اللبنانيون يعيشون ظروفاً قاسية، والمصائب تلاحقهم من كل الجهات فلا كهرباء ولا مياه والحرائق حولت الاخضر الى رماد، والامن يتراجع وقضية النفايات ما زالت من دون حل وسط انتشار الروائح الكريهة حيث تمنع المحاصصات المالية من الوصول الى اي حل في ظل تضارب بين الشركات العائدة الى زعماء الطوائف ومن يرسو عليه الالتزام هنا ومن يأخذ التلزيم هناك، هذا مع العلم ان العديد من المناطق اللبنانية شهدت حركة احتجاجية على قطع الكهرباء، كما تم قطع طريق المطار ليلاً واشعلت الاطارات.
الخلافات بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون باتت علنية وواضحة واخذت امس منحى جديداً عبر انتقاد بيان التيار الوطني الحرّ لممارسات حركة امل في وزارة المالية بشخص الوزير علي حسن خليل، كما ذكر بيان التيار باجراءات للوزير السابق ياسين جابر في العام 2005 وما يتعلق باصدار يوروبوندز واين ذهبت الاموال المتبقية.
ورغم الجهود التي يبذلها حزب الله بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون فان التباعد بين الطرفين ما زال شاسعاً جداً، حتى ان الوزير السابق سليم جريصاتي الذي تلا بيان تكتل التغيير والاصلاح بعد اجتماعه الاسبوعي «لحمها» من جهة المجلس النيابي وقانونيته مع الرئيس بري عاد و«فك اللحام»، عبر انتقاداته لاداء حركة امل في وزارة المال بشخص وزير المالية علي حسن خليل الذي سيرد على انتقادات التيار اليوم بمؤتمر صحافي يشرح فيه كل النقاط التي تطرق اليها جريصاتي.
وكان الوزير السابق جريصاتي قد قال: «ما هو مطلوب اليوم هو مبلغ 873 مليار بموضوع الرواتب والاجور، ان كانت زيادة، هل تم استخدام وتوظيف هذه الكمية من الاموال؟، لذا هذا المبلغ بحاجة لتوضيح من قبل وزارة المال».
واردف: «في قانون اليوروبوندز، اقترح النائب ياسين جابر هذا الاصدار في 24 شباط في العام 2005، وتبقى من اصل المبلغ 800 مليون دولار، نسأل اين ذهبت»، لافتاً الى ان «الاستدانة في لبنان لها سقوف، ونريد ان نعرف ما هو الوقت المطلوب اداريا لتحضير مثل هذا الاصدار».
وتابع: «اما بالنسبة الى القروض من وكالة التنمية الفرنسية، فنقول: «ابحثوا عن الموضوع الذي اسقط القروض وليس المهل»، موضحاً ان «القروض المقرونة بمهل وشروط، والكثير من الشروط غير متوافرة اصلا بمعزل عن المهل، اذا الخلاصة انه في السياسة لا احد يستطيع الضغط على التيار «الوطني الحر» بمواقف مبدئية وبملفات تحتاج الكثير من التوثيق والحجج».
وسيرد الوزير علي حسن خليل بالتفصيل على كل هذه النقاط.
اما الرئيس نبيه بري فعبر عن استيائه من هذا الكلام، ورفض التعليق على بيان التكتل لجهة الاشادة بدوره وما تضمنه البيان من «ان المجلس قانوني بالامر الواقع».
واضاف بري امام زواره لم ازد على الكلام الذي قلته عن موقفي من التيار الوطني الحر منذ ايام، وظروف البلد صعبة جداً، والمشاكل من حولنا كبيرة وبالتالي فان ممارسة سياسة التعطيل وشل البلد لن تؤدي الى اي نتيجة، المطلوب العمل لحل المشاكل.
وكان الرئيس بري قد قال في تصريحه الاخير الاحد الماضي انه يرفض التصويت للعماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر كمرشح للرئاسة اللبنانية، لان الاخير يتهم مجلس النواب بانه غير شرعي بسبب التمديد للبرلمان عدة مرات.
واستغرب بر ي كيف ان العماد ميشال عون لا يزال يصر على اعتبار مجلس النواب الحالي غير شرعي، بسبب التمديد، وفي الوقت ذاته لا يجد حرجا في ان يطلب من هذا المجلس «انتخابه رئيساً للجمهورية؟».
واضاف: «انا شخصياً لا اقبل هذا المنطق، وارفض التصويت لمن يقول عني انني غير شرعي»، واذا كان عون يريد ان يتمسك بهذا الطرح، فانا من جهتي «اتمسك باحترام كرامتي وكرامة المجلس».
على صعيد آخر، اكد بري رفضه لاستقالة رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، قائلا: «على كل من يهمه الامر ان يعلم انني والرئيس تمام سلام واحد، وبالتالي فان خيار استقالته مرفوض، ومن يدفع في هذا الاتجاه انما «يدفع نحو الخراب».
علما ان تصريح الرئيس بري زاد من رقعة الخلاف وادى الى تدخل سريع من حزب الله لمنع تفجير الامور.
ـ الوضع الحكومي والاحتمالات المفتوحة اليوم ـ
اما على الصعيد الحكومي فلا حلول بعد، والبلد امام امتحان مفصلي اليوم، وعلى ضوء مسار الجلسة فان العماد ميشال عون سيقرر خطواته، وستكون تصعيدية في حال تم التمديد لرئيس الاركان اللواء وليد سلمان لمدة سنتين.
وفي تفاصيل الاتصالات التي جرت امس، فانها لم تتوصل الى تجاوز قطوع التمديد لرئيس الاركان، وان جهة امنية طرحت رفع سن التقاعد للضباط لمدة سنتين، لتجاوز موضوع التمديد لرئيس الاركان، وهذا الاقتراح تم تداوله بين الاقطاب السياسيين في البلاد، وحسب المعلومات وخلافاً لما تم ترويجه فان العماد ميشال عون لم يوافق على هذا الاقتراح، رغم انه لم يقفل باب الاتصالات في شأنه. وفي المعلومات ايضاً بشأن هذا الاقتراح ان قيادة الجيش عارضت الامر، كما انه يحتاج لمشروع قرار في مجلس النواب، وما زال المشروع قيد الدرس وان تراجعت نسبة نجاحه.
اما على الصعيد الحكومي وجلسة اليوم، فكرر وزير الدفاع سمير مقبل التأكيد بانه سيطرح 3 اسماء فاذا تم التوافق على اي من الاسماء الثلاثة سيعين، اما اذا لم يتم التوافق فسيستخدم الصلاحية المنوطة به قانونيا والقاضية باصدار قرار بتأجيل تسريح اللواء سلمان، وعما ذكر عن صدور قرار بالتمديد سنتين للضباط قال: انه يتعاطى مع كل ملف على اساس مقاربة كل استحقاق في موعده، واذا تم التوافق بين القوى السياسية على السلة الكاملة فعلى القوى السياسية ابلاغي لاتخاذ المقتضى.
وعلم ان وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله والطاشناق والمردة، سيصوتون لصالح احد العمداء مروان حلاوي، وان التعيين بحاجة للثلثين وعلى ضوء مسار التصويت سيتحدد من هو المعرقل للتعيين؟ واذا تم التمديد للواء سلمان فان العماد عون سيتخذ مواقف تصعيدية وكل الخيارات عنده ستكون مفتوحة.
ـ حزب الله ـ
اماحزب الله فسيدخل الى الجلسة مع التيار الوطني الحر بموقف موحد وموقف حزب الله معلن وليس سراً كما يقول وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، «نحن مع كل ما يطالب به التيار وندعو الى تعيين رئيس للاركان والمجلس العسكري كله سلة واحدة». ونحن مع التعيينات وبغالبية الثلثين، اما التمديد وبحسب قرار صادر عن وزير الدفاع فلا احد يعرف اين منشأ هذه الفكرة القانوني، فالمطلوب دور لمجلس الوزراء فهو من يعين، اما اذا انتهت مهلة التعيين فلا يحل مكان المجلس الا المجلس. واذا اعترض وزير او مكون واحد فيمكن ان يغض النظر اما اذا اعترض اكثر من مكون «فلا».
واشار الوزير فنيش عن وجود تباين بين الرئيس بري والتيار والحزب يسعى لطي هذه الخلافات بين الحلفاء وهذا ما نعمل عليه.
ـ اوساط سلام: ملف النفايات له الاولوية ـ
وقالت اوساط قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام انه من المفترض ان تبحث جلسة اليوم في ثلاثة ملفات هي: ملف النفايات الذي يجب ان تكون له الاولوية، آلية عمل الحكومة وتعيين رئيس لاركان الجيش، اضافت ان مسار النقاش بما يتعلق بملف النفايات يتوقف على موقف الذين يرفضون بحث اي بند من جدول الاعمال قبل بت آلية عمل الحكومة، مشيرة الى ان عدم اعتراض هؤلاء في الجلسة السابقة مرده الى ان الرئيس سلام هو الذي تطرق الى ملف النفايات في اطار عرضه للاوضاع الداخلية، وبالتالي لا يستطيع اي وزير الاعتراض على ما يطرح الرئيس سلام.
واضافت انه من المتوقع اذا سارت الامور بشكل طبيعي ان يطرح وزير البيئة ملف النفايات والمعالجات المطروحة له.
واوضحت الاوساط ان الرئيس سلام كان فعلاً في وارد تقديم الاستقالة قبل بضعة ايام، لكن في ظل التمنيات الداخلية والعربية والدولية كان لا بد من التريث الا ان هذا الخيار ما زال قائماً. فاذا وجد الرئيس سلام ان الوضع الحكومي وصل الى طريق مسدود، وان عمل مجلس الوزراء محكوم بالتعطيل فعند ذلك سيتخذ القرار المناسب.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر وزارية ان اجواء جلسة اليوم غير مريحة، نظراً لاستمرار البعض في عرقلة بحث اي بند قبل آلية عمل الحكومة، واضافت ان هناك بندين رئيسيين يتقدمان على آلية عمل الحكومة وهما ملف النفايات والوضع المالي في ضوء تحذيرات وزير المال علي حسن خليل من عدم القدرة على دفع الرواتب الشهر المقبل.
ورجحت المصادر، ان لا يخرج مجلس الوزراء بقرار بما يتعلق بتعيين رئيس للاركان في الجيش نظراً للخلافات القائمة بين مكونات الحكومة حول التعيينات الامنية. وتوقعت ان يصدر وزير الدفاع مرسوماً بالتمديد لرئيس الاركان الحالي.
ـ ملف المخطوفين العسكريين ـ
اما على صعيد ملف المخطوفين العسكريين فقد علم ان الموفد القطري سيصل الى لبنان لترتيب عملية التبادل بعد ان تم انجاز الصفقة وقدم لبنان مطالبه وعلم ان الصفقة تم انجازها لجهة عملية التبادل، ويبقى تحديد التوقيت واذا كان التنفيذ سيتم على مرحلة او مرحلتين، والامور حتى الان «ماشية» وربما كان التنفيذ في وقت قريب.