العربي الجديد - كاتيا يوسف –
لبنان، ذلك البلد الصغير بمساحته، ساهم بعدد لا يستهان به من الإبداعات في كافة الميادين. ومن الطبيعي أن يفتخر أبناء أي وطن بمفكريهم وأطبائهم وعلمائهم حين تلمع أسماؤهم عالياً، وأن يتعرّضوا في المقابل لانتقادات تهدف إلى التقليل من شأنهم. حين فازت جورجينا رزق بلقب ملكة جمال العالم في عام 1971، انتشرت صورها في صحف العالم ومجلاّتها، وكرّمتها الجمهورية اللبنانية بإصدار طابع بريدي فلكلوري لها. لفت جمال رزق الكثير وخصوصاً رجال السياسة. وترسّخت صورة صاحبة الجمال الأسطوري حتى باتت رمزاً يضرب به المثل، وراح غالبية الناس يذكرون اسمها حين يتحدّثون عن الجمال.
لا يعتبر فوز رزق حالة نادرة بالنسبة للبنانيين، الذين أبدع العديد منهم خارج حدود الوطن وفي مختلف المجالات العلمية والثقافية وغيرها. وغني عن الذكر إبداع المفكّر والأديب جبران خليل جبران الذي اشتهر في العالم الغربي بكتابه “النبي”، والعالم حسن كامل الصباح الذي أطلق عليه لقب “أديسون الشرق”، وغيرهما الكثير من المبدعين.
لم يسلم اللبناني حتى من انتقادات الصحافة الأجنبية، فنشرت “مايند كاندي” وهي مؤسّسة ترفيهية بريطانية، على موقعها على الإنترنت في 29 يونيو/حزيران 2015، أسماء وصور أبشع الحائزات على لقب ملكات جمال العالم عبر التاريخ. وكشفت عن سبب افتقار كلّ منهنّ لمعايير الجمال المطلوب توفّرها في الملكة. اللافت لا بل المثير للدهشة أن تتضمّن تلك القائمة إحدى أجمل جميلات لبنان لعام 1970 وملكة جمال العالم لعام 1971 جورجينا رزق التي أبهرت الحضور والمشاهدين بجمالها. والجدير بالذكر أنّ الكاتب لم يتجاهل جمال رزق الباهر واعترف بامتلاكها مقاييسه، إلاّ أنّه أشار إلى أنّها أخفت سرّاً خلقياً عن لجنة الحكم، كاد يطيح بتاجها ويبدّل رأي اللجنة بشأنها.
لم تسلم العديد من ملكات جمال دول أخرى من التعليق على أشكالهنّ، وكان لـ “زوليكا ريفييرا” من بورتوريكو، حائزة اللقب لعام 2006، الفضيحة الأكبر بشأن عملية تكبير صدرها حيث يبدو أحدهما أكبر حجماً من الآخر وكأنّها متحوّلة جنسياً، ووصفت بأنّها في أدنى قائمة ملكات جمال العالم. وتلتها بروك لي من هاواي التي توّجت ملكة جمال الكون لعام 1997 ووصفها المقال بأنّها متوسطة الجمال وأي خبير قد يلاحظ تدّلي اللحم تحت الإبطين لديها، فضلاً عن الركبة العملاقة التي يستحيل أن تدخل صاحبتها ضمن مسابقات جمال العالم. ومن دولة ناميبيا طالت الانتقادات ميشال ماكلاين، التي فازت عام 1992 بالتاج، على الرغم من خديها العريضين وشفتيها الرقيقتين وكتفيها الكبيرتين بشكل مخيف، مما شكّل لغزاً حول سبب فوزها باللقب لغاية يومنا هذا. إلقاء نظرة سريعة على العيوب التي حملتها كلّ من ملكات الجمال، التي ذكرها الكاتب، يثير الفضول حين تطلّ صورة رزق بينهن، ويطرح العديد من التساؤلات.
ويستمرّ الكاتب بتعداد أقبح الجميلات فيصف، ويندي فيتزويليم، من ترينيداد جنوبي الكاريبي التي حظيت بلقب ملكة جمال الكون لعام 1998، بالمشوّهة والمخيفة، إذ يبلغ طول أصابع يديها نحو خمسة ملليمترات ورموشها قصيرة جداً وعرض أذنيها غير متناسق وبشكل واضح. وعن ملكة الجمال الفنزويلية لعام 2008، ديانا ميندوزا، يلفت المقال إلى صداقتها وعلاقتها الودودة مع قضاة لجنة التحكيم بإشارة منه إلى السبب وراء فوزها باللقب على الرغم من شحمتي أذنيها المربعتين وحاجبيها الرجوليين.
وكلّما أمعنّا في قراءة المقال، استهجنّا حضور اسم رزق وخصوصاً بالنسبة لكلّ شخص عرفها أو رآها حيث تستحيل مقارنتها بهنّ، وهو أمر صادم ومجحف بحقها وحق بلدها لبنان، الذي حملت رايته إلى العالم.
وتطول القائمة حتّى تصف تشيلسي سميث، الأفريقية الأميركية، ملكة جمال عام 1995، بشناعة خديها اللذين يشبهان وجوه الضباع وذقنها المزدوج، ويلفت إلى أنّ المصيبة الأكبر أن تصبح من بين قضاة التحكيم في العديد من مسابقات الجمال. حتى يبدأ الكاتب الحديث عن رزق، ويبدو عاجزاً عن نعتها بالقبح كما الأخريات، فيقول إنّه على الرغم من امتلاكها معايير الجمال ووضوح جمالها بشكل جليّ للجميع، بيد أنّ ذلك لا يلغي أنّها لم تبلّغ لجنة الحكم بأنّها ولدت بأصبع زائد في قدمها اليسرى، وتسبّب كتمانها الموضوع بفضيحة كادت أن تخسر معها تاجها.
إنّ وضع اسم رزق بين أبشع عشر ملكات جمال العالم، يبقى مسألة بعيدة عن المنطق وغامضة، حتى بعد محاولة تبريرها بذلك الأصبع الزائد الذي تطرّق إليه الكاتب. فالأمر لا ينتقص من جمالها، هذا إن كان حقيقة واقعة وليس محض خيال ابتكرته أفكار الكاتب. ومجرّد النظر إلى رزق، يُظهر أنّ المقال يفتقر إلى المصداقية حين يضمّ تلك السيدة المتألّقة المميّزة التي لطالما أبهرتنا بابتسامتها وملامحها الرّائعة.