كتب الصديق جميل ضاهر على صفحته على "فايسبوك": "زوجة أخي علي حضرت من أميركا إلى بيروت لسبب وفاة اختها ... ولتتعرض لحادث (كهربائي منزلي) أدى الى وفاتها ايضاً ... بلد بلا كهرباء يقتل العائدين اليه بسبب الفشل الذي يقتلنا يومياً".
أما رشا الأطرش فلفت انتباهها أمر آخر وهي محقّة فيه، اذ كتبت على صفحتها: "هالسكوت العوني على شركة سوكلين... مش شايفته عادي... خير انشا الله مرضانين؟".
أما اقتراح استبدال ترحيل الزبالة إلى السويد بترحيل اللبنانيين مكانهم على أن تبقى الزبالة ويبقى السياسيون في البلد، فهذا أيضاً ما ضجّت به وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع.
ثمة ما يمكن ملاحظته في هذه النتف من حكايات الصيف في لبنان، وهو أنه وفي ظل النشاط الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد من الممكن خنق الحياة العامة. قرار تعطيل الحياة السياسية والتفرغ للقتال في سوريا وجد اليوم من يقاومه. ومن يتولى هذه المهمة هم أنفسهم من سبق أن نجحت النخب الحاكمة في مصادرة خياراتهم.
"حزب الله" يريد أن يُخفي عدد قتلاه في سوريا. المهمة صارت مستحيلة. "تويتر" و"فايسبوك" يحصيان أنفاسه في القرى التي يشيّع فيها الفتية الذين يُرسلهم إلى أقدارهم في سوريا.
وزراء "تيار المستقبل" يخوضون معركة شركة سوكلين مستفيدين من صمت عوني ومن تواطؤ حركة "أمل"، فتظهر صفحة رياض الأسعد بصفتها منبراً فردياً يمكن لأي لبناني أن يقرأ فيها القصة كاملة. وعلى هامش هذه القصة خاضت الناشطة زينة علوش من كندا، أيضاً على صفحتها على "فايسبوك"، معركة الشاب طارق الملاح الذي أوقف أثناء أعمال شغب واحتجاجات ترافقت مع أزمة النفايات، لنكتشف لاحقاً أنه هو نفسه من كان كشف عن تعرضه لاعتداء جنسي في دار الأيتام الإسلامية، وهو ما كان الوزير رشيد درباس اعتبره تعرضاً للطائفة السنّية.
الصحافة التقليدية قصيرة الذاكرة وغير خصبة الخيال لا مكان فيها لسؤال بديهي عن فضيحة الكهرباء في ظل موجة الحر التي نشهدها، ويتمثل السؤال في أن التيار العوني يتولى ومنذ أكثر من 4 سنوات حقيبة الكهرباء الوزارية، وكان نجم التيار الوزير جبران باسيل أطلق منذ سنوات وعوداً وصرف مبالغ هائلة كانت نتيجتها أننا اليوم نعيش في ظل الحد الأدنى من الكهرباء منذ أكثر من عشر سنوات. وهذه الحقيقة أيضاً نقلتها وسائل التواصل الإجتماعي في اليومين الأخيرين على نحو واسع، وأرفقتها بخبر يحتاج إلى تدقيق عن شراء باسيل طائرة خاصة من الوزير السابق عدنان القصار.
القول إن الاستغراق في نقاش فضائح النفايات والكهرباء وفساد الوزارات يهدف إلى حجب أنظار اللبنانيين عن معضلات كبرى أغرقهم فيها الفراغ السياسي، ليس دقيقاً.
السياسة أصلاً هي تصريف حاجات الناس على نحو أكفأ، قبل أن تكون قتالاً واغتيالاً وانقسامات. لا بل أن خطر تعطيل الدولة عبر منع انتخاب رئيس أو عبر القتال في سوريت، يتمثل تحديداً في أنه سيؤدي إلى انهيار مهمة السياسة بصفتها تصريفاً لحاجات الناس.
أزمة النفايات كما أزمة الكهرباء هي استكمال لمهمة إلغاء الدولة وإرسالها في مهمة خارج الحدود. ووسط هذه العتمة تبقى السوشيل ميديا وسيلة إزعاج لمن يتولون المهمة.
المصدر: ناو