في ظل أزمة النفايات وما ترتب عليها من تداعيات وحلول ( لم تثمر) ، ومع ما طرح مؤخراً من حل ألماني للخروج من هذه الأزمة ...
كان لموقع لبنان الجديد اتصال مع مستشار وزير الإقتصاد والخبير الإقتصادي جاسم عجاقة ، للتوقف معه عند كل جوانب هذه المشكلة وعند الحلول المطروحة والممكنة وتأثيراتها ...
وعند سؤاله ، عمّن يتحمل مسؤولية هذه الأزمة بالدرجة الأولى الدولة أم سوكلين ؟
إعتبر البروفيسير جاسم ، أن الدولة هي من تتحمل المسؤولية لأنها لم تحاسب هذه الشركة التي لم تنفذ العقود ، ولم تلتزم بشروطه من الفرز والطمر والجمع والكنس ....
وتساءل البروفيسير لماذا الدولة لم تقم بمحاسبة الشركة !
وعن رفع ميسرة سكر للمسؤولية عن نفسه وعن شركته وتحميلها للدولة خلال إطلالته في برنامج كلام الناس متذرعاً بعدم تأمينها المستلزمات للإلتزام بكل بنود العقد ؟
اعتبر البروفيسير أنه مهما برر ومهما أعطى من حجج الشركة لم تقم بمهاماتها ، ولم تلتزم بشروط العقد ..
إلا أنّ الدولة اللبنانية هي من تتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية ملف النفايات لأنها لم تحاسب شركة سوكلين .
أما عن تأثير الأزمة السلبي على الإقتصاد اللبناني ، فقد إعتبر أن الملف له تداعيات على المدى المتوسط والبعيد ، في حين على المدى القصير لا تداعيات خطرة ..
وهذه التداعيات تنقسم على عدة أطر ، أولاً ، السياحة والتي هي الوجه الحضاري للبنان لن تعود موجودة لا سيما بعدما عنونت أحد الصحف اللبنانية على صفحتها الأولى "بيروت تحولت إلى مزبلة" ...
السواح الأجانب لن يزوروا لبنان بعد هذه الأزمة ولكن المغتربين سيظلون يأتون لأن لبنان بلدهم ...
إذا ، السياحة على المدى البعيد تضررت وإن إستمر حال النفايات هكذا لأسبوع او أسبوعين إنتهى الموسم السياحي تماماً .
ثانياً ، الحرارة المرتفعة ستسبب بكتيريا بسبب النفايات ، وما يقومون "برش الكلس" ، لن يحل المشكة ، فتحلل النفايات بفعل الدرجة المرتفعة التي نشهدها ولا سيما في هذين اليومين سيترك بصمة تلوث في مكانها ...
وكذلك سيكون هناك تداعيات على الناس من حساسيات ومن الأمراض ، ولكن الآن لن يكون بالخطر الكبير وإنّما الخطورة مع استمرار الأزمة وعلى المدى الطويل ..
ثالثاً ، على صعيد الماكينة الإقتصادية ككل ، النفايات لا دور لها في الحياة الإقتصادية ، ولكن تراكم النفايات قد يؤدي إلى تسكير جسدي لبعض المؤسسات الموجودة في تلك الأحياء وإيقاف بعض النشاطات الإقتصادية ..
مضيفاً ، أنّ ما يروج عبر وكالات الأخبار عن حمل النفايات ورميها في أماكن أخرى بعيدة (تهريبها )هو تمهيد لحل مؤقت ، وهذا الحل لربما إعتمده البعض حتى لا يضطروا لإغلاق طرقاتهم وأعمالهم ...
أما عن حل هذه الأزمة والخروج منها ، إعتبر الخبير الإقتصادي أنّ لحل هذه الأزمة (النفايات) يجب التعاطي مع شقين بها ، الأول : هي المشكلة الآنية بالنفايات المتراكمة على الطرقات .
الثاني : كيف سأتعامل مع النفايات المستقبلية ؟!
بالنسبة للمشكلة الآنية إعتبر البروفيسير أنّ حل تصدير النفايات هو حل جدي ويجب أن يتم البناء عليه ، لأنه ما من أحد سيستقبل "نفايات" ، اللجنة الوزارية تفتش عن مطمر في حين ما من أحد سيقبل تلويث أرضه .
ومع كل ما يقال عن أنّه حل مؤقت ولكن لا مصداقية حيث أنّ الكل على معرفة أنّه في لبنان المؤقت هو ثابت ..
أما الشق الثاني أي معالجة النفايات المستقبلية فيجب أن يترك للبلديات لأنها هي الأساس ، وهي من تدفع القسم الأكبر لذا فليترك لها التكفل في إدارة النفايات ..
بحيث تصبح كل بلدية من البلديات تتصرف أو كإتحاد بلديات أو قضاء ، وتعمد إلى إجراء نوع من المناقصات مع شركات خاصة حتى يتم جمع وفرز ... وصولاً لإعادة تدوير وتحليل النفايات .
وطبعاً حرق قسم من هذه النفايات (50%) حتى نتمكن من إنتاج الطاقة الكهربائية .
وعن الحل الألماني ، إعتبر البروفيسير أنّ اللبناني بحاجة لهذا الحل في الحالة الآنية (لأنه يريحه) ، مضيفاً أنّ الألمان على علم أنّ اللبناني لم يقم بعملية فرز لأنّ اللبناني لا يفرز ...
سوكلين كان تقوم بعملية إعادة تدوير لنسبة قليلة ، ولكن هناك أنواع أخرى من النفايات ، العضوية ، هناك من تتحلل بالأرض (البيولوجي ).
والألمان قد طلبوا صوراً لهذه النفايات حتى يتأكدو ويصدروا القرار الأخير ، وهم لديهم مقدرة الفرز ...
ولكن السؤال المطروح هنا هو كيفية التحكم بمحتوى النفايات ، ضارباً مثل الطفل الذي سبق و وجد في النفايات ومتسائلاً ماذا قد نجد بعد في النفايات ؟!
مؤكداً أنّنا أمام مشكلة مراقبة النفايات التي تصعد على البواخر للتصدير إلى ألمانيا ، فحسب معاهدة بازل هناك شروط معينة يجب أن تتقيد بها الدولة التي تصدر النفايات والدولة أيضاً التي تستورد النفايات عليها أن تكون موافقة رسمياً ، وكذلك على صعيد القطاع الخاص (الشركات) يجب ان توافق .
أي نحن يجب أن نطلب رسمياً من الألمان إستقبال نفاياتنا ، وعلى الألمان (الدولة) أن توافق ثم يتم التواصل مع القطاع الخاص .
مشيراً أنّ هذه الشروط تحققت إذ صدر بيان من السفارة الألمانية أعلن أن لا مشكلة لدى الدولة ولكن القصة ليست بيدهم ، القصة بيد القطاع الخاص ، وعلى الدولة اللبنانية أن تتواصل مع القطاع الخاص .
وأعرب البروفيسير جاسم عن خوفة من تحول الحل المؤقت في لبنان (التصدير) إلى حل دائم ...
وعن ما يشيع من حرق النفايات في البحر ، إعتبر البروفيسير أن له العديد من التداعيات ، إذ ليس بإمكاننا أن نرمي في البحار أي شيء ، هناك قوانين تمنع ولو حتى في المنطقة الدولية ...
وإعتقد أنّ هذا الحل لا يناسب حالنا ولن نستطيع القيام بها ، فالبواخر التي تقوم بكذلك "هي معامل" ولها وظيفة محددة وتحتاج لعقود .
وقال ، السؤال الذي يطرح في هذه الحالة وهو أساسي : فضلات الحرق أين ستذهب ؟ هل سترمى في البحر ؟
مؤكداً ، أنّ هذا لا يمكن أن يكون ولا أحد سيقبل به .
هنا إنتهى حوارنا مع الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة ، ليؤكد خاتماً عن أنّ الحل الآني والمنطقي هو التصدير ، ولكن على المدى الطويل على الدولة إنشاء معامل لتتحول النفايات من أزمة إلى طاقة تحرك العجلة الإقتصادية ..