مرت خطوة التمديد الثلاثي لقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير امس بهدوء، من غير ان يعني ذلك ان تداعيات هذه الخطوة قد طويت لدى رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون الذي تريث في اعلان رده عليها الى السبت المقبل.
وقد وقع وزير الدفاع الوطني سمير مقبل قرارات تأجيل تسريح قائد الجيش العماد قهوجي حتى 30- 9 - 2016 ورئيس الاركان اللواء سلمان حتى 30– 9 - 2016 والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير حتى 21- 8 - 2016 وحملت القرارات تباعا الارقام 1091، 1097 و1089. ثم قام مقبل بزيارة للعماد قهوجي قبل ان ينضم الى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء تمام سلام في الوفد الرسمي الى الاسماعيلية حيث شهدوا الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعادوا مساء الى بيروت.
وبدت المعطيات التي أعقبت خطوة التمديد الثلاثي متناقضة تماما بين القوى المؤيدة للتمديد والفريق العوني من حيث تبيان الدوافع التي أملت الخطوة، علما ان الانتكاسة التي مني بها الفريق العوني رسمت الكثير من التساؤلات ليس عن مسار المعركة السياسية المتعددة الاتجاه التي يخوضها فحسب، بل ايضا عن التمايزات الواضحة والعميقة بين حساباته الداخلية وحسابات حلفائه ايضا باعتبار ان خطوة التمديد لم تثر لدى هؤلاء الحلفاء ردة فعل سلبية.
وقالت مصادر وزارية مؤيدة للتمديد لـ"النهار" إن عملية احتواء نجاح التمديد للقيادات العسكرية بدأت أمس بعد فشل عملية التعيين في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة. وبدا واضحا أن هناك شبه إجماع في المجلس على تأييد القرارات التي اتخذها وزير الدفاع امس بالتمديد لقهوجي وسلمان وخير سنة. فقد اتصل جميع الوزراء باستثناء وزيريّ "التيار الوطني الحر" بالعماد قهوجي مهنئين كما اتصلوا للغاية نفسها باللواءين سلمان وخير.
وأضافت المصادر أن العماد عون تبلّغ عبر القنوات الديبلوماسية موقفا روسيا - أميركيا بالتزام الحكمة واعتماد المعارضة السياسية بعيدا من أي تهديد باللجوء الى الشارع بما يهزّ الاستقرار اللبناني ويضرّ بالمؤسسة العسكرية ويعطّل الحكومة. وفي الوقت نفسه أبلغ من يعنيه الامر أن الجيش سيتصدى بقوة وحزم لأي مس بالإستقرار. وكان المؤشر لذلك الانتشار الذي نفذته وحدات من الجيش لدى انعقاد جلسة مجلس الوزراء الاربعاء. ووصفت المصادر ما أشيع عن مشروع تسوية لا يعدو كونه مبادرة إعلامية، فضلا عن أن هناك معارضة قوية داخل قيادة الجيش لما طرح في شأن تأجيل تسريح العمداء مما يرفع عدد هؤلاء الى 700 الامر الذي يخلّ بتوازن المؤسسة.
التكتل لن يسكت
في المقابل، أكد مصدر مقرّب من الرابية لـ"النهار" أن "تكتل التغيير والاصلاح" لن يسكت على "هذا الانقلاب المتمادي على الميثاق والدستور وقوانين الأمة، وآخر تجلّياته تأجيل تسريح قائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع". وقال: "لقد عطّلوا حلاً سعى اليه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم والوزير نهاد المشنوق، والقاضي باقتراح تعديل قانون الدفاع الوطني لرفع سن تقاعد الضباط ثلاث سنوات، بحجج مختلفة كالكلفة أو التخمة أو الهيكلية، ونفذوا انقلابهم. لذا فان هذا الانقلاب المتمادي لن يمرّ لا من نافذة رئاسة الجمهورية ولا من نافذة مجلس النواب ولا من نافذة مجلس الوزراء، وبالتالي لن يشرّع بأي وجه من الأوجه. نحن ديموقراطيون ونظامنا برلماني ديموقراطي والشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، وهو الذي يحاسب، فإذا حالوا دون المحاسبة في صندوق الاقتراع عبّر عن غضبه المشروع بوسائل أخرى تعيد اليه حقوقه".
لذا اعتبر المصدر ان " العودة الى الشعب هي خيار ديموقراطي وطبيعي تحت شعار "لا للانقلاب على الدستور والميثاق، نعم للتشاركية"، وبالتالي فإن التصعيد في الشارع هو أحد الخيارات المطروحة، والعماد ميشال عون هو من يحدد توقيت التحرك والمكان والحجم والمناسبة".
وفي هذا الاطار، سيعقد اجتماع استثنائي للتكتل العاشرة صباح السبت في الرابية للبحث في ما آلت اليه التطورات السياسية والتمديد للقيادات العسكرية، وفي ضوئه تتخذ القرارات ويعلن ما يجب الافصاح عنه منها. وختم المصدر: "أن المناخ تصعيدي بامتياز ما لم يتم تداركه قبل فوات الأوان".
ولوحظ في هذا السياق ان البيان الذي أصدرته أمس "كتلة الوفاء للمقاومة " لم يتطرق مباشرة الى موضوع التمديد للقيادات العسكرية، بل شدد على ان "الاولوية الراهنة هي لملء الشغور في سدة رئاسة الجمهورية ودعم كل مبادرة تسهل استنئناف الدور التشريعي لمجلس النواب وتعزز مناخات الحوار والتفاهم والتوافق بين الكتل النيابية". كما دعا تيار "المستقبل" الى "فتح الابواب أمام المخارج المطروحة للمسائل المختلف عليها وضرورة ملاقاتها تجنباً لتفاقم المعضلات عوض المضي في سياسة التصعيد والتعقيد التي تطيل الازمة".
أزمة النفايات
على صعيد أزمة النفايات، لم يطرأ جديد أمس سوى اعادة طرح الازمة على اجتماع لجنة البيئة النيابية الذي استمر ثلاث ساعات برئاسة النائب مروان حماده وحضور وزير البيئة محمد المشنوق. واذ أوصت اللجنة الحكومة "بتحرير النفايات من السياسة"، أبلغ الوزير اللجنة انه ينتظر الثلثاء المقبل لفض عروض المناقصات، وشدد حماده من جهته على " تحرير هذه الازمة من السياسة نهائيا لانه لا يجوز ان نخلط التعيينات والاليات وتقاسم الحصص في موضوع يطاول حياة كل لبناني".
وتحدثت مصادر متابعة لملف النفايات عن حل ضمني وفقاً لتسلسل زمني، فقالت إن تيسير المناقصات لمناطق في محافظة جبل لبنان عند فض العروض الثلثاء 11 آب سوف يليه إذا تحقق رفع تقرير إلى مجلس الوزراء لينظر فيه خلال جلسة الخميس 13 آب ليوافق المجلس على المناقصات ثم يكلف مجلس الإنماء والإعمار وضع شروط مناقصة معمل التفكيك الحراري لنفايات بيروت وضاحيتها، والتي يمكن أن تشارك فيها "سوكلين" وشركات أخرى، علماً أن ثمة إتجاها إلى إنشاء المعمل في منطقة "الكوستابرافا" وأن العمل في ورشته يمكن أن يستغرق نحو سنة.
ويعوّل معنيون بهذه القضية على استجابة من رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، بعد أن يلمس جدية في الحلول الموضوعة ككل، يتمثل في إعادة فتح مطمر الناعمة مدة محدودة ونهائية لاستقبال كميات محدودة أيضاً من النفايات قياساً بالسابق، وفي موازاة تنشيط عمل البلديات في عدد كبير من مناطق جبل لبنان.