هل ينتهي العماد عون في الصراع الدائر بينه وبين معظم الطبقة السياسية؟
سؤال مطروح لان العماد عون يقود معركة حياة او موت، فاذا سقطت الوساطة ولم ينل شيئاً، ومرّ التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي مرور الكرام، وقام عندها عون بالتصعيد، وانتهى التصعيد دون نتيجة فهل ينتهي عون سياسياً وهل يكون التيار الوطني الحرّ قد خاض معركة كبرى وخسرها مثلما حصل في 13 آب 1990؟
سؤال مطروح في اذهان اللبنانيين والجواب عليه صعب، لان الرئيس فؤاد السنيورة يقول ان عون سيخسر المعركة، وان تيار المستقبل لن يقبل برفع سن التقاعد للضباط، لانه يُرهق الخزينة، كما ان قيادة الجيش وخصوصاً العماد جان قهوجي يرفضان هذا الاقتراح.
لكن الاحتمال الاقوى هو ان عون سيذهب الى التصعيد وسيقع جرحى في الشارع ودم المتظاهرين لا يستطيع حمله رئيس الحكومة تمام سلام ولا وزير الدفاع ولا وزير الداخلية ولا فؤاد السنيورة ولا العماد قهوجي.
سيذهب عون حتى النهاية وبعد التصعيد سيصل الى نتيجة وهي حصول التسوية بشأن سن التقاعد، وحزب الله لن يترك العماد عون، وستكون رسالة من حزب الله الى اميركا والسعودية ولتيار المستقبل بالدرجة الاولى، والتسوية ستأتي انما بثمن غال.
وبموازاة ذلك، تبقى مبادرة اللواء عباس ابراهيم قائمة حول تعديل قانون الدفاع ورفع سن التقاعد، وقد تتقدّم على وقع ايجابيات مأمولة، الا ان العقبة هي في رفض تيار المستقبل وقبول الرئيس نبيه بري والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية للمبادرة.
هل تصل الاتصالات والمشاورات الى حلّ تسلك فيه مبادرة اللواء ابراهيم قبل الـ 72 ساعة التي اعطاها عون للحلّ قبل تلبية الجمهور العوني «للنفير العام» الذي اطلقه الجنرال؟
حزب الله لن يترك عون
مصادر في 8 آذار اكدت ان تيار المستقبل يظن ان «حرق اوراق» الجنرال ميشال عون الرئاسية يمكن ان يحصل عبر «تهريب» التعيينات الامنية، لكن ما لا يدركه المستقبل انه لا يمكن كسر عون بهذه الطريقة، فعندما تحسم القضايا الكبرى في المنطقة سيكون لرئاسة الجمهورية حسابات اخرى.
واشارت المصادر الى ان اعلان النصر على الجنرال مبالغ فيه، لان ما فعله المستقبل لا يصرف داخلياً، لان «خصمه» الحقيقي لم يقل كلمته بعد، وهويدرك ان حزب الله لن يترك عون «يغرق»، ولن يتركه في «منتصف الطريق»، ولن يقبل بكسره، وشددت على ان الهجوم على «التيار الوطني الحرّ» قرار اتخذته السعودية لمحاصرة حزب الله والتضييق عليه عبر استهداف حليفه، واكدت ان من ذهب الى سوريا في حرب استباقية لحماية المقاومة لن يقبل بهزيمة على الساحة اللبنانية.
واكدت المصادر ان تخصيص عون جزءاً من كلمته للتدليل على اهمية ما يفعله حزب الله في سوريا لحماية المسيحيين واللبنانيين لم يكن كلاماً عابراً، فعون يعرف تماماً انهم يريدون منه التخلي عن حليفه فكان ردّه الحاسم، وهو على قناعة تامة ان السعودية والمستقبل يريدان تدفيعه ثمن خياراته الاستراتيجية ولكنهما لن ينجحا لان في «عنق حزب الله» «دين» للتيار الوطني الحر وغير قابل للتسوية.
وشددت المصادر على ان ثمة نقص خطير في حسابات المستقبل ومعه السعوديون، فالامر يتعلق بردّ فعل حزب الله ازاء ما يجري، والحزب لن يتوانى عن «حمايته من نفسه» و«من المترصبين به».
حزب الله وبري سيعملان للتمديد للضباط
كما قالت مصادر سياسية في 8 آذار ان حزب الله والرئيس نبيه بري سيسعيان للسير بصيغة التسوية الثلاثية التي كان يتم العمل عليها قبل قرار وزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد للقيادات العسكرية. اضافت ان الطرفين سيتحركان اولاً في مجلس الوزراء لبت مشروع قانون التمديد للضباط تمهيداً لارساله الى مجلس النواب، كما سيتحركان لاعادة التوافق داخل الحكومة عبر التفاهم على صيغة مقبولة من الجميع حول آلية عمل مجلس الوزراء، وكذلك للاسراع في بت مرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب ليصار الى اقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين الضرورية.
الا ان المصادر لاحظت ان المشكلة الاولى في انجاز الصيغة تكمن بموقف تيار المستقبل الرافض التمديد للضباط والمعرقل لآلية عمل الحكومة بأن لا تقصي اي من مكوناتها على المشاركة بالقرار. اضافت ان المعطيات تشير الى ان المستقبل لن يسير بمشروع قانون التمديد للضباط من دون ادراج مشاريع قوانين حول قضية الـ 11مليار دولار التي صرفت في عهد حكومة السنيورة دون اي معايير قانونية.
واوضحت ان حزب الله لن يقبل باي محاولة لاضعاف العماد عون، وبذلك سيستخدم كل الاوراق السياسية التي من شأنها الاخذ بمطالب عون. وان كان مشاركته في اي تحركات على الارض لها محاذير طائفية ومذهبية، ورأت ان بت الصيغة الثلاثية تحتاج لمزيد من الجهد والاتصالات لكن يفترض ان تنجز قبل تشرين موعد احالة العميد شامل روكز للتقاعد.
الوطني الحرّ
مصادر في التيار الوطني الحرّ اكدت ان عون سيعود الى فتح الملفات من الفساد الى السرقات في الدولة كما اشار في مؤتمره الصحافي وهو سيلعبها «علي وعلى اعدائي يا رب»، فالتفاهم على آلية مجلس الوزراء سيصبح من سابع المستحيلات وربما العودة الى الجلسات التشريعية ايضاً، وشددت على ان علاقة عون بالحريري الى تدهور نهائي بعدما ثبت للجنرال انه هو الذي قاد الانقلاب ووضع العصي في دواليب «شاحنة» الاتفاق على انجاز التعيينات.
اما عن علاقة عون برئيس الحكومة تمام سلام، فاكدت المصادر ان حساب الجنرال مع سلام سيكون الحساب الاكبر، فوقوفه في مجلس الوزراء بمواجهة وزراء عون لن يمرّ بسهولة في حسابات الرابية.
مصادر مقربة من الوطني الحرّ، اكدت ان بين يديّ العماد ميشال عون اوراق قوة لم يستخدمها بعد، قادرة على قلب الطاولة على الجميع دون استثناء، وفي نهاية المطاف سيكون تيار المستقبل هو الخاسر وحده، ورأت ان القضية لم تعد مجرد خلاف بين المستقبل والوطني الحرّ، بل هي ازمة متعلقة بالشراكة الوطنية، وحقوق المسيحيين.
واكدت ان عون لا يملك خيار التراجع على الاطلاق، فهو لا يحمل مطالب تيار سياسي بل فريق وطني مؤسس لهذه الجمهورية، واعتبرت المصادر ان كان لدى الرئيس سعد الحريري فرصة تاريخية في الفترة السابقة من اجل استعادة دوره من الباب العريض عبر الذهاب الى تفاهم سياسي مع العماد عون، الا ان الحريري اختار الاستمرار على التحولات في المنطقة، وشددت المصادر على ان الحريري هو من يحتاج العماد عون لا العكس، فالاخير ليس لديه ما يخسره في المعركة، لكن الاول لديه اكثر من 15 سنة من العمل على بناء نفوذ سياسي قائم على غياب المكوّن المسيحي عن الواجهة.
واكدت المصادر ان المرحلة خطيرة جداً في المنطقة وتشهد تحوّلات كبرى، فشل المستقبل في قراءة ملامحها وبالتالي سيدفع ثمنها غالياً، وسألت المصادر «من سيكون الخاسر اذا كانت نتيجة المعركة النهائية تطيير الطائف»؟
بري: من حق عون التظاهر
نقل الزوار عن الرئيس نبيه بري قوله «ان من حق العماد عون التظاهر لكن ان لا يؤدي ذلك الى تعطيل الحياة العامة».
على صعيد آخر، نقل زوار بري قوله عن الوضع في المنطقة بان «الشغل ماشي، وكأن على لبنان ان يكون اول متلقفي نتائج الاتفاق النووي لكن للاسف، انصرف اللبنانيون الى التلهي بالمشاكل ولم ندع الآخرين يقدموا لنا المساعدة في هذا المجال».
واعتبر الرئيس بري ان التواصل السعودي السوري ايجابي، لكن الافضل ان لا يخرج الى الاعلام.
اقتراح تأجيل التسريح للضباط 3 سنوات
وفي معلومات من مصادر مطلعة، علم ان اقتراح تأجيل التسريح للضباط 3 سنوات كان مطروحاً منذ 5 اشهر من قبل عون عبر اللواء عباس ابراهيم، وقد تجدد هذا الطرح مؤخراً حيث ابلغ الوزير جبران باسيل الوزير علي حسن خليل منذ ايام اعادة طرح هذا الموطوع.
وبالفعل، نقل اللواء ابراهيم للرئيس بري ذلك، ولم يبد بري اعتراضاً معتبراً انه يمكن ان يناقش ويسير به.
وقد طلب باسيل في هذا الوقت التشاور مع القوات اللبنانية قبل جلسة الاربعاء في خصوص الاقتراح الآنف ذكره، لكن القوات لم تعط جواباً قبل جلسة الحكومة، وعندما طرح في الجلسة الاخيرة عدد من الاسماء لاختيار احدهم قائداً للجيش وبينهم كان العميد شامل روكز، اعتبر الرئيس بري انه لم يتم التعامل بالشكل المطلوب من قبل وزراء عون الذين رفضوا الطرح كلياً، وكان يمكن ان يختاروا روكز وينضم اليهم وزراء آخرون منهم وزراء امل وغيرهم، لكن هذا الموضوع انتهى.
خلاف بين الجنبلاطيين والارسلانيين
على صعيد آخر، عُلم ان المهرجان الذي اقيم في بلدة بيصور لوضع حجر الاساس لمبنى اتحاد بلديات الغرب سبقته اشكالات تطورت الى انقسام حاد بين الاشتراكيين والحزب الديموقراطي اللبناني، لا سيما ان هناك تباينات كبيرة بين الطرفين على خلفية الاوضاع في سوريا وما يجري في جبل الدروز.
اما ما جرى، فان الارسلانيين امتعضوا من تغيير اسم النــائب طلال ارســلان الدعوة الموجهة لحضور الاحتــفال وحصرها برعاية وحضور النائب وليد جنبلاط، فكان ان طالب الارسلانيون ومعهم شيخ العقل ناصر الدين الغريب استقالة كل البلديات المحسوبة على النائب ارسلان وكادت الامور تتطور الى هذا الحد، الى ان نجحت الاتصالات بالوصول الى حلول على ان يُلغى وضع اللوحة باسم جنبلاط وتقتصر على وضع حجر الاساس.
واشارت المعلومات، الى ان الاحتفال لم يشهد حشداً جماهيرياً وسياسياً نتاج هذه التشنجات، ولم يحضر ارسلان الى مكان الاحتفال بل اقتصر حضوره حفل الغذاء الذي اقامه النائب غازي العريضي في قصره على شرف جنبلاط والحاضرين.
وقالت مصادر ارسلانية، ان النائب ارسلان شارك من باب الصداقة والتقدير للعريضي وليس لتلبية دعوة «التقدمي الاشتراكي»، ما ترك استهجان الاشتراكيين عن غيابه عن وضع حجر الاساس لمبنى اتحاد بلديات الغرب.