نجحت الديبلوماسية الإيرانية ومعها مجموعة من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية في التوصل إلى اتفاق تاريخي بين إيران وهذه الدول حول البرنامج النووي للجمهورية الاسلامية الإيرانية، وعملت الدول الست وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية، على منع إيران من امتلاك المقدرات النووية التي تخولها الإقتراب من صنع القنابل العسكرية، وحرصت على إبقاء البرنامج النووي الايراني في سياق الاستفادة العلمية وتأمين الطاقة، وبدورها حرصت الجمهورية الاسلامية على الإستجابة للرغبات الغربية في سبيل تأمين مصالحها الاقتصادية بالدرجة الأولى، فولد الإتفاق التاريخي بين إيران والدول الست، الأمر الذي باركته وشجعته غالبية الدول في العالم باستثناء دولة إسرائيل التي أعربت عن امتعاضها من هذا الاتفاق وأعلنت معارضتها له ولا تزال حتى اليوم تتحدث عن رفض هذا الإتفاق ومساوئه على الدولة الاسرائيلية.
إن الإعتراض الإسرائيلي على امتلاك الجمهورية الاسلامية الإيرانية للقدرات النووية، ليس وليد اللحظة التي جرى فيها التوقيع على الاتفاق النووي، بل أن هذا الإعتراض يعود الى سنوات عدة، حيث هددت القيادة الاسرائيلية مرارا
بتدمير المفاعلات النووية الايرانية عبر هجوم عسكري على إيران، إلا أن حرص الولايات المتحدة الأميركية على التفاوض كان أقوى من اللجوء إلى الحل العسكري، وبالتالي منع اسرائيل من القيام بأي هجوم عسكري على إيران .
واما اليوم وبعد التوصل الى الاتفاق وتوقيعه ارتفعت أصوات المعارضة الإسرائيلية مجددا رفضا للإتفاق من جهة، ومن جهة ثانية بسبب التحسس الإسرائيلي من الإقتراب الدولي تجاه البرنامج النووي الإسرائيلي الذي يعتبر البرنامج الأخطر في المنطقة والبرنامج الوحيد الذي لا يخضع للرقابة الدولية عبر الوكالة الدولية للطاقة .
وفي هذا السياق تأتي الحملة الاسرائيلية ضد الإتفاق النووي الايراني يرافقها القلق الإسرائيلي من احتمال أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ قرار بفرض رقابة دولية على الأنشطة النووية الإسرائيلية وخصوصا على مفاعل ديمونا النووي، وتنشط الدبلوماسية الاسرائيلية في الأسبوعين الأخيرين بهدف إحباط اتخاذ قرار كهذا في منتصف أيلول المقبل .
ويأتي ذلك أيضا بالتزامن مع تحرك عربي تقوده مصر يقضي بتقديم مشروع قرار الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعنوان "القدرات النووية الإسرائيلية" الذي يندد بإسرائيل ويطالبها بفتح منشآتها النووية أمام مفتشي الأمم المتحدة ويدعو إلى عقد مؤتمر دولي حول نزع السلاح النووي من الشرق الأوسط. وفي هذا السياق فإن القادة الإسرائيليين ما زالوا تحت وطأة التصريح الشهير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي الذي قال فيه أن النووي "الإسرائيلي" سيكون على المشرحة الدولية بعد الانتهاء من معالجة الملف النووي الإيراني .
وكانت وسائل الإعلام الاسرائيلية تحدثت عن تحركات مصرية مكثفة خلال الفترة الأخيرة لفرض الرقابة على برنامج إسرائيل النووى.
وكذلك كشفت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أيضا ، أن إسرائيل بدأت فى الفترة الأخيرة حملة دبلوماسية ضخمة حول العالم بهدف إحباط التحركات المصرية على المستوى الدولى وإفشال أى مشروع قرار يدعو إلى فرض الرقابة على منشآتها النووية. ورغم أن إقرار مشروع القرار العربي لا يلزم إسرائيل إلا أن من شأنه أن يلحق بها ضررا سياسيا كبيرا وتركيز انتباه العالم على البرنامج النووي الإسرائيلي، الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى خطوات أخرى من جانب الوكالة الدولية ضد إسرائيل.
وتبرز خطورة البرنامج النووي الاسرائيلي باعتباره البرنامج الوحيد في العالم الذي لا يخضع لأي رقابة دولية، وتحرص إسرائيل دائما على إبعاد برنامجها النووي عن مؤسسات الرقابة الدولية والإعلام مع العلم أن عمر البرنامج النووي الاسرائيلي قد تجاوز العشرين عاما، وفي الوقت الذي كانت الجمهورية الاسلامية تتفاوض مع الدول الست حول برنامجها النووي كانت إسرائيل تستخدم السلاح الكيماوي في حربها ضد غزة منذ عام ونيف، حيث استخدم الجيش الاسرائيلي الفوسفور الأبيض وهي المادة الكيميائية المحظورة من الأمم المتحدة .
والمعلومات عن البرنامج النووي الاسرائيلي قليلة إلا ان المعلومات المشهورة تقول ان اسرائيلي تمتلك أكبر سلاح نووي في الشرق الأوسط ويضم ما بين 200 الى 400 رأس نووي وأن أشهر مفاعل نووي اسرائيلي هو مفاعل ديمونة الذي تقوم إسرائيل من خلاله بصنع رؤوس نووية ووضعها في صواريخ بالستية أو طائرات حربية أو حتى في غواصات نووية موجودة في ميناء حيفا .