاق الدولي بين إيران وعدد من الدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني وبدء بروز التداعيات الإيجابية لهذا الإتفاق وما نسمعه من مواقف ورسائل ومبادرات إيجابية من القيادة والمسؤولين الإيرانيين تجاه الدول العربية والإسلامية ، لم نسمع أيّة مواقف واضحة وإيجابية ومرحّبة من هذه الشخصيات والهيئات الشيعية بالسياسة الإيرانية الجديدة .
فإذا كانت المواقف الإعتراضية للشخصيات والهيئات الشيعية حول السياسات الإيرانية تنطلق من أدائها الداخلي أو الخارجي ، فإنّ ما يحصل اليوم يؤكد أنّ القيادة الإيرانية تتجه لإعتماد سياسات جديدة داخلياً وخارجياً وبالمقابل لاحظنا الترحيب الكبير بهذه السياسات من الإدارات الغربية والعديد من الدول العربية والإسلامية، كما أنّ المؤسسات الدولية والعديد من الشخصيات الفكرية والإعلامية والعلمية رحبت بالإتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني واعتبرته تطوراً مهماً على صعيد السياسات الدولية ، وأنّه سيفتح الباب أمام التسويات والمبادرات إن على صعيد قضايا المنطقة أو على الصعيد الدولي .
وبالمقابل نلاحظ وجود صمت كبير من قبل الشخصيات والهيئات الشيعية وهي لم تصدر مواقف مرحبة ومؤيدة للإتفاق وكأنّها تريد استمرار الصراع بين إيران والدول الكبرى واستمرار انعكاس هذا الصراع على أوضاعنا العربية والإسلامية .
الجميع يعرف أنّنا دفعنا جميعا أثماناً غالية بسبب الصراع بين إيران والغرب وكذلك بين إيران وبعض الدول العربية كما حصل خلال الحرب العراقية – الإيرانية وكما يجري اليوم بسبب الصراع السعودي – الإيراني .
فلماذا لم ترحب الشخصيات والهيئات الشيعية المعارضة بالإتفاق حول الملف النووي الايراني؟ ولماذا لم تقم الإحتفالات والأنشطة لتؤكد أنّها مع خيار التسويات والمبادرات الإيجابية الايرانية؟ ولماذا لا تدعو هذه الشخصيات للتجاوب مع هذه المبادرات والعمل لوقف الصراعات في المنطقة خصوصاً أنّ الكيان الصهيوني هو الوحيد المعارض لهذا الاتفاق ، مع وجود بعض الأصوات الخليجية المعارضة.
نحن اليوم أمام فرصة جديدة من أجل البحث عن الحلول والتسويات دولياً وعربياً وإسلامياً واذا كانت الشخصيات والهيئات الشيعية المعارضة كان لديها اعتراضات على السياسات الإيرانية السابقة لإعتمادها منطق الصراع والمواجهة فعلى هذه الشخصيات أن ترحب بالسياسات الجديدة وتشجعها وتنتهز الفرصة الايجابية الجديدة ، إلا اذا كانت هذه الشخصيات تريد استمرار الصراعات ولا تدعم التسويات والوصول إلى حلول للأزمات المختلفة ، والله اعلم .